ترسم الايام المحيطة ب العيد سؤالا لطالما رددته الذات : متى ... واين ... ولد اول عيد ؟ وكيف ابتدع الوعي الانساني العيد ؟ تلك اسئلة تخيم على النفس حين تتفكر في مقاصد الشاعر عندما طرح سؤاله العتيد الخالد : عيد باي حال عدت يا عيد في ما مضى ام لأمر فيك تجديد ؟ فالشاعر في مطلع سؤاله كان يبحث عن حال قد صار ملك الماضي في بيت التاريخ، ثم عاد الينا يحمل بطاقة عيد وعندها يتساءل شاعرنا عن تلك العودة اكانت في ما مضى ام انها جاءت لامر فيك تجديد هكذا جعل شاعرنا العيد فاصلا زمنيا بين حال رحلت وحال اتت فكان البحث في الاختلاف بين الحالتين، السنا كلنا نفعل ذلك حين نأتي بعبارة العيد الماضي . يأخذنا العيد غالبا الى عالمه الذي يبقى ملونا بفرح يأتينا من الداخل واحيانا يأتي الينا من الخارج، لكنه الفرح دوما هو الذي يبقى عنوان العيد، ذلك انه- اي الفرح- هو الذي يصنع العيد. هنا قد يبدو ممكنا البحث في متى واين ولد العيد؟ . اتراه ولد لحظة التقى آدم حواء بعد ان ضاعت عنه فكانت لحظة اللقاء فرحا صنع عيدا فترافق الفرح في وجدان الانسان مع العيد وتلازما منذ تلك اللحظة ؟ ام تراه ولد حين فاضت عاطفة الامومة في قلب حواء والابوة في ذات آدم عند اول ولادة طفل فغمرها فرحا سكن الوجدان فسميا ذلك عيدا لونته عواطف لم يدريا كنهها. ام ان العيد جاء حين زف آدم ومعه حواء بكرهما الى عروسه فغمرت فضاء تلك اللحظة عواطف جاشت بالفرح الذي اراد ان لا ينسيانه فكان ان سموا تلك المناسبة عيدا ؟ ام ان العيد جاء بما هو عليه وبما هو فيه وحيا من غيب لم يقدر الانسان على كشف الغامض فيه وحين جاء هذا الغيب بالفرح تستشعره النفس وضع الانسان تلك اللحظة تحت مسمى العيد ! فكانت الاعياد في حياتنا مزيجا من هذا ... وذك ... وتلك ... عاشتها الانسانية بفرح لم يتوقف الانسان ليسأل عن شهادة ولادته فقد . كفاه ان يبحر بنشوة الفرح فوق امواج عواطف تجيش في النفس لا تصل اليها الا اذا كان هناك عيد ! تلك هي الاعياد، كانت لتحمل الينا مشاعر واحاسيس صادرتها علينا احداث الحياة وحوادثها على امتداد اغلب ايام هذه الحياة حتى صرنا ننتظر العيد على احر من جمر يفرح بمقدمة كبارنا ربما بقدر اكبر مما يفرح فيه صغارنا ونستعد لاستقباله على اعمق ما تكون لهفة انتظار . لكن ... مع هذا ورغمه وحين تشرق شمس العيد ومعها ياتي الغد وبهجته، يصحو السؤال : كيف سيكون عيد من حرمه الفقر من تذوق طعم الفرح والتمتع بأجوائه والاحساس بانفعالاته؟ . كيف سيكون عيد من سكنه الحزن بعد ان حمل راحل عزيز معه افراح العيد فصادر على من احيوه احساسهم به؟ . كيف سيكون عيد من استبد به مرض فصرفه الالم عن اي احساس واستولت عليه المعاناة التي انسته وصول العيد؟ . كيف سيكون عيد من حاصرته الغربة وصادر البعد عنه الاحبة وتاه العيد عنده بين اسى الشوق وقلة الحيلة ووحشة الطريق . كيف سيكون عيد من صوردت حريته وقتلت كرامته وضافت عليه افاق حياته وصار عمره ايام ضنك وحرمان يتسع حتى يغطي كل فضاء . كيف سيكون عيد المحاصرين والمأسورين والمشردين والمطرودين من منازلهم وربما من اوطانهم ظلما وزوا وبهتانا. ترى ... بعد هؤلاء جميعا من يبقى كي يستقبل العيد ويحتفى به لكن .... يبقى العيد في القلوب امنية، وفي الوجدان فرحا، وفي الانفس ذكرى عزيزة، حينا تلفها الوان زاهية تبعث في النفس غبطة، وحينا آخر يلفها الحزن ويبعث في النفس اسى، كل هذا يحمله العيد حين تشرق شمسه تقول للمحتفين به ان في الحياة محطات لا بد ان يتوقف عندها الانسان فرحا حين تطيب النفس من اوجاع الحياة، وتذكرا حين تلم بالنفس عوارض احزان اولدها رحيل او غربة او اضطهاد . عن هذا كله كان يبحث شاعرنا وهو يسأل العيد عن عودته . اهي في ما مضى ام لامر فيك تجديد ؟ بقلم : سهى حافظ طوقان