استئناف التوزيع المنتظم لدواء الميثادون بالمراكز الصحية المتخصصة بالمملكة    المغرب يعزز استعداداته الجوية لمكافحة الجراد على حدوده الشرقية    السلطات المحلية تشن حملة واسعة لجمع المهاجرين غير النظاميين بطنجة المدينة    صحيفة إسبانية .. نايف أكرد قطعة أساسية في فوز المغرب على النيجر    انتخاب حاتم البطيوي أمينا عاما لمؤسسة منتدى أصيلة خلفا للراحل محمد بنعيسى    نشرة إنذارية.. ثلوج ورياح قوية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    ضبط شرطي في "إجازة مرضية" متلبسا بحيازة كمية كبيرة من المخدرات    استئناف التوزيع المنتظم لدواء الميثادون بالمراكز الصحية المتخصصة بالمملكة    الكيحل يدعو من باريس إلى تكريس الماء كحق إنساني أساسي    طنجة تتصدر مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب    تحسين الوضع المالي لمهنيي الصحة    الأمن يطيح بسويدي من أصول لاتينية مطلوب دوليا للاتجار في الكوكايين    انتخاب الصحافي حاتم البطيوي أمينا عاما لمؤسسة منتدى أصيلة خلفا للراحل بن عيسى    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفلا قرآنيا لتكريم الفائزين بالمسابقة القرآنية المحلية    الولايات المتحدة.. إنهاء الوضع القانوني لأزيد من 500 ألف مهاجر من أمريكا اللاتينية    أزيد من 4 مليارات متر مكعب حجم انتاج وواردات سلطنة عمان من الغاز الطبيعي متم يناير 2025    الركراكي يستدعي يوسف بلعمري لمواجهة تنزانيا    معطيات أمريكية تكشف استيراد المغرب 7 ملايين طن من القمح    منتخب السكتيوي يجري مباراتين وديتين    تفاصيل تتويج الفرق الفائزة بالنسخة الثالثة لدوري رمضان بسجن العرجات 2    انطلاقة إحداث مصلحة جديدة لحوادث السير بصفرو وإعلان عن تعيينات في مناصب المسؤولية بمدن تازة وأكادير والداخلة وسلا وتطوان    البابا يمضي نقاهة طويلة بالفاتيكان    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولات الأسبوع بأداء إيجابي    وفاة أسطورة الملاكمة جورج فورمان عن 76 سنة    غانا تدعم المغرب في مجال الفلاحة    شراكة تعزّز الوعي بصحة الفم بالمغرب    قصف يخلف قتيلة وجرحى بجنوب لبنان    السّياحة في أكادير تُحافظ على وتيرتها التصاعدية والسُّياح البريطانيون في المقدمة    سفير إسبانيا السابق بالرباط يكشف أمرا مثيرا بخصوص مطالب بالمغرب بسبتة ومليلية    المغرب يتقهقر للمركز 89 في "مؤشر السعادة" العالمي    اليماني يدعو أخنوش لتغليب المصلحة العامة للمغرب واستئناف أنشطة التكرير في مصفاة "سامير"    "مغربيات ضد التطبيع" تدين تخاذل وتواطؤ الدول العربية وتدعو للضغط على الحكومات    تسخينات "انتخابات 2026" .. إنزال لوزراء "الأحرار" في خنيفرة    مجلس السلم والأمن الإفريقي يناقش أجندة المرأة والسلام والأمن تحت الرئاسة المغربية    الأمم المتحدة تحذر من "صدمة نفسية هائلة" لأطفال غزة بعد تجدد القتال    جرائم الكراهية تتضاعف... ومساجد تتحول إلى ساحات استهداف في ألمانيا    ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إلى "العودة الفورية لوقف إطلاق النار في غزة"    أجواء ممطرة في توقعات طقس السبت    انطلاق فعاليات "زهرية مراكش"    الزاكي: تأثرت بسماع النشيد الوطني    مبعوث ترامب: الأوضاغ في غزة قد تؤدي إلى انهيار الأنظمة في مصر والأردن والسعودية (فيديو)    المنتخب المغربي يفوز بصعوبة على مضيفه النيجر ويقترب من بلوغ مونديال 2026    هكذا كان أداء لاعبي المنتخب الوطني المغربي بعد الفوز الصعب على النيجر    المجلس العلمي الأعلى يحدد مقدار زكاة الفطر لهذه السنة    رحيل مخرج "وادي الذئاب" "دموع الورد".. نهاية أسطورة الدراما التركية    المجلس العلمي الأعلى يحدد قيمة زكاة الفطر لعام 1446 ه في المغرب    مجموعة "أكديتال" تتصدر معاملات البورصة متقدمة على "التجاري وفا بنك" و"اتصالات المغرب"    تنظيم منتدى الصحراء المغربية الدولي للصحافة والإعلام بسيدي إفني    أبحاث جديدة تفسر سبب صعوبة تذكر الذكريات الأولى للأطفال    المجلس العلمي الأعلى يرفع قيمة الزكاة في المغرب    الصيام بين الفوائد الصحية والمخاطر    منظمة الصحة العالمية تدعو لاتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة السل    صحة الصائم الجيدة رهينة بالتوازن في الأكل و النوم و شيء من الرياضة..    من أجل فلسفة جذرية    أمسية شعرية وفنية تحتفي باليوم العالمي للشعر في طنجة    2025 سنة التطوع: بواعث دينية ودوافع وطنية    بعد 15 سنة من العطاء…اعتزال مفاجئ للمخرج المصري محمد سامي للدراما التلفزيونية    أوريد: أزمة السياسة "ليست مغربية".. والشعبوية متحور عن الفاشية    









التأليف السياسي بين فرنسا و المغرب / الجزء الأول
نشر في مرايا برس يوم 14 - 02 - 2010

التأليف السياسي بين فرنسا و المغرب
لا مقارنة مع وجود الفارق
الجزء الأول
ما يشبه التقديم
حتى و المغرب يحقق استقلاله الترابي عن فرنسا نهاية خمسينيات القرن الماضي، فإنه ظل تابعا لها كأي تلميذ كسول يحاول الاجتهاد قدر الإمكان لنيل رضى أستاذه و الإفلات من عقوباته، فالوجود الفرنسي بالمغرب، رغم مرور أزيد من 50 سنة عن الاستقلالن واضح و فاضح في نفس الوقت، و في جميع المجالات، بدءا من السياسة و الثقافة، مرورا بالإقتصاد و الفن، وصولا عن الرياضة، كما أن المغرب بدوره مغرم لحد بعيد بالنموذج الفرنسي، و منهمك في التبعية العمياء لفرنسا، و محاولة تقليدها في جميع المجالات لاسالف ذكرها.
هذا التقليد له من السلبيات ما يفوق بكثير ايجابياته لسوء الحظ، حيث لا يتم تقليد النموذج الفرنسي إلا في الأمور التي لا تعود بالنفع الوفير على الشعب المغربي، كعدم تطبيق أصحاب الحال للديمقراطية و حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها بفرنسا على سبيل المثال لا الحصر، فلو طبقوها حرفيا كما هي مطبقة ببلاد فيكتور هوجو، لكان المغرب بلدا رائدا على المستوى العربي و الإفريقي، حتى لا نقول العالمي، لأن ذلك من سابع المستحيلات، و نحتاج في هذا البلد الحزين لمئات من السنين للوصول لحلم تحقيق هذا الحلم.
فعندما يرغب المسؤولون المغاربة في إطلاق مشروع جديد، فإنهم يلتفون بشكل تلقائي للجارة فرنسا، مستمدين من نماذجها إمكانية نجاح تلك المشاريع، حتى و إن كانت أرضية تطبيقها تختلف بين البلدين، فإن ذلك لا يهم، بالقدر الذي يهم فيه تطبيق النموذج دون مرعاة للمقومات الإقتصادية و الظروف الطبيعية و المناخية لكلا البلدين.
سياسيا، تعتبر فرنسا من الدول الرائدة على المستوى الدولي، لها وزنها الثقيل و كلمتها مسموعة، و ما إخراج المغرب من ورطة اميناتو حيدر مؤخرا لخير دليل ما نقول، و من بين مظاهر ريادة فرنسا عالميا، نجد الجانب المتعلق بالدخول السياسي المتعارف عليه موسميا بفرنسا، دون أن يعمل رموز الأحزان لكل الأحزاب على تقليد هذا الدخول السياسي، و جعله مناسبة حقيقية و فعلية لطرح كل القضايا المصيرية و مناقشتها بصوت عالي و علني، لكنها و لله الحمد منعدمة بأجمل بلد في العالم حتى إشعار آخر، مع التأكيد أنه لن يأتي في القريب البعيد بطبيعة الحال.
هذا الدخول السياسي المتميز بفرنسا و العديم الوجود بالمغرب، يوازيه تأليف سياسي كبير العدد و غني المضمون عند الفرنسيين، و غيابه الكلي بالمغرب لإنعدام ثقافة التاليف السياسي عند أهل سياسيينا، و هذا هو موضوع المقال بعد هذه المقدمة الطويلة.
مجرد سؤال بسيط
أتساءل مع نفسي الأمارة بالفضول و أنا أقرأ بشكل متواصل أخبارا عن صدور كتاب هنا لذاك و هناك لآخر، للكثير من السياسيين الفرنسيين، و أحاول أن أضع مقارنة غبية لحال زملائهم في المغرب، و أعود لأقول مع نفسي، كم ضيعوا علينا من الوقت و الإفادة بإختيارهم منفى السكوت، و ترك الأمور بعيدا عن السطور حتى لا نقرأها و تقرأها الأجيال اللاحقة.
فكم من اسم توفي دون أن يعمل على تدوين يوميات حياته السياسية، التي عاشها و كان طرفا أساسيا من معادلاتها، و بالتالي حرمان أجيال كاملة من معرفة تفصيل تفاصيل الكثير من الأحداث و الوقائع التي ميزت البلاد من أفواه من ساهم في حدوثها.
أسماء للإستنئناس فقط
بمغرب ما قبل و بعد الاستقلال، مرت الكثير من الأسماء تحت جسر السياسة المغربية، لكن للسف الشديد لم تعمل على إفراغ ما خزنته ذاكرتها على أوراق بيضاء و إخراجها في كتب تحفظ على الأقل تواريخ التاريخ الذي وقع.
ألم تكن الضرورة تفرض على الراحل عبدالكريم الخطابي، و نحن نحتفل بذكرى وفاته السابعة و الأ ربعين ( توفي يوم 6 فبراير 1963 ) أن يؤرخ لتلك الوقائع التاريخية التي كان بطلها الأول و الأخير و بدون منازع، و أن يعرفنا نحن أحفاده على شبكة علاقاته مع مختلف الشخصيات البارزة على الصعيد العالمي، و كواليس مفاوضاته الكثيرة مع قادة الدول الأجنبية و متزعمي حركات التحرير، و طبيعة علاقاته مع الراحلين محمد الخامس و الحسن الثاني، و أن ينير ظلمة طريق معرفة تفاصيل معركة أنوال الشهيرة، و غيرها من الحكايات التي دفنت للسف الشديد مع غيفارا المغرب كما لقبته بالأمس جريدة أخبار اليوم المغربية، و خصصت له ملفا من خمس صفحات كاملة.
ألم نكن في أمس الحاجة إلى قراءة القصة الكاملة لوزير الداخلية السابق إدريس البصري، الذي عايش ملكين عن قرب، و كانت له صلاحيات واسعة في تنفيذ كل أوراشه القمعية، إلى أن إنتهى به الحال ذات يوم مرميا على رصيف شورع العاصمة الفرنسية، غير مالك لجواز سفر، كأي مهاجر سري مغمور، علما أن تحت يديه كانت تمر كل الملفات السياسية الحساسة، و ساهم إلى حد بعيد في إغراق البلاد في القمع و سلب الحريات الفردية و الجماعية..
بصري آخر، الفقيه هذه المرة، فرع من شجرة حزب الاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، توفي هو الآخر، و لم يخلف وراءه أي آثر يدلنا على ما قام به هذا الرجل المثير للجدل، و يجعلنا على الأقل نفهم بعض ما حدث من انقلابات و مؤمرات و تلاعبات و اختلاسات، و ما إلى ذلك من سيئات الأسماء، فهو كان يملك كنزا ثمينا من المعلومات التي كان بإمكان نشرها في كتاب أن تحدث زلزالا في الحياة السياسية المغربية، و ما نشره لرسالة شهيرة بأسبوعية لوجورنال، يتهم فيها رفاق الأمس بالتورط في الإنقلاب العسكري الذي وقع للراحل الحسن الثاني، فتم إغلاق المجلة المشاكسة من قبل الوزير الأول لحكومة التناوب، عبد الرحمان اليوسفي، كرد فعل رسمي من الدولة المغربية على مغامرة كشف بعضا من حقائق مغرب ما بعد الاستقلال.
و ما دمنا نتحدث عن الوزير الأول السابق عبدالرحمان اليوسفي، فهو اسم لا زال حيا يرزق، و نتمنى له عمرا طويلا، كما نتمنى أن لا يبخل علينا بمذكراته السياسية، التي يتردد في السنين الأخيرة أنه يعتكف على كتابتها، دون أن يعلن بنفسه صحة الأخبار من عدمها، ليبقى الأمل أن تكون في حقيقة الأمر أخبارا حقيقية، حتى يتسنى لنا معرفة كل ما جرى له و هو معارض شرس لنظام الحسن الثاني لعقود متتالية، و قبوله الجلوس على نفس طاولة الوزراء إلى جانب ادريس البصري جلاد الجلادين، و أكبر عدو للإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، في تناقض صارخ للنفاق السياسي بين الماضي البعيد و الماضي القريب، حيث التحول من المعارضة إلى القبول بدخول بيت الطاعة دون أي مقاومة أو شروط مسبقة.
هناك أيضا الكثير من الأسماء مثل علال الفاسي، المهدي بنبركة، شيخ العرب و غيرها كثير سنحاول خلال الجزء الثاني العودة إليها، و كذلكتقريبكم أيضا من الكم الهائل من الكتب التي حرر فقراتها العديد من الأسماء السياسية بالجارة فرنسا كتقليد تابث في الحياة السياسية الفرنسية..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.