مر شهران على حبس شباب تغجيجت المناضلين : البشير حزام وعبد العزيز السلامي ومحمد شويس وأحمد حبيبي ، وزف الخبر السعيد بالإفراج عنهم بعد مداولات محكمة الاستئناف المتنقلة بتزنيت ، الخبر كان سعيدا وجميلا لعائلات المعتقلين الأربعة ، وكان نذير خير لعائلتي شابين آخرين اعتقلا مع المفرج عنهم واستمر حبسهما دون مبرر . الفرحة لم تكتمل عند المفرج عنهم مادام أصدقاءهم خلف القضبان ، إلا أن انتظار الفرج أحد أمانيهم المرغوبة مادامت في الوطن أصوات حية تنتصر للمظلوم ضد الظالم ، وتطلب الحق مع الإيمان بالواجب . مرحبا بأبناء تغجيجت البررة بين أهلهم وأحبابهم ، شكرا لكم على تضحياتكم لأجل الحرية والكرامة والعدل ، والأمل كل الأمل في الإفراج عن أبوبكر وعبد الله ، والأمل كل الأمل في وطن ينصت للمستضعفين ، يحضنهم ويمسح عنهم دموعهم . أفرج عن البشير ، مدون تغجيجت الشهير وأحبابه يعانقونه من أعماق أعماقهم ، لأنهم كانوا متيقنين أن خريج القرويين صادق في تدويناته ، فلو كانت تهمة بجلالة قدرها " تشويه سمعة المغرب في مجال حقوق الإنسان " ، لو كانت تهمة حقيقية لكان الحكم الابتدائي قاسيا ولكان الحكم الاستئنافي أقسى منه ، ولكن مادام الأمر تأديبا خفيفا ضد الحق في الوصول إلى المعلومة فلا داعي من استعمال الألفاظ الكبيرة للغايات الصغيرة . لا نعرف إن كانت السلطة هي المخطئة في اختيار المتحدثين باسمها ، أم أن ممثلي السلطة أخطئوا طريقهم إلى الوظائف التي يشغلونها . بلد بأكمله لا يغتفر أن يكون صانعي قراره متدربون في صياغة الكلمات ، فهذه الأخطاء لن تجعل من بلدنا سوى بلدا متخلفا يخلف موعده مع طرق تقوية بناء أسس تماسكه الاجتماعي . والتماسك الاجتماعي يتم تحقيقه بالاستجابة لمطالب المحتجين بطرق الحوار والتنفيذ حسب المستطاع ، وليس بالعصا الغليظة والتبريرات المضحكة والأحكام الغريبة . أفرج عن عبد العزيز ومحمد وأحمد ، حقوقيي تغجيجت وساستها لأجل المساواة والعدل والإنصاف ، وكلهم أمل في أن يصل الدقيق إلى تغجيجت قبل أسبوع وليس قبل أسبوعين ، كلهم أمل ألا يباع الدقيق للبعض ويحرم منه البعض الآخر . كلهم أمل في أن يخفف القيمون على فواتير الماء والكهرباء أثمانهم الباهظة على ساكنة لا تعرف من الخضر سوى البصل والطماطم ، لا تعرف من الفواكه سوى " ليمون آخر السوق الأسبوعي " ، ومن الدجاج أرخصه ، لا تعرف اللحوم الحمراء إلا في عيد الأضحى والأعراس والجنائز . كلهم أمل في عدم تغيب الطبيب عن المركز الطبي أقل من أسبوع ، كلهم أمل في سيارات إسعاف سريعة وطرق غير محفورة ورجال أمن يقظين . كلهم أمل في رجال سلطة يؤدون واجب المهنة دون مجاملات مزاجية أو أمراض سلطوية ، كلهم أمل في أن يروا وطنا يحضنهم شبابا ، وطنا لا يبخل عنهم في دراستهم كي لا يبخلوا عنه في وظيفتهم ، كلهم أمل في أن يفتخروا ببلدهم بدل الحلم بالهجرة إلى أوطان الآخرين . كلهم أمل في أن يكون المغرب " أجمل بلاد الله على الإطلاق " . ورغم عدم اكتمال الفرحة لكون مسير مقهى الإنترنيت عبد الله بوكفو والمدون أبوبكر اليديب لا زالا خلف القضبان ، فإن نذر خير سعيدة تلهمنا أن القابضين على هذا الوطن سيصححون بعض الأخطاء بحق الأصوات الحرة التي تظهر من تغجيجت ومن ربوع وطننا الجريح . لم يكن أحدنا يتصور أن جريدة الإعلامي بوعشرين ستصدر صباح السبت الماضي بعد خطأ مطبعي خاصة وأن بعضا ممن ينتسبون لهذا الوطن يقسمون بالله العظيم أن الخطأ المطبعي كان مقصودا ، لكن السلطة كانت حكيمة هذه المرة وتصرفت تصرف الواثق من نفسه في بادرة نادرة . لذلك ننتظر بفارغ الصبر باستكمال مسلسل الإصلاح الجزئي بالإفراج عن باقي معتقلي تغجيجت عبد الله بوكفو وأبوبكر واليديب ، بالإضافة إلى إدريس شحتان وشكيب الخياري وغيرهم من معتقلي الرأي وطلبة الجامعات ، كما ننتظر الإفراج عن حواسيب بوكفو وفتح مكاتب يومية " أخبار اليوم " في وجه العاملين بها . نتمنى أن يتغلب صوت العقل والحكمة على نوازع الهوى والتعصب ، نتمنى تدريس مواد فلسفة اللغة لصناع القرار الاستراتيجي بالبلد ، فحينما يصدر رأي أو تقرير عن إعلامي أو مدون يجب على السلطة مواجهته بذات الرأي وذات التقرير ، وليس بالضربات الأمنية والأحكام الظالمة . حينها يمكننا " الانتقال للديمقراطية " ولن يحصل خريفها رغم أننا لم ننتقل بعد إليها ، اللهم عجل بهذا الانتقال قبل أن تنقل أجسادنا إلى رحمتك .