فزعت من النوم هلعة مع الرابعة صباحا على صوت امرأة تصرخ بقوة وتستنجد بالناس....مالذي يحدث في حينا الهادئ؟؟..إنها امرأة تصرخ؟ ...لكن من تكون هذه المرأة وما الذي يرهبها؟...تبادر إلى ذهني في الوهلة الأولى- كأي مواطن مغربى تربى في مجتمع ذكوري جبل على سوء الظن- أنها فتاة من فتيات الليل تتعرض للتعنيف من طرف أحد زبنائها، لكن الأمر لم يكن كذلك...فتحت النافذة فإذا بها زوجة فرت من عش أو جحيم زوجيتها تستنجد بالناس لإنقاذها من زوجها ولسانها المرتعد يقول: "أين أنتم أيها الناس ساعدوني زوجي يريد قتلي"....الحيطان تشهد على صراخها..السماء ترثى لحالها...تكرر القول بدون استسلام....النوافذ لا زالت مغلقة والناس نيام أو بالأحرى لايعنيهم ما يحدث بالخارج...كررت صراخها لمرات...سمعت أصواتا تقول لا تخافي نحن معك...فجأة ظهر عجوز يقف بجانبها... إنه صاحب المنزل الذي تكتري عنده...أين أبناؤها الصغار؟ ...إنهم يشاهدون هذه التراجيديا في ذهول...وأين الزوج؟... إنه يقف في تحد وكلامه يدل على عدم الاكتراث بهذه الفضيحة التي لعب فيها دور البطولة مع زوجته...ويروى أن الرجل موظف سكير وزير نساء...وأخيرا جاء الأمن الوطني وطلب من الزوج الركوب في السيارة ...الزوج يتحدى: لتركب هي أولا...الزوجة تجيب: لا لن أجلس أمامه...إنها لا زالت ترتعد...وبعد عناد طويل أخذهما الأمن الوطني وأنهى هذا الفيلم القصير المؤلم وأنا ما أزال هلعة وقلبي يعتصره الألم على ما وصلت إليه بيوتات المغاربة...ولأن النوم طار بدون عودة...تذكرت برنامج الخيط الأبيض وتساءلت مع نفسي: كيف يمكن لبرنامج أن يخيط علاقة زوجية منتهية صلاحيتها منذ مدة بخيط أبيض؟ أم أن الترقيع من هوايات المغاربة عوض البحث عن حلول تريح الجميع من جحيم الصراعات الغير منتهية...بعد تفكير طويل أيقنت أن البرنامج فاشل جدا ولا يمكن أن ندخله إلا في خانة التقليد الأعمى لبرامج الغرب دون مراعاة خصوصيات كل مجتمع...لذلك وجدتني متحمسة لسرقة الأضواء من نسيمة الحر وتقديم الحلقة الأخيرة من برنامج الخيط الأبيض، حيث سنحاول أن نعقد محاولة صلح بين أكبر خصمين في المغرب وهما: الشعب والحكومة...وسينوب عن الشعب في حلقتنا الرأي العام المغربي فيما سينوب عن الحكومة ناطقها الرسمي الحاج خالد الناصري. فلنبدأ التصوير. منذ تعيين أول حكومة مغربية والعلاقة بينها وبين الشعب علاقة متأزمة تتميز بالشك والعتاب والكره الخفي المتبادل...وتزداد الوضعية سوءا مع مرور السنوات وتدهور الأوضاع وانكشاف العورات...فما الذي يجعل الرأي العام عاجزا عن إسماع صوته للحكومة والدفع بها نحو الأخذ بملاحظاتها واقتراحاتها؟...وما الذي يجعل الحكومة تصم آذانها على هذا الرأي العام وتعتبره عنصر تخريب لسمعة الوطن؟... أنا: نستضيف أولا الرأي العام المغربي ونسأله لماذا كل هذا الحقد تجاه الحكومة ؟ الرأي العام: نحن لا نضمر حقدا تجاه أي أحد. نحن نطالب فقط بحقوقنا ونحتج على انتهاكها بشكل صارخ يهين إنسانيتنا. وأمام تعنت المسؤولين فلا خيار أمامنا إلا أن نفضح هذه الحكومة البلهاء. التي لا زالت تعتبرنا قطيعا يحتاج إلى القمع والترهيب لتضمن المحافظة على امتيازاتها وتحافظ على تلك الصورة الوردية التي رسمتها للمغرب و تحاول أن تسوقها في الخارج. وعندما نتحدث عن القمع فنحن لا نتحدث من فراغ أو من أجل أن نشوه صورة وطننا الذي نحبه أكثر من المرتزقة الذين يتاجرون في الوطنية ليل نهار. نحن نتحدث عن أحداث قلصت من هامش حرية التعبير بشكل مريع مما يجعلنا نتساءل إلى أين نحن ماضون بمغربنا في ظل هذه السياسة القمعية التي طالت الأخضر واليابس. السنة الماضية شهدت اعتقالات بالجملة لصحفيين ومدونين وناشطين في مجال حقوق الإنسان. ألا يدعوا هذا إلى القلق والشك في نوايا الإصلاحات التي تشهرها الحكومة في أوجهنا وتتبجح بها في المؤتمرات الدولية. أنا: لكن لماذا النظر دوما إلى الجزء الفارغ من الكأس؟ هناك إصلاحات وأوراش كبرى مفتوحة فلماذا تستفزون الحكومة وتجرونها إلى صراعات بلادنا في غنى عنها؟ الرأي العام: ومن قال أن الكأس فيه فراغ لننظر إليه. الكأس ممتلئ عن آخره. الكأس مليء بمياه الفيضانات التي تعري أكاذيب حكوماتنا في كل سنة، الكأس مليء بدموع المعطلين والفقراء من أبناء الشعب المغربي المغلوب على أمره. إن فبركة الأوهام ومحاولة تصريفها إعلاميا لم يعد مقبولا. هناك حالة يأس عارمة تجتاح المغاربة. فالحديث عن الإصلاحات ليس حديث العهد. كل الإخفاقات التي نعيشها اليوم في التعليم والقضاء و كل المجالات هي نتيجة لتطبيق إصلاحات سابقة. وفي ظل غياب المحاسبة فلا يمكن أن نتفاءل كثيرا بما هو آت. فالناس عندنا يخططون ويجربون فينا كما يشاؤون وعندما تفشل هذه المسماة"إصلاحات" فحينها ليس من حقنا محاسبتهم ولا معاقبتهم على سوء تخطيطهم الذي تقاضوا من أجله أموالا من جيوبنا...نحن نريد حكومة ذات رسالة تلتزم بتطبيقها على أرض الواقع ويكون لنا حق المحاسبة عندما تنتهي صلاحياتها. فهل نبالغ في حقنا هذا. أنا: نشكر الرأي العام والآن نستضيف الحاج الناصري وهو طرف في هذا النزاع الذي طال لعقود من الزمن. الحاج الرفيق خالد مرحبا بك. خالد الناصري: مرحبا بك سيدتي. أنا:ما تعليقك على ما أدلى به الرأي العام. وكيف تفسرون فقدان الشعب ثقته في الحكومة؟ خالد الناصري: أولا لايمكن أن نقول بأن الشعب فقد ثقته بالحكومة. هذه مجرد أقلية تعبر عن رأيها ونحن في مغرب حرية التعبير نوفر لها فرصة القيام بذلك. ولولا الإصلاحات الكبيرة التي شهدها المغرب لما تمكن هذا الرأي العام اليوم من التعبير عن رأيه بكل حرية وبدون خوف. لكن عندما يتعلق الأمر بالإساءة إلى سمعة الوطن ونشر الأكاذيب فإن الأمر موكول للقضاء. ونحن لنا الثقة الكاملة في أن القضاء المغربي الذي نعتقد جازمين أنه قادر على أن يحكم على هذا الشباب المتهور بشكل عادل يضمن مصلحتهم ومصلحة الوطن. ... أنا:معنا في الأستوديو أحمد أبو بكر جاد الحق وديفيد اسبورن وتد جيبلر لمساعدتنا في تحليل هذا الصراع المتأزم بين الشعب والحكومة. نبدأ بالسيد أحمد أبو بكر جاد الحق. فكما سمعتم، الرأي العام يشتكي من تصرفات الحكومة ويعاتبها لأنها لا تسمع له ولا تحترم آراءه. فمتى يمكن للرأي العام أن يكون مؤثرا؟ - أحمد أبو بكر جاد الحق: يكون الرأي العام مؤثرا عند توفر بضعة معايير، منها: - وضوح القضايا محل القياس، وفهم الجمهور لها تمام الفهم. - اتساق وتناسق تفضيلات الجمهور للبدائل. - ارتفاع درجة الاستقرار من النخبة الحاكمة للاختيارات السياسية. - فإذا توفرت هذه الشروط يصبح الرأي العام مؤثرا حقيقيا داخل المجتمع، وذلك لأن الرأي العام يرتبط بعلاقة دائرية ديناميكية، ويتوقف دور الرأي العام على طبيعة النظام السياسي السائد. وطبيعة القضية المطروحة. ونلاحظ في المجتمعات الديمقراطية أن الرأي العام هو بمثابة الحيز العام الذي تتحرك فيه النخبة السياسية، ولا تستطيع أن تحيد عنه، لأنها إن مالت عنه، فإن المجتمع سوف يقوم بتحييده إجبارا من خلال الانتخابات التي تجري بين الحين والآخر، ولهذا يمكن القول: إن النخب الحاكمة لا تستطيع أن تتجاهل الرأي العام في مسائل توزيع المناصب كما قال مكيافيللي، ولا تقتصر أهمية الرأي العام على الدول الديمقراطية فحسب بل إنها تشمل كافة المجتمعات الديمقراطية والشمولية، ولذلك فإن النخب الحاكمة تخشى بأس الرأي العام؛ لأنه في حالة تعبئته من جانب أية جماعة أو قيادة معارضة تستطيع الإطاحة بأي نظام مهما بلغت قوته ومهما بلغت كفاءة أجهزته الأمنية. 1 أنا: ننتقل للسيد وديفيد اسبورن وتد جيبلر لنسأله أي نوع من الحكومة هذا يمكن أن يفض هذا النزاع؟ - وديفيد اسبورن وتد جيبلر:الحكومات الموجهة برسالة هب أكثر كفاءة من الحكومات التي تعمل بموجب اللوائح والنظم الجامدة، وهي أكثر فعالية ومرونة . ويتطلب تحويل المنظمات الحكومية إلى منظمات ذات رسالة ، إزالة الصدأ المتراكم على هيكلها كالصدأ العالق بجسم بسفينة قديمة. وكثيرا ما يحدث أن تعيد الحكومة طلاء هيكلها مرات عديدة بدون إزالة طبقات الصدأ القديمة. والمطلوب إزالة كل أثار الصدأ والاكتفاء بطلاء واحد على أساس نظيف. كما يتطلب هذا التحول ميزانية مرنة لا ميزانية جامدة. ميزانية يمكن أن تتجاوب مع الظروف المتغيرة. 2 - أنا: وماذا تقصدون بالرسالة؟ - وديفيد اسبورن وتد جيبلر: الرسالة تعني التركيز على الغرض الأساسي، وتضع الأهداف للوحدة الحكومية وتربط التطبيق بالقيم. وعندما تكون الرسالة مكتوبة فإنها توجه الوحدة من القمة إلى القاع.ويجب أن تكون الرسالة واضحة وموجزة. 3 وقت البرنامج انتهى فالاشهارات والسهراتتزاحمنا. وسأعترف لكم بما لم تعترف به نسيمة الحر في حلقاتها السابقة، لقد فشلت في عقد الصلح بين الطرفين علما أنه لم يكن في نيتي فعل ذلك. دمتم في رعاية الله وحفظه. 1- أحمد أبو بكر جاد الحق : مقال التحدث نيابة عن الشعب. 2.3- وديفيد اسبورن وتد جيبلر: إعادة اختراع الحكومة. [email protected] mailto:[email protected] fatimazahrazaim.elaphblog.com