كريمة مصلي صحافية بيومية الصباح . كريمة مصلي صحافية بيومية الصباح . يصعب الحديث عن حدود "الحرية" في صياغة الخبر بالنسبة للصحافي وأضع كلمة حرية بين قوسين بالنظر إلى الاختلاف في تحديد معناها من شخص إلى آخر، فبالأحرى في جهاز يعتبر مرآة المجتمع على كل مكوناته، وعينه التي لا تنام، صاحبة الجلالة أو السلطة الرابعة كيفما كانت التسميات التي تطلق عليها لإظهار أهميتها داخل المجتمع تبقى علاقتها بباقي مكونات المجتمع علاقة شد وجدب تختلف من جهة إلى أخرى ومن خبر إلى آخر، وتتطلب تحديدا دقيقا لتلك العلاقة وفق ضوابط محددة. خلال هذه المداخلة سأحاول تسليط الضوء الخبر الصحافي بين الحرية والمسؤولية، وبشكل أدق حول الخبر في القضائي إن كان ممكنا تسميته كذلك أو بصيغة أوضح الخبر الذي يتعلق بالعدالة. تجربة عمل من خلال التجربة البسيطة التي راكمتها في عشر سنوات في العمل الصحافي المتخصص نوعا ما في كل ما هو قانوني، بدأ بالاتحاد الاشتراكي وصولا إلى الصباح ،لم تكن سهلة، فالتخصص في هذا الميدان يتطلب من الصحافي ضرورة الإلمام بالمصطلحات القانونية وكيفية توظيفها، ولكم لأأن تتصوروا حجم ما يمكن أن تلاقيه من متاعب وصعاب في البحث عن الخبر خاصة أمام انعدام مخاطب محدد، أو جهة يمكن اللجوء إليها للتأكد من صحة الخبر، فمجال العدالة أو القضاء بصفة أدق مجال محاط بكثير من السرية والتوجس، وأي اقتراب يعني الاقتراب من الغموض، غموض يمكن تفسيره بحساسية الجهاز الذي تؤول إليه مسألة إحقاق العدالة، رغم أنه بدأ يلاحظ أنه في السنوات الأخيرة هناك انفتاح حذر على وسائل الإعلام. الخبر القضائي كغيره من الأخبار يبدأ الخبر الصحافي بمعلومة تصل إلى الصحافي لينطلق البحث عن مدى صحتها، وهنا يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الحيز الزمني المسموح الاشتغال فيه ، والذي يمكن أن يكون سيف ذو حدين بالنسبة للصحافي فعليه التأكد من صحته وتحقيق ما يسمى بالسبق الصحافي، ومع قلة المصادر وبتعبير أصح شحها تكون مهمة الصحافي صعبة، بل في حالات عدة مستحلية. فالمصادر في عالم الصحافة بشكل عام غير متوفرة بشكل واضح وإما تعتمد في غالبيتها على العلاقات التي ينسجها الصحافي، خلال مساره المهني والتي تطلب جهدا مضاعفا للحصول على ثقة المصدر، تلك الثقة التي غالبا ما تكون مرتبطة بخطوط حمراء لا يسمح بتعديها، وخلال التجربة العملية الميدانية غالبا ما يكون هناك تقاطع بين عمل الصحافي في نشر الخبر وتقديم المادة الإعلامية للقراء وبين ما يعتبره الجهاز القضائي في بعض المحاكمات أو القضايا التي تخص الشأن العام تدخلا ومسا بل في حالات معينة توصف بأنها تشكل تأثيرا في العمل القضائي، ولا أدل على ذلك من المنشور الوزاري لوزارة العدل والحريات إلى الوكلاء العامين، أخيرا، بشأن إجراء المتابعة في حق أي صحافي كتب خلال مرحلة البحث التمهيدي وعدم التساهل مع سرية التحقيقات ما اعتبره الوزير في المنشور تجاوز خطير في حق الحريات وتضرب في الصميم قرينة البراءة، وعلى النيابة العامة تحمل مسؤوليتها. هذا المنشور وضع الصحافي في "حيص بيص" مع كيفية التعامل مع القضايا وحدود السرية خاصة حينما يتعلق الأمر بالقضايا العامة والتي غالبا منا تصدر فيها النيابة العامة بيانات تشير من خلالها إلى تفكيك عصابة اجرامية أو خلية ارهابية او إحالة مجموعة من المتهمين في قضايا المال العام وغيرها من البلاغات التي تكون مادة دسمة لصحافي وتفتح شهيته للبحث والتحري، هل عليه التقيد بمنشور الوزير ليبتعد عن المساءلة أم عليه المغامرة والبحث وتحمل تبعات ذلك. الازدواجية في التعامل مع ما ينشر، ومع الحق في الخبر الذي تكفله المواثيق الدولية والدستور المغربي في الفصل 27 منه، تولد حالة من الخلاف الدائم مع الصحافة واتهامات جاهزة بالتحامل أو خدمة أجندات معينة، أو محاربة إصلاح وهو ما يؤكد أن المجتمع مازال لم يع الدور المهم للصحافة، ولا يتوفر على رؤية واضحة المعالم في التعامل معها. ومثل باقي مكونات المجتمع فجهاز العدالة أو القضاء بصفة لا توجد بينه وبين علاقة الصحافة علاقة ود بالنظر إلى الاتهامات الموجهة إلى السلطة الرابعة ما يتطلب وضوحا في الرؤية في التعامل بين جهازين عملهما مشتركة على اعتبار أن النشر الإعلامي يعكس جانبا إيجابيا من خلال فرضه نوعا من الرقابة الشعبية على العمل القضائي، وإضفاء مزيد من الشفافية على الممارسة القضائية، وليس ما يتحجج به رافضوا النشر من أنه يكشف جوانب سلبية كثيرة تتجسد بشكل صريح في التأثير على استقلال القضاء وانتهاك مبدأ البراءة والمس بمبدأ احترام الحياة الخاصة للأشخاص وخرق سرية البحث والتحقيق." الخطأ الصحافي كأي مجال من مجالات العمل هناك هامش للخطأ متوقع، وبالنسبة إلى الصحافي مجال الخطأ مرتبط بشكل كبير بعسر أو قلة المصادر والمخاطب والخطأ الصحافي غالبا ما يكون ب"حسن النية" المفروض إلى حين أن يثبت العكس، في حين أن ما يجري به العمل هو العكس إذ غالبا ما يفترض سوء النية في النشر ويتطلب من الصحافي اثباث العكس ما يزيد من تعقيد مهمته التي يتعامل معها مع الخبر الذي بين يديه والتي يتحكم فيها عامل الوقت بصفة أكبر والذي يكون في غالب الأحيان سببا من أسباب الخطأ المبررة في الكثير من الحالات، دون أن ننسى بعض الاستثناءات التي يمكن أن يتجاوز فيها الصحافي وأقولها بصراحة حدود المسؤولية في نقل الخبر ، أو التي تكون نتيجة الثقة الزائدة في بعض المصادر أو حتى في النفس والتي قد تناب الصحافي في امتلاك الحقيقة، سرعان ما يكتشف حجم الخطأ المرتكب عن غير قصد وأسطر على كلمة غير قصد، لأن الصحافي مفروض فيه أنه يتعامل بمسؤولية في نقل الخبر والحياد، ويستحضر النزاهة والمهنية في العمل ولا يخدم أي جهة كيفما كانت ، حتى وإن انتصر الخبر لجهة معينه، فهو بذلك يقاسم القاضي في نظرة المجتمع إليهما فالصحافي عندما ينقل خبر غالبا ما يزعج جهة معينه تعتبره متحاملا عليها والشيء نفسه بالنسبة للقاضي الذي بأحكامه لا يروق أحد أطراف فالقاضي هو خصم نصف المحتمع وإن عدل. قانون حماية المعلومة يعد الحصول على المعلومة وتداولها حقًا أساسيًا من حقوق الإنسان، وهو ما أكدت عليه المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، نظرًا لأهمية توفر المعلومات بالنسبة إلى أفراد المجتمع للمشاركة في الحياة العامة وعلى الرغم من الصلة الوثيقة بين ضمان هذا الحق وبين الديمقراطية كقيم ومبادئ وممارسة، إلا أن الصحافيين في المغرب ما زالوا يصطدمون بآلاف العقبات التي تحول دون حصولهم على ما يبحثون عنه، إما لأسباب قد يكشف عنها، وفي بعض الحالات لا يكلفون أنفسهم حتى عناء الرد عليها بالرفض، أمام الضبابية في الحصول على المعلومة، وانعدام مخاطب محدد، حاء دستور 2011 ليؤكد الحق الدستوري في الحصول عليها والذي يعتبر حقا من الحقوق والحريات في الفصل 27 منه، هذا الحق في المعلومة توج أخيرا بمشروع قانون موضوع في الأمانة العامة للحكومة تنص حق كل مواطن ومواطنة، ولكل شخص معنوي خاضع للقانون المغربي الحق في الحصول على المعلومات والوثائق التي بحوزة الهيآت المعنية مع مراعاة مقتضيات هذا القانون، وأنه يمكن دون الإضرار بالمصلحة العامة والمصالح الخاصة للأفراد، وإعادة استعمال المعلومات التي تم نشرها أو تسليمها من طرف الهيآت المعنية، وغيرها من المكتسبات التي يعتبر التراجع عنها مخالفة تتوجب العقاب، يجعلنا نساءل بشأن المعلومة المتاحة لوسائل الإعلام وحدودها خاصة ضمن هذا القانون الذي يضع ضوابط بشأن السر المهني أن لن يكون لصاحبة الجلالة اسثتناء؟ وفي ختام الكلمة استرجع هناك مقولة مصطفى فارس الرئيس الأول لمحكمة النقض حول علاقة القضاء بالإعلام من خلال أوجه التلاقي والاختلاف، خلال الندوة التي نظمتها الودادية الحسنية للقضاة بشراكة مع جمعية القضاة والنواب الهولنديين قبل سنتين أو أكثر ،قال "إن بلورة فكرة إعلام قضائي متخصص في بلادنا يعتبر اليوم حاجة ملحة وضرورة، حتى تكون الرسالة الإعلامية ضمن القواعد والضوابط القانونية، ولن يتأتى هذا إلا من خلال إحداث فروع قانونية متخصصة لدى المؤسسات الإعلامية، لتعزيز دور الثقافة القانونية الحقوقية داخلها، الشيء الذي يفترض على رجل الإعلام إعمال نوع من الرقابة الذاتية على نفسه، وعلى كتاباته، خاصة عند تناوله لبعض القضايا الحساسة التي تؤثر على تشكيل وجدان ا المواطنين، ودون التدخل في عمل القضاء أو التأثير عليه، مما يوجب على الإعلامي المعرفة الجيدة بالقانون من أجل استكمال أدواته المهنية حتى يكون في المستوى اللازم من الوعي للتعامل مع الرأي العام. وفي المقابل على المحاكم أن تعين قاضيا مكلف بالتواصل مع الإعلام، وشرح الإشكاليات المطروحة وتنوير الرأي العام، دون المساس بالسرية التي تقتضيها القضايا في بعض مراحلها، وعلى القاضي المكلف بالتواصل أن يكون كذلك على دراية بالمجال الإعلامي حتى يؤدي مهمته على الوجه الأكمل. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.