عانت المرأة من حيف كبير عبر التاريخ، خصوصا إذا ما تعلق الأمر بفترة ما قبل دخول الإسلام للجزيرة العربية، فكان وضعها يختلف حسب القبيلة التي تنتمي إليها. ففي بعض القبائل مثلا كانت لا تتمتع بأي حق لأنها لا تعلوا عن كونها شيء من الأشياء التي يمتلكها الرجل.فكن يستعبدن ويورثن كالمتاع، ليس لهن استقلال بالذات فهن دوما تابعات رجل. لم يكن لنساء الحق في الإرث لأنهن يعتبرن غير حكيمات وعاقلات كفاية لإدارة ممتلكاتهن. في العصر الجاهلي كان الأب يصل ذروة غضبه إن هو أنبئ بولادة مولودة أنثى لسوء ما بشر به، فالبعض يعتبرها ندير سوء و الاخر روح شيطان، ولشدة كره العرب للإناث كانوا يدفنوهن حياة،تلك العادات البربرية مرجعيتها كما ذكرها الناقد الإجتماعي محمد أسد(1900-1992) هي الخوف من نتائج الحروب القبلية من سبي لنساء واسترقاقهن واستعبادهن واغتصابهن، وهذا فيه مساس لشرف العائلة،والسبب الثاني هو المجاعة و الأزمات المادية التي تعاني منها القبائل حينها. هو نفسه الأمر الذي قام به قائد قبيلة تميم قيس بن قاسم الذي قتل كل بنات القبيلة خشية نتائج الحروب القبلية كما ورد بكتاب :"مقاربات وجهات النظر النسبية والتطورية في وأد البنات" للكاتب جلين هاوسفتر. إن نجت المرأة من الوأد لم تنج من تشييئها فكم ورثت كالمتاع بعد وفات الزوج لتنتقل لملكية أخيه أو حتى ابنه من زواج آخر، فله الحق في التعداد دون حصر أو قانون منظم لتعداد، في مقابل دلك لم يكن للمرأة الحق في الاختيار كفرد أساس بمؤسسة الزواج،كما ليس لها الحق في الزواج من جديد إن طلقت من زواجها السابق. ظهر الإسلام بالجزيرة العربية بالقرن السابع ميلادي، وكان شمسا مشرقة كسرت تلك الليالي الظلماء التي عاشت في ظلمها وظلماتها المرأة،فكان أول من جاء بالحقوق الكاملة للمرأة، كما جاء بالدراسات الإسلامية التي قام بها أستاذ اللغة العربية والدراسات الإسلامية صاحب كتابي:"محمد في مكة" و"محمد في المدينة" وليام مونتغمري (1909-2006)، بقوله أن الإسلام أصلح وضع المرأة بإعطائها الحق في إدارة أملاكها، في الإرث، التعليم، اختيار الشريك الأنسب من أجل الزواج، الحق في المطالبة بالطلاق،...وأضاف قولا أن محمد صلى الله عليه وسلم حسن وضع المرأة كثيرا وقد ظهرت بوادر ذلك في الظهور الأول للإسلام وباقي العصور اللاحقة،وكما ذكر الأستاذ وليام فقد كانت المرأة قبل الإسلام محرومة من أي شيء اسمه: حق،رأي وملك. لعبت المرأة دورا أساسيا في بناء العالم الإسلامي بدأ بزوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، رضوان الله عليها خديجة، فقد كانت سيدة أعمال ناجحة و أول معتنقة للإسلام وأول من ساند في بناء الدعوة الإسلامية وتظهر أهميتها الكبرى بتسمية عام فقدنها وعم رسول الله بعام الحزن. عائشة رضي الله عنها زوج رسول الله كانت راوية للحديث ومعلمة. ساهمت كثيرا في نشر أحاديث رسول الله وتبليغها بعد وفاته وهي تبلغ من العمر ثمانية عشرة حتى وافتها المنية وعمرها 66سنة.سنة57هجرية. كان هناك أيضا عدد كبير من القائدات عرفهن التاريخ الإسلامي مثل شجرة الدر الملقبة بعصمة الدين أم خليل والتي لعبت دورا كبيرا في الحملة الصليبية السابقة على مصر وخلال معركة المنصورة، وهذه الانتصارات تغفر لها أمام التاريخ مكائد عدة قامت بها لثأر ممن أرادوا الانقلاب عليها. *رضية سلطانة: (1526-1210) أول حاكمة مسلمة في جنوب آسيا تحديدا دلهي، وقد نصبها الشعب عملا بوصية والدها قبل وفاته وبعد إعدام أخيها لتلجئ لشعب ضد مكائد زوجة أبيها. عرفت بحكمتها وقوتها وشجاعتها كقائدة للجيوش ومسيرة لشؤون البلاد. *راوية عطية: (1926-1997) تعد سياسية مصرية معروفة بكونها أول سيدة تكسب عضوية البرلمان في بلدها بعدما فازت بعضوية مجلس الأمة في مصر بالتحديد بانتخابات سنة 1957. كانت أول ضابطة في الجيش المصري (1956) أثناء العدوان الثلاثي على مصر وقد وصلت لرتبة نقيب. عرفت بلقبها:"أم المقاتلين الشهداء". *وسيلة بورقيبة: (1912-1999) وهي الزوجة الثانية للرئيس الحبيب بورقيبة والتي لعبت دورا أساسيا ونشيطا خلال عهده الرئاسي. كانت لها أدوار سياسية داخل وخارج تونس، وكانت داعمة للقضية الفلسطينية في تونس بعدما تم إخراج الفلسطينيين من بيروت. *جهان السادات: (1933) و اسمها الكامل جهان صفوت رؤوف، أول سيدة في تاريخ الجمهورية المصرية تخرج لدائرة العمل العام، اشتغلت كأستاذة محاضرة، وقد ارتبطت بالسادات وعمرها يبلغ الخامسة عشر وهو لا يزال ضابطا صغيرا ولم يصل لرئاسة بعد. كانت له نعم السند خلال رحلته السياسية بدأ بثورة 23 يوليو حتى تم اغتياله عام 1981. رغم كل ذلك التطور الذي عرفه وضع المرأة العربية بالمجتمع العربي إلا أننا لم نشهد امرأة على رأس دولة في حين لعبن دورهن السياسي برفقة أزواجهن حيث دفعوهم للمضي قدما لتحقيق أعلى المراكز السياسية،كما ذكرنا سابقا. غير أن هناك من دفعهن جشع السلطة لنهاية حتمية درامية لتلك المطامع السياسية، كما جسد الوضع شكسبير بمسرحيته:"السيدة مكبث" ليتضح أن الوضع عام بالعالم، حيث كانت السيدة مكبت السبب الرئيسي لدفع بزوجها لارتكاب جرائم بشعة لتجعله يؤمن بمشروعية جلوسه على كرسي الحكم ولو على حساب حروب دموية. من مجالس السياسة لدائرة المجتمع فلا تزال النساء يعانين من ظلم الأعراف والتقاليد الخاطئة، فلا يسمح لهن ببقاع ما من متابعة دراستهن والتحصيل العلمي، غصبهن على الزواج دون سن البلوغ و دون قبول منهن لشريك الحياة، تعرضهن للعنف وغيرها من المظاهر السلبية. لكنها رغم كل ذلك قطعت أشواطا طويلة لتصل كثيرات منهن لمناصب مشرفة ومدارك واسعة لم تكن لتبلغها لولى تلك النضالات المتواصلة و الاجتهادات غير المتوقفة لتحصيل العلمي. المراجع: -عادل بن يوسف،المرأة والسلطة في تونس خلال فترة الحكم البورقيبية:وسيلة بورقيبة نموذجا في نهاية حكم بورقيبة والقيادات السياسية العربية بين الصعود و الانحدار، مؤسسة التميمي البحث العلمي والمعلومات،تونس2005،ص.67-31 - قاسم عبده قاسم: عصر سلاطين الممالك التاريخ السياسي و الإجتماعي، القاهرة 2007. -جريدة العرب الدولية الشرق الأوسط،"رضية سلطانة الإمبراطورة التي حكمة دلهي"،11مارس 2012 العدد12157"