جميع الشرائع السماوية اعتبرت الانسان قيمة عليا ، ومنها القرآن الكريم ( ولقد كرمنا بني آدم ) ، وعند الخوض في الدساتير الوضعية التي كتبها هذا الكائن لبناء دولة عصرية تحترم حقوقه كأنسان يتطلع الى مجتمع نظيف لاتلوثه السياسة ، وضع حرية الاعتقاد والرأي والتعبير والانتماء الى التيار الفكري الذي ينسجم وتوجهاته نصا في الدستور ، اذ لادستور اليوم يحظر على حزب ما العمل السياسي في ظل الممارسة الديمقراطية التي تشهدها الامم من حولنا الا دستور العراق الذي وضعه الاحتلال واعوانه والمستفيدون منه بأسلوب ينم عن خبث واضح كونه يجعل العلاقة متأزمة بين ابناء الشعب الواحد بدليل المواد التي لاتزال موضوعة فيه كالقنابل التي ليتها تنفجر على واضعيه ولكنها للأسف على الشعب العراقي الذي صار ضحية والجلاد يحز رقبتها يوميا ولايكتفي بموتها ، لان استمرار نبضها بالحياة يمثل رعبا لهؤلاء الذين كذبوا على الشعب وسوقوا شعاراتهم الزائفة التي كشفت كرههم المبين للديمقراطية ، ونسفوا احدى مواد الدستور الذي يزعمون انه يحمي الديمقراطية التي تنتهك عشرات المرات في اليوم الواحد عبر ممارسات مضادة لخيار الشعب العراقي وتمسكه بالديمقراطية التي يراها عبر ممارسته حرية اختيار مرشحيه للبرلمان . ولكن الايام كشفت للعراقيين ان جميع السياسيين ومن دون استثناء يتشدقون بالديمقراطية عبر شاشات الفضائيات وهم يذبحونها يوميا من خلال سياسة الاقصاء والتهميش التي يمارسها هذا الطرف ضد الطرف الثاني فيلوح بسيف الاجتثاث تارة وبسيف المساءلة والعدالة تارة اخرى ، وهذا السيف سيقطع رؤوس الكثيرين يوما ما حين تسنح الفرصة لهذا الشعب بمحاكمة من كان ذات يوم سببا في قتله وتهجيره وافقاره وبؤسه وتعاسته وهو ابن الرافدين الذي يعيش على ارض المقدسات والحضارة ، وتجد الطرف الاخر يحذر من رد فعل قد ينذر بنشوب حرب اهلية لاسمح الله ازاء هذه السياسة التي لاتنسجم والديمقراطية ، مع ان صناديق الاقتراع هي التي ستقرر الا اذا كانت نتائج الانتخابات محسومة سلفا بسبب التزوير المبكر ، فطرف يقصي باسم القانون المسيس ( كنا نتمنى لو ان الملطخة ايديهم بدماء العراقيين قدموا للمحاكمة من دون استثناء في ظل نظام صدام وفي ظل الحكومات التي تلته لتحققت العدالة بموجب المساءلة ) وآخر يهدد بشن حرب اهلية تجتث العراقيين طبعا ، ونسال الله تعالى ان تدور بين المتخاصمين على كراسي السلطة ، ودعاؤنا بأن يجعل الله تعالى باسهم بينهم اللهم آمين . فهل الديمقراطية كانت اكذوبة من اكاذيب سياسيي العراق الجديد ؟ ان المؤمن بالديمقراطية لايعبد الطريق الى السلطة بذبح العراقيين بمفخخاته واحزمته وعبواته الناسفة ، ومن يؤمن بالديمقراطية يترك صناديق الاقتراع هي الفيصل بينه وبين خصومه فلا يلجأ الى سياسة الاقصاء والتهميش باسم القانون فيضع العراق على حافة حرب اهلية يتمناها اعداء هذا الشعب . ونحن نمضي الى يوم الانتخابات البرلمانية تلوح في الافق ازمة تتبعها ازمات يدفع ثمنها الشعب العراقي باسم ديمقراطية الصراع على السلطة التي اعتمدت نهج المحاصصة البغيضة التي سميت لاحقا بالتوافق السياسي ، ولاتوافق ولاهم يفرحون ، فكل شيء خاضع للمقايضة التي قد تصل لدى البعض الى الوطن المهدد بمشروع خبيث يسعى الى تكريسه سياسيونا عبر نزاعهم المستميت على سلطة في ظل الاحتلال الامريكي . فهل سيحتكمون الى صناديق الاقتراع بمحض ارادتهم ان كانوا مؤمنين بالديمقراطية ؟ ام ان تدخلا ومااكثرها ستكون عاملا في اشعال نار الكراهية التي جعلت العراقيين يترحمون على زمن كانوا يتمنون ان يروا افضل منه ولكن ؟ أم ان المسألة تحسمها الصفقات السياسية في الوقت المتبقي من شوط اللعبة ؟ * شاعر وصحفي وكاتب عراقي *عضو منظمة الدفاع الدولية