الجرائم وحوادث "الڭريساج"وإختناق الطرقات والتسول وغياب المستشهرين. السكتة القلبية التي تهدد مراكش. مراكش بريس عدسة: محمد سماع تعيش مراكش، عاصمة السياحة بالمغرب منذ مدة على إيقاع تراجع ليالي المبيت وصلت حسب مصادر مطلعة إلى 32 في المائة خلال شهر فبراير الحالي بالمقارنة مع شهر يناير نفسه من السنة الفارط ، وهو ما ينذر بأزمة وصفت بالأسوأ على الإطلاق بعد حرب الخليج، خاصة في ظل التراجع المخيف لعدد الوافدين من السياح الأجانب من الأسواق الفرنسية والبريانية والبلجيكية والإيبيرية التي ظلت تعتبر أساسية في السياحة بمدينة سبعة رجال. يؤكد المهنيون، وبعض أعضاء المجلس الجهوي للسياحة، أن هذه الأخيرة تجتاز وضعية حرجة في مراكش، لم يتردد خلالها مجموعة من أرباب المؤسسات الفندقية والخدماتية السياحية من مقاهي ومطاعم في وصفها ب “الكارثية”. هذا، وإن كانت ملامح هذه الأزمة قد بدأت بعد يوم 28 أبريل الماضي، حيث تم الاعتداء على مقهى أرڭانة ، ليقوض السوق السياحية التي انتعشت آنذاك، مما نتج عنه نسبة تراجع مهولة ، إنخفضت إلى مستوى سحيق بلغ إلى 90 في المائة خلال شهر يونيو الماضي، وانعدامت على إثره أية حجوزات. وإنخفضت موازاة معه سياحة المؤتمرات ولقاءات الأعمال التي ظلت تساهم ب 30 في المائة من السوق السياحية. حيث وصل مؤشر تدني المعدلات الإستقبالية للسياحة إلى ما يناهز 70 في المائة. إلى ذلك، فقد زادت عوامل موضوعية وذاتية، خارجية عن القطاع وداخلية، في تدني مؤشرات السياحة بمراكش، يمكن إجمالها في إرتفاع عدد السيارات والناقلات بمدينة مراكش، وما بات يشكله ذلك، من إختناقات في السير والجولان، بأبرز الشوارع النافذة بمراكش،كشارع محمد الخامس، وعبد الكريم الخطابي، وعلال الفاسي، وشارع 11 يناير وشارع يعقوب المنصور، وشارع حمان الفطواكي، وشارع الأمير مولاي عبد الله، وغيرها...تم إنتشار مظاهر التسول ، وإمتدادا رقعة إشتغالها، التي وصلت إلى درجة وحدود أفاتها إلى داخل بعض الوكالات البنكية، والمؤسسات السياحية، والمقاهي المصنفة، وبات المتسولون والمتسولات يختطفون الأكل من أمام زبناء المطاعم المتواجدة على مستوى زنقة إبن عائشة في جليز، وزنقة رحال بن أحمد، وساحة جامع الفنا، في صورة تتنافى جملة وتفصيلا مع الإشراقات الحضارية التي تشتهر بها عاصمة المرابطين. وبالإضافة إلى عاملي التسول، والتسول بالعنف، وإختناقات المرور، شكلت مظاهر “الڭريساج” وإعتراض طريق المارة من المواطنين والسياح على حد سواء، وتهديهم تحت طائلة السلاح الأبيض، والسطو على الكثير من المتاجر والصيدليات والبازارات المنزوية ومخادع الهاتف وغيرها، إخباريات يومية عادية ومألوفة، دفعت الكثير من المحلات نحو تفضيل عدم فتح أبوابها خلال الساعات الأولى من الصباح الباكر، وإغالقها مباشرة بعد آذان المغرب، مما إنعكس بشكل ملموس على الحركية التجارية وبالتالي على الرواج السياحي داخل المدينة، الذي يشكل العمود الفقري للتنمية المحلية بمراكش. من جهة أخرى، يبدو أن أخطر ما في الأمر بالنسبة لمدينة مراكش، ليس هو انخفاض الإقبال السياحي على المدينة، بل انعدام الرؤية بخصوص وضع الأليات الناجعة لتطوير السوق السياحية ، وتوطيد الأمن الإقتصادي . وإن كان الكثير من الخبراء الإقتصاديين والفعاليات السياحية بمراكش تؤكد على أن العامل الأساسي في الاستقطاب السياحي يكمن في إعمال تنافسية الأسعار المقترحة في السوق، ودفع الزوار، وتشجيع السياح من أجل الإقبال على مدينة الرجال السبعة، من خلال توفير منتوجات تتلاءم مع إمكانياتهم المادية بفعل نتائج الأزمة الاقتصادية التي تعرفها البلدان الأوربية، فإن مواجهة العوامل السلبية الأخرى،المتمثلة في الجرائم وحوادث “الڭريساج”وإختناق الطرقات والتسول وغياب المستشهرين بآليات مستدامة وثقافة إستشرافية ، وحلول قطعية، تتأسس على ثقافة الواجب، وتستلهم قوة الضمير المهني، والمواطنة الحقة وإعمال المراقبة الضريبية بالقطاعات السياحية الغير المهيكلة من رياضات ودور للضيافة وضيعات سياحية، ومؤسسات للإيواء ، وشقق مفروشة وفنادق غير مصنفة، والتي باتت تعرف الإقبال الأكبر من طرف السياح والزوار المغاربة لأنها تتلاءم مع قدراتهم المالية واحتياجاتهم وتجدر الإشارة، أن حوالي 35 ألف أجنبي يقيمون بمدينة مراكش، منهم 15 ألف فرنسي ، يتوفر مايناهز 6500 مقيم منهم على بطاقة الإقامة الدائمة ، كما تتوفر المدينة على 190 مؤسسة فندقية مصنفة و650 دارا للضيافة، أما القطاع غير المهيكل فيضم أزيد من 2000 فندق ودارا للضيافة غير مصنفين. وتبقى جرائم السطو وحوادث “الڭريساج”وإختناق الطرقات والتسول وغياب المستشهرين، كلها أسباب ملحوظة بالشارع المراكشي، بدأت تقرع نواقيس الخطر الكارثية، التي تحدر من مغبة تفاقم الأزمة التي ستؤثر لامحالة على وضعية اليد العاملة في القطاع السياحي والتجاري والحرفي المتعلق بالصناعة التقليدية من جهة، وستعمل على إتساع رقعة أزمة السوق السياحية بمراكش الموسومة بأرقام الانخفاض في كل شيء، في عدد الوافدين على مطار المنارة، وفي عدد النزلاء بالفنادق، وفي عدد الليالي السياحية، وفي عدد المداخيل والأداءات الاجتماعية للقطاع السياحي والقطاعات المرتبطة به من جهة ثانية. وأمام هذه الوضعية المحرجة، توقفت عمليات التشغيل، بشكل ملحوظ، وعمدت مجموعة من المؤسسات الفندقية والخدماتية السياحية المتعلقة بقطاع النقل السياحي، وصالونات التجميل والحلاقة الكبرى، ومقاولات التجهيز السياحي، ومراكز التدليك، والبازارات الكبرى، إلى تسريح عمالها وعاملاتها أو إلى منحهم عطل بدون أجر، أو الاكتفاء بنصف مدة العمل. وهو ما ينذر بأزمة اجتماعية مصاحبة لأزمة السياحة، والخدمات السياحية، التي تتغذى على الركون لمقاربات حقوقية يصفها الخبراء الإقتصاديين، بكسوفات وتداعيات “الويكاند النضالي” لحركة 20 فبراير، التي بدأت تسعى إلى إقرار ثقافة “الحق الذي يراد منه الباطل”، تحت ضغط أن كل المطالب مشروعة، وحاولت مع سبق الإصرار والترصد إلى إدخال السلطات الأمنية بمراكش ضمن بوثقة ”تربيع الأيادي”. وإرتباطا بالموضوع، تؤكد مصادر من جمعية المنعشين العقاريين بمراكش، ل ” مراكش بريس ” أن تراجع أداء السياحة بمراكش، إنعكست أثاره السلبية أيضا، على قطاعات أخرى أبرزها قطاع البناء، مثلما تعثرت عمليات توسيع الطاقة الإيوائية التي كان من المنتظر أن تتعزز بافتتاح عشر وحدات فندقية جديدة خلال هذه السنة، إلا أن كلفة الأزمة ستقلص هذا العدد إلى ست وحدات جديدة في أحسن الظروف. هذا، وإن كانت مدينة مراكش بحكم موقعها التاريخي وإشعاعها الحضاري وتنوعها الإيثني والثقافي والجغرافي وجهة سياحية بامتياز، فإن مؤشرات إقبال السياح والزوار عليها شهد تراجعا مزريا نتيجة العوامل الخارجية السالفة الذكر، إضافة إلى عوامل أخرى داخلية بالقطاع، أهمها اعتماد بعض الفنادق على يد عاملة غير مؤهلة وغير مكونة في هذا المجال، ورداءة التجهيزات الخدماتية بمعظم المؤسسات الفندقية، وشيوع الارتجال وأساليب الإدارة العشوائية في تسيير بعض الوحدات السياحية والفندقية من لدن بعض المديرين غير المتخرجين من المدارس والمعاهد الفندقية. وضحالة الكثير من غرف الإيواء،نتيجة لامبالاة القائمين عليها، من جراء شيوع ثقافة “الإكراميات” داخل الفنادق، وتدني جودة الخدمات والتغذية بشكل لا يلائم الأثمنة المدرجة ب “الطريفة”، وندرة أكشاك الإرشاد السياحي، وصعوبة الولوج للمعلومة السياحية أمام السياح وهيمنة أرباب البازارات الكبيرة على السوق، بتواطئ مع بعض المرشدين السياحيين، وإنتشار المرشدين السريين بمجموعة من الأسواق المحلية، السمارين والعطارين وباب الفتوح، وشارع محمد الخامس....وباب تاغزوت وحي الباروديين وحي الطالعة وسوق الجلد وروض العروس،وإهمال المآثر التاريخية والعمرانية للمدينة.....وتراجع دور مندوبية السياحة على مستوى التدابير الوقائية من حيث المراقبة والتتبع ، وهيمنة تصنيف بعض الفنادق من طرف الجهات المعنية “زعما أباك صاحبي”، . في نفس السياق، علمت ” مراكش بريس ” أن بوشعيب أرميل المدير العام الجديد للمديرية العامة للأمن الوطني، قام بالإشراف على متابعة أعمال اللجنة الملكية المكلفة بإعداد المخطط الخماسي الأمني مابين سنتي 2013 و2017، المزمع رفعه إلى وزارة الداخلية، في مشروع أمني يعكس السياسة الأمنية للمملكة، خلال الخمس سنوات المقبلة، والذي يرمي إلى إدخال تغييرات ملحوظة وعملية على الخريطة الأمنية للمملكة، عبر الرفع من عدد نساء ورجال الأمن من 64000 عنصر إلى 82000 عنصر، وتطوير إحتوائية الغلاف المخصص للصندوق الخاص بدعم الأمن الوطني، وتطوير الوسائل التكنولوجية والتجهيزات التقنية للإتصال والتواصل في لإدارات العمومية، وتشييد مقرات جديدة للأمن الوطني، على شاكلة المقر الجديد لولاية أمن مراكش. إلى ذلك، ذكرت مصادر أمنية مطلعة، ل ” مراكش بريس “، أن المخطط الخماسي المذكور يأتي في سياق تشكيل المجلس الأعلى للأمن بالمغرب، الذي نص عليه الدستور الجديد للمملكة. مراكش بريس .