وجهة نظر- هذا الموضوع هو عبارة عن رد على الصحافي توفيق بوعشرين الذي نشر حوارا مفترضا بين صحافي وقاضي ، مع الاشارة الى انه تم نشر الجزء الاول منه بتاريخ 6-03-2013 بجريدة اخبار اليوم اما الجزء الثاني فلم يتم نشره من طرف نفس الجريدة لاسباب غير معروفة. المقال من توقيع المعطي الجبوجي، مستشار بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة. وانا اطالع حوارك الذي اسميته بالصريح بين صحافي وقاضي وما اعتقده كذلك لانك ملت كل الميل الى التحامل على القضاء ورجال القضاء واكتفيت باشارات عابرة وغير معبرة عن الصحافةوالصحافيين ارتأيت ان اشارككما في هذا الحوار لاقول بأنه استوقفتني بعض الفقرات من هذه المقالة التي لم يشكل الحوار فيها الا سطرا او سطرين والباقي كله كيل للقضاة والهيئات القضائية بدليل انك انطلقت بنعت نسبة 90 بالمائة من القضاة بالجهل لمهنة الصحافة وقواعدها الا انك سرعان ما نسيت واشرت الى وجود كثير من الاجتهادات القضائية التي تخدم مصلحة الصحافي .، كما تعاملت في مقالك مع القضاة وكأنهم لعبة في يد السلطة لتصفية الحسابات مع من لا ترضى الدولة عن أقلامهم بحيث يبحث القضاة في احكامهم عن كيفية ارضائها ولو على حساب القانون وقواعد المهنة.وما يدل على ان الصحافي لا يعرف الشيء الكثير عن عمل القاضي وليس العكس هو وصفك وتقييمك للعلاقة بين الصحافي والقاضي باللعبة عندما دعوت لمحاولة بناء جسور للحوار والتفاهم على قواعد اللعب النظيف وطبق القانون، فاذا كان الصحافي يصنف عمله وينظر اليه من زاوية اللعبة فان القاضي ليس رجل سياسة وليس طرفا في اية معركة ولا يلزمه ان يكون كذلك بل هو طرف محايد وبالتالي فلا يشارك في اية لعبة وينظر الى عمله من باب الامانة الملقاة على عاتقه، امانة دينية ودنيوية، أمانة التحكم في مصائر الناس وحرياتهم، امانة حماية ارواحهم وممتلكاتهم وبالتالي فالقاضي لا يلقي الاحكام جزافا كما يلقى الكلام في جرائد الرصيف والجرائد الصفراء أخي بوعشرين ان كثيرا من صيحات الاحتجاج لا تنبع من سوء تطبيق القانون ولكن كثيراً من المنتقدين ينطلقون في هذا الانتقاد إما من منطلقات شخصية، ومصالح فردية، أو قناعات فكرية إيديولوجية، أو ثقافة اجتماعية غير قانونية. واذا كانت الصحافة الشريفة تعتبر بين المناضلين عن مبدأ استقلال القضاء ومبدأ البراءة هي الاصل، فان الحاصل على المستوى العملي ارتباطا بهذين المبدأين انها تنهى عن شيء وتأتي مثله وتخالف الى ما تنهى عنه . ذلك انه بتصفح اية جريدة من الجرائد تطالعك اخبار اناس يحاكمون اعلاميا مع ان القضاء لم يقل كلمته فيهم بعد . بينما تجد الإعلام قد نصب فيها محكمته وبدأ يشكك فى القضية من خلال انتقاد الابحاث المجراة في القضية من طرف الضابطة القضائية او قضاء التحقيق سواء لفائدة المتهم او ضده او التشهير به او بالضحية بسبب مكانته الاجتماعية او السياسية او الوظيفية بتناول حياته الخاصة او نشاطاته السياسية او المهنية التي لها علاقة بموضوع المتابعة. كما ان الامر يمتد احيانا الى اصدار احكام مسبقة بالادانة او البراءة ، قبل أن تخرج القضية من جهات التحقيق وقبل ان يقول القضاء المختص كلمته الفصل في هذا الشأن .، وهو ما يتجاوز دور وسائل الإعلام، فى نقل وقائع المحاكمة للرأى العام، إلى التدخل فى سير العدالة.، وهذه الحالة مجانبة للمهنية والحيادية التي على وسائل الاعلام ان تتصف بها. بل الاكثر من ذلك انه يوقع الرأي العام فى حيرة شديدة، بعد أن يصدر حكم القضاء فى اتجاه آخر، بعيدا عن الاتجاه الذى شحن الإعلام اتجاهات الرأى العام فيه. ولعل هذا الحديث هو مناسبة تقودني الى الحديث عن موضوع التعليق على الأحكام القضائية والحدود والقيود التي تحكمه. الاصل ان التعليق على احكام القضاء ليس رجسا من عمل الشيطان واحكام القضاء ليست تنزيلا الهيا، فهي من وضع البشر وكل ما هو بشري فهو ناقص مهما اكتمل وبالتالي يمكن الحديث عنه والتعليق عليه لكن بشروط اجملها فيما يلي : الشرط الاول : . التعليق على الاحكام لايصح الا بعد ان يصبح الحكم باتا أي مكتسبا لقوة الشيء المقضي به.، ذلك ان الأحكام القضائية بإعتبارها عملاً إنسانياً فهي تحتمل الخطأ والصواب وتصويبها يكون من خلال الطعن فيها بطرق الطعن المقررة قانونا، والمشرع نفسه قد حرص على تصويب ما قد يقع من أخطاء في الأحكام القضائية بأن جعل التقاضي على ثلاث درجات ابتدائي واستئنافي ونقض.، بعدها يصبح عنوان الحقيقة ملزم للجميع وواجب التنفيذ.، وبالتالي قابل للتعليق عليه وفق المعايير الموالية. الشرط الثاني : انه يجب على المعلق ان يكون من ذوي الاختصاص او على الاقل من ذوي المعرفة الجيدة للقانون لفهم ميكانيزمات واليات ادارة الدعوى القضائية. الشرط الثالث : التعليق على احكام القضاء يجب ان يكون على الحكم وليس على الهيئة القضائية التي اصدرته لا بالمدح ولا بالذم . الشرط الرابع : أن يستند في التعليق على وقائع ملف القضية واسانيده دون اعتماد الوقائع والاحداث الخارجة عنه.،وهنا يجب التوضيح ان أي ملف معروض على القضاء تتقاسمه حقيقتان ، حقيقة واقعية وحقيقة قضائية .، فالحقيقة الواقعية هي الصورة الحقيقية للحدث على ارض الواقع بزمانه ومكانه واشخاصه وظروفه . اما الحقيقة القضائية: فهي الصورة التي وصلت بها هذه الحقيقة الواقعية الى المحكمة وترجمت في شكل محاضر ضبط واستماع وتفتيش . وقد تكون الحقيقة الواقعية ملء السمع والبصر، لكنها لا تصبح حقيقة قضائية الا اذا استطيع اثباتها بالطرق التي حددها المشرع ،والفجوة بين الحقيقة الواقعية والحقيقة القضائية قد تتسع وقد قد تضيف بحسب دور الاطراف وعمل الضابطة القضائية ودور الدفاع والشهود الصادقين منهم وشهود الزور. تنضاف الى هذا حقيقة اخرى وهي الحقيقة الاعلامية أي الحقيقة كما فهمها الصحفي وكما ينقلها الى قرائه مغلفة باسلوب الاثارة والتشويق ، و التي قد تصير مع مرور الوقت متناقضة بين وسيلة اعلام واخرى من خلال . الاختلاف في فهم تلك الوقائع حيث يكون البعض قناعات مختلفة عن البعض الاخر من حيث الاسباب والدوافع . وسط هذه الحقائق لا يعتمد القاضي الا ما توفر لديه في ملف القضية من ادلة واسانيد ولا يمكنه ان يعتمد الادلة التي تعرضها الصحافة او يعتقدها الصحافي صحيحة لان ضوابط الاعتماد على الادلة معتمدة قانونا كما لا يمكن اعتماد وجهات النظر والاراء التي تقوم الصحافة بالتركيز عليها واعتمادها في القضايا المطروحة للمناقشة والتحليل لانها تعتبر خارج نطاق القضية التي تتحدد بادلتها واسانيدها دون الاعتماد حتى على المعلومات التي توفرت للقاضي بعلمه الشخصي لان القانون لا يعتمد ذلك. ومن تم قد تتعارض الحقيقة القضائية مع الحقيقة الواقعية .، بحيث تجد الطرف الذي خسر الخصومة يعتبر ذلك جورا وطغيانا ويشكك في نزاهة الجهة التي اصدرته، مع ان المختصين يجزمون بان المسطرة قد احترمت وان القانون قد طبق بصرامة على النازلة . وهنا نجد الرسول صلى الله عليه وسلم يحدد لنا المسار في اطار العلاقة بين الحقيقة الواقعية والحقيقة القضائية : في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أم سلمة عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال : [ انكم تختصمون إلي ولعل بعضكم ان يكون ألحن بحجته من بعض فاقضي له على نحو ما اسمع فمن قطعت له من حق اخيه شيئا فلا يأخذه فانما اقطع له قطعة من نار في رواية ليحملها او يذرها الشرط الخامس : ان يكون التعليق على الحكم من منطلق نشر الثقافة الحقوقية للناس تعميما للمصلحة وحفاظا على استقرار المجتمع. تتمة بعنوان " اعلم وتذكر " تتمة للرد الذي سبق ان نشر بالعدد 1003 بتاريخ الاربعاء 06-03-2013 ص18 أبدأ من حيث الفقرة الاخيرة التي تم حذفها من المقال السابق، لاقول ان دور الاعلام كمنبر من منابر المجتمع المدني في اداء العدالة ينطلق اولا من اشاعة ثقافة قانونية وقضائية لدى الاعلاميين للرفع من مستوى الاداء الاعلامي القضائي بعيدا عن الاثارة الاعلامية والمتاجرة بهموم الناس ومشاكلهم، وذلك بخلق صحافة متخصصة في مجال المحاكمات القضائية. فالتكوين القانوني لدى الاعلامي اضحى امرا ملحا وضروريا والافتقار اليه يجعل الاعلامي يخوض في قضايا تخونه فيها الادوات المهنية ، وهذا حال كثير من الصحافيين والاعلاميين الذين تخلتط في اذهانهم المصطلحات والمناصب حتى ان الكثير منهم لا يميز بين منصب وكيل الملك والوكيل العام للملك وبين رئيس المحكمة والرئيس الاول ، بل كم من مرة قرأنا ان وكيل الملك بالمحكمة الفلانية حكم على فلان بالسجن .، وهو ما يؤثر في صحة الخبر ووصوله ممزوجا بكثير من الضبابية والتشويش. ان المناشدة بقضاء نزيه ومستقل ضامن لحريات وحقوق الافراد والجماعات يقابله المطالبة باعلام مكتوب كان ام مسموع او مقروء يرتكز على مقومات الحياد والموضوعية في التعامل مع الاحداث وتجنب الانتقائية والحكم على الافراد من منطلق الشبهات والاحتكام الى الشائعات لدرجة اصبح معها بعض المواطنين المدعوين الى ساحة العدالة يجدون انفسهم بين مطرقة محاكم القضاء وسندان محاكم الاعلام ويشتد عليهم الامر عندما تنجز ربورتاجات يوجه فيها الاتهام ويحقق فيها مع المتهمين على الهواء وتوضع الادلة ويستمع الى الشهود واصبح الاعلامي يقوم بعمل المحاكم بدل ان يقوم بعمله الاعلامي المتمثل في ايصال الخبر والمعلومة الى المتلقي . اخي الصحافي، آثرت في هذه التتمة وفي اطار تبادل المعلومة القانونية ان احيطك علما ببعض اليات اشتغال القاضي كما اجد نفسي مضطرا لاذكرك ببعض المباديء والقيم التي تفرضها اخلاق المهنة التي تحكمها في الأساس أخلاق عامة مثل الصدق والشرف والنزاهة والتي يجب على الصحفي التحلي بها اثناء اداء مهمته في نقل الخبر الا ان جبر الخواطر و الحصول على الربح والسبق الصحفي وسرعة نقله المحسوبة بالثواني بفضل التكنولوجيا الحديثة عوامل تجعل الصحفي يدوس على هذه المباديء في كثير من المواقف لدرجة ان جرأة بعض وسائل الاعلام لم تبق محصورة في الخروج عن اطار نشر الخبر المجرد او التحليل الموضوعي لاطوار البحث والتحقيق والمحاكمة في حدود ما يسمح به القانون بل تعدتها ليصل الامر ببعض وسائل الاعلام المقروءة او المسموعة او المرئية الى حد توجيه انتقادات لاذعة لبعض الهيات القضائية ووصفها باوصاف تنطوي على قذف واتهام ارضاء لجهات معينة بهدف التأثير على قناعاتهم . فاعلم أيها الصحافي الجليل : ان الاصل في الانسان انه بريء حتى تثبت ادانته بموجب حكم قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به بناء على محاكمة عادلة تتوفر فيها كل الضمانات القانونية . واعلم ان المتعارف عليه في الدول التي تحترم القانون واستقلالية القضاء، ان تبقى وسائل الاعلام وغيرها بعيدين عن الخوض في القضايا المعروضة على القضاء لاتاحة الفرصة للسلطة القضائية لممارسة دورها بعيدا عن جميع المؤثرات. واعلم انه اذا كان لك مؤاخذات على العدالة، فان سهام النقد يجب ان توجه الى المشرع في قبة البرلمان وليس الى القاضي في قاعة المحكمة لان القاضي لا يشرع القانون وانما يطبقه ، وهو ملزم بتطبيقه حتى ولو كان يعتقد في قرارة نفسه عدم صحة القاعدة القانونية المعمول بها والا اضحى منكرا للعدالة . ولا تكن من طينة من تحصن في قبة البرلمان واخذ ينال من هيئات قضائية بعينها اصدرت احكاما لم تصادف هوى في نفسه ناسيا بان المؤسسة التي يتحصن بها وينتمي اليها هي من شرعت القوانين التي تحكم على اساسها تلك الهيئة منذ سنين ، فالاجدر بالجميع اما احترام القانون واحكام القضاء التي تصدر على اساسه والابتعاد عن المدح والذم او المطالبة عبر الوسائل المشروعة بتعديله بما يلائم حقوق الناس او اهواء هؤلاء المتربصين بالقضاء ، وان اي موقف اخر لن يكون سوى مساس بهيبة القضاء الذي هو من هيبة الدولة . واعلم ان متابعة الصحفيين اثناء ادائهم لمهامهم من خلال القانون الجنائي دون تطبيق قانون الصحافة مرجعها القانون وليس القاضي ، واعلم ان في القانون الجنائي قاعدة يصطلح عليها بالتعدد المعنوي يحكمها الفصل 118 من القانون الجنائي الذي يقضي ان " الفعل الواحد الذي يقبل اوصافا متعددة يجب ان يوصف باشدها "، فاذا كان الفعل المرتكب ينص عليه قانون الصحافة وينص عليه القانون الجنائي فاننا نكون امام فعل واحد يقبل اوصافا متعددة والنص القانوني يلزم باعتماد الوصف الاشد. فان كان هناك عيب فانه في النص وليس في من يطبق النص . واعلم انه ليس من صلاحيات القضاء البت في غير ما هو معروض أمامه ولا التحقيق في غير الشكاوى المقدمة إليه. وتذكر ايها الصحافي الجليل : ان حرية الصحفي تعني عدم التكميم والضوابط تعني عدم الانفلات والالتزام بصيانة كرامة الافراد والحيلولة دون المساس باعراض الناس وحقوقهم. وتذكر عند نقلك للخبر الا تكون ممن قال عنهم الله سبحانه وتعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِق بِنَبَأ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَة فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ". وتذكر ان هناك معايير دوليه لتغطية أخبار الجرائم والحوادث من بينها ان هذه التغطية الصحفية تتم وفقًا لمبدأ المتهم برئ حتى تثبت إدانته مما يستتبع الامتناع عن نشر آراء أو كتابة تعليقات تستهدف التأثير على قرار المحكمة قبل إصدار حكمها النهائي. كما يستلزم الموضوعية في تغطية إجراءات المحاكمة مع عرض وجهات نظر الأطراف المتنازعة بحيادية وتوازن مع تصحيح كل معلومة منشورة ظهر انها ضارة وغير صحيحة . وتذكر ان الأقوال والأفعال موقوفة على أصحابها دون أن تتعدي عواقبها الي كل من يعملون نفس عمله.وبالتالي فانه لا يجب التعميم أو التضخيم الإعلامي لحدث ما لاستمالة الشارع للعب على وتر العواطف فلو ارتكب قاض أو إعلامي فعلا خاطئا فلا يجوز أن نصف كل القضاة اوكل الإعلاميين بأنهم من طينة ذلك المخطئ وإنما يجب الالتزام بالقاعدة القرانية المستمدة من قوله تعالى " وَلَا تَزِرُ وَازِرَة وِزْرَ أُخْرَى" . ان العلاقة بين الاعلام والقضاء يفترض فيها ان تكون تكاملية مبنية على احترام متبادل لا تنافرية، وثقة المواطن في قضائه تتعزز بالصورة التي ينقلها الاعلام عن هذا المرفق. وفي سبيل خلق فضاء للتفاعل ومد جسور التواصل مع المؤسسات الإعلامية فان رأيي من رأي القائلين بتخصيص متحدث رسمي من المحكمة للتواصل مع وسائل الاعلام وهيئات المجتمع المدني ليصل بهم الى الحقيقة بطريقة صحيحة وفق ما تسمح به ظروف القضية وذلك تفاديا لكل ما يمكن ان ينتج عن قلة المعلومات من اخبار زائفة او مؤثرة على الاطراف المعنية بالموضوع.، كما اقترح تدخل المشرع لتمكين القضاء في شخص الهيئة التي تنظر قضية من القضايا الحساسة اصدار قرار قضائي بحظر النشر فى القضية، حتى إصدار الحكم النهائى. وفي الاخير اختم بما قاله الدكتور أحمد الصقيه وهو احد المستشار بديوان المظالم بالمملكة العربية السعودية : «ليس هناك خيار إلا أن يصافح القضاء الإعلام، والعكس» وإذا لم يتصافحا وهذا رأيي فإن انشطارا خطيرا يحدث في المجتمع، وصراعا قد يعوق العدالة من جهة، ويسيء إلى الإعلام من جهة أخرى، بينما هما كتلة قضائية عدلية إعلامية، وطنية تقوم على التلاحم، وليس ثمة شك أن المعالجة العقلانية للعلاقة بين العدل والإعلام، تتطلب أولا الاعتراف بوجود مشكلة بينهما، يمكن تشريحها، ومعرفة أسبابها، ومن ثم التعامل معها تعاملا إيجابيا، قوامه الفهم والتفهم، لا كهدفين في حد ذاتهما فحسب بل من أجل ما تشبعه وظائف الإعلام والعدل من حاجات، وما تحققه من منافع للبلاد والعباد، وما تستجيب له من ضرورات، وعندما يلتقي الإعلام والقضاء وجها لوجه، ويسود بينهما الفهم والتفاهم، تتقلص الفجوات والاختلالات، ويتحقق التكامل بينهما، ويزيد التوظيف الأمثل لقدراتهما معا، بعيدا عن الاحتقان، والتشنج، فجميع المؤسسات القضائية والعدلية والإعلامية مرتبطة بالمجتمع، ولا بد من التعامل معها بعقلانية، وحيادية." *مستشار بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة