رغم قوة تأثير الدرس البليغ الذي أحدثته الثورة التونسية في الشبكة الدماغية لكثير من المعوقين عقليا في المغرب والعالم العربي رغم أن سحرة فرعون سيستمرون في الضحك على شعوب بالغت في التسامح مع اللصوص والمفسدين والعملاء ، فإن كثيرا من المغاربة الأحرار ينتظرون ساعة انطلاق ثورتهم ماداموا يعيشون حالة مشابهة لنظام زين العابدين بن علي البائد ، والغريب في الأمر أن نواب البرلمان المغربي المزور والوزراء ووجوه التلفزيون مصابون بحالة خوف هستيرية من أن يجدوا أنفسهم يوما ما على قارعة الطريق ، ما داموا يدركون في قرارة أنفسهم أنهم ليسوا أهلا لتلك المناصب . مَن مِن المغاربة لا يعرف أن الحكومة مجرد ديكور لتلميع واجهة مؤسساتية يحاول النظام المخزني إيهام المعوقين ذهنيا بوجودها ؟ مَن مِن المغاربة لا يعرف أن جميع البرلمانيين مجرد عبيد للنظام المخزني وللرصيد السمين الذي يحصلون عليه من عرق مستضعفي الشعب المغربي ؟ مَن مِن المغاربة لا يعرف أن أغلب البرلمانيين أميين في القراءة والكتابة والسياسة ولم يفوزوا بالانتخابات التي تتحكم وزارة الداخلية في نتائجها وتمويلها إلا بشراء أصوات المشردين والمجوعين ونزلاء الخيريات ضحايا منظومة سياسية واجتماعية فاسدة ؟ . وبالإضافة إلى الأمراض الاجتماعية التي أفرزتها المنظومة المخزنية الفاسدة ، نتيجة المحسوبية والرشوة والفساد الإداري ، يسود اعتقاد لدى الكثير من المغاربة مِن كون التخلق بأخلاق المخزن هو السبيل الوحيد للحصول على بعض الخدمات بدل الاستقامة ، وأسوق مثالا على ذلك ما قاله مواطن مغربي مِن أن تطبيق ما يسمى " القانون " في المغرب لا يصلح للفئات المهمشة ، فعندما طلب من " عون سلطة " أن يحرر له شهادة السكنى ، أفرط هذا الأخير في مطالبته بوثائق غير ملزمة .. وفي الأخير تفاوض الطرفان في المسألة ، ليحصل المواطن على " الشهادة " مقابل " رشوة " . وإذا كان " عون السلطة " فاسدا ، هل يكون القائد الذي يزوده بمعلومات عن المجتمع أنظف منه ؟ وهل يكون رئيس الدائرة الذي يزوده القائد بمعلومات وردت من عون السلطة أنظف منهما ؟ وهل يكون العامل الذي يزوده رئيس الدائرة بمعلومات وردت عن القائد عن عون السلطة أنظف منهما جميعا ؟ .. وإلى آخر الحلقة سنكتشف أن المعلومات ملغومة وأن التربية مفقودة ، وبالتالي إفراز منظومة سياسية وثقافية واجتماعية فاسدة يكتوي بنارها أبناء الفقراء والمهمشون ، والذين يحاولون الهروب من البلاد عن طريق هجرة شرعية محفوفة المخاطر شاء العالم الاستعماري الظالم أن يسميها " هجرة غير شرعية " . الذي يجب أن يعرفه المغاربة اليوم أكثر من أي وقت مضى ، أن المعلومات التي تتحدث عن الاستقلال الشكلي والمنقوص باتت مؤكدة ، وأن الثورة التونسية التي فاجأت العالم بسرعتها فضحت الأنظمة العميلة والغرب الاستعماري ، وأنه لا يوجد هناك شيء اسمه " تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي " سوى بعض العملاء للموساد الإسرائيلي و " سي آي آي " تم إعدادهم لمهمة تخويف الشعوب من التغيير والمطالبة بالحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية ، ومادام هناك تنسيق بين الأنظمة الحليفة للولايات المتحدة ومن بينها المغرب حول محاربة " ثورات الشعوب " والتي استبدلت زورا بمحاربة " الإرهاب " ، فإن التآمر بين الدكتاتورية والإمبريالية على الشعوب أصبح حقيقة مؤكدة . وبالرجوع إلى العامل المباشر لاندلاع شرارة ثورة الأحرار بتونس ، والذي يكمن في حرق الزميل / الشهيد محمد البوعزيزي لنفسه ، يبدو أن نفس العامل المباشر يمهد لاندلاع الثورة المغربية ، خاصة وأن العوامل غير المباشرة لاندلاع التونسية وتأجيل المغربية جد متطابقة . وأبرز مثال على ذلك تجربتي الشخصية مع السلطات المغربية في الحصول عن عمل أو متابعة الدراسات العليا ، فقد جرى اعتقالي والتحقيق معي في أكتوبر الماضي بمجرد مطالبتي بحقي في النقل المجاني كباقي الطلبة الصحراويين بغية التسجيل في الماستر ، وبررت السلطة ذلك بالتخوف من " استغلال أطراف خارجية " لاحتجاجي ، بعد أن لفق لي ضابط الأمن الآمر بالاعتقال تهمة " زرع البلبلة في صفوف الطلبة " . وبعد استنفاذ جميع الطرق في المطالبة بالشغل في القطاع العام أو الخاص ، أو متابعة الدراسات العليا مع انعدام تمويل السكن والغذاء والنقل ، طرقت أبواب السلطة في عز أيام الاحتجاجات الاجتماعية بتونس ، وكان رد ممثل السلطة المحلية رفقة معطلين آخرين : " لا يوجد شغل .. المغرب ليس هو تونس فهو والحمد لله بلد ديمقراطي .. ولو أحرقتم أجسادكم بالنار لن تنالوا أي شيء .. ولو قمتم باستغلال فزاعة البوليساريو كما يفعل باقي الصحراويين لن تنالوا أي شيء .. ولو انضممتم ل " تنظيم القاعدة " لن تنالوا أي شيء .. العدل لا يوجد في الأرض ، هو عند الله .. وحتى عند الله ، الله أعلم " . وكان تعقيبنا عليه " ما العمل إذن ؟ .. هل نحرق أجسادنا بالنار ؟ .. في تونس تظهر عائلة بن علي وفي المغرب عائلة الفاسي الفهري .. نحن وطنيون شرفاء لا نخضع انتمائنا للمغرب للمساومة .. الانفصاليون يبتزونكم وينجحون في ذلك .. الغرب منافق ويستغل ظلمكم لنا من أجل توسيع دائرة مصالحه .. أين حقنا في اجتياز المباريات ؟ .. أين حقنا في التعويض عن البطالة ما دامت مؤسساتكم الإعلامية تعرض وقائع توزيع تلك البطائق والبقع الأرضية على الأطفال والشباب والنساء والعجائز أثناء تنظيم سكان العيون لمخيم الاحتجاجات الاجتماعية اكديم إيزيك ؟ " . وفي الأخير علينا أن نتساءل : متى ستنطلق الثورة المغربية ؟ متى يطلق المخزن أول رصاصة علنية في وجه الثوار ؟ .. شباب المغرب اليائس لا يوجد عنده ما يخسره .. و 4000 إنسان يسقطون سنويا ضحية حوادث سير طرق مغشوشة .. ماذا لو ضحينا ب 400 إنسان في سبيل استقلال المغرب الثاني خاصة وأن عدو المخزن الديمقراطية ، وأنه لن يترك المغاربة دون سفك دماءهم ، أما إفساد بناتهم وبرهم وبحرهم وجوهم فقد غرق فيه حتى أخمص القدمين .. متى تنطلق الثورة المغربية ؟ ننتظر إجابة الثوار . [email protected]