ارتفعت حصيلة الاحتجاجات الاجتماعية التي شهدتها تونس في بداية الأسبوع الماضي . وقال مصدر نقابي إن نحو 50 قتيلا سقطوا خلال الأيام الثلاثة الأخيرة في الوسط الغربي من البلاد متحدثا عن "فوضى" سادت أمس مدينة القصرين في هذه المنطقة . وأعلنت وزارة الداخلية مقتل 4 أشخاص وإصابة 8 شرطيين بجروح الاثنين في مدينة القصرين . وكانت حصيلة رسمية سابقة الأحد الماضي أشارت إلى مقتل 14 شخصا في مدينتي تالةوالقصرين . وقال الصادق المحمودي عضو الاتحاد المحلي التونسي للشغل (المركزية النقابية) "هناك حالة فوضى عارمة في القصرين بعد ليلة من أعمال العنف وإطلاق قناصة النار ونهب وسرقة متاجر ومنازل من قبل الشرطة التي انسحبت إثر ذلك " . وأكد شهود اتصلت بهم وكالة " فرانس بريس" رواية المحمودي للوقائع ، ما يؤشر إلى أن الكلمة التي توجه بها الاثنين الرئيس التونسي زين العابدين بن علي عبر التلفزيون لم تنجح في نزع فتيل أخطر احتجاجات اجتماعية تشهدها تونس منذ 1987 . وأضاف المسؤول النقابي أن " عدد القتلى فاق الخمسين قتيلا " بحسب حصيلة جمعت من مصادر طبية في مستشفى القصرين التي تبعد 290 كلم جنوبي العاصمة حيث يتم إيداع الجثث من مناطق الولاية التي تحمل الاسم ذاته . وأشار موظف يعمل في المدينة طلب عدم كشف هويته إلى إطلاق نار من قناصة تمركزوا على أسطح البنايات وإلى إطلاق قوات الأمن النار على مواكب جنائزية في القصرين . وتوقف موظفو مستشفى القصرين عن العمل ساعة احتجاجا على العدد الكبير من الضحايا وخطورة إصاباتهم ، بحسب المصدر ذاته الذي أشار إلى "بطون ممزقة ورؤوس مخربة " . وفي باريس قالت سهير بلحسن رئيسة الفدرالية الدولية لروابط حقوق الإنسان لوكالة " فرانس بريس " إن حصيلة قتلى مواجهات نهاية الأسبوع بلغت 35 قتيلا . وأضافت " أن حصيلة 35 قتيلًا مدعومة بلائحة اسمية " بأسماء القتلى " بيد أن العدد الإجمالي للضحايا أكبر وهو يحوم حول 50 (قتيلا) غير أن هذا مجرد تقييم " . وتابعت أن حصيلة الضحايا لهذه الثورة الاجتماعية التي اندلعت في 17 دجنبر إثر انتحار شاب تونسي (26 عاما) بإضرام النار في نفسه "ارتفع بشكل مأسوي" إثر تظاهرات نهاية الأسبوع الماضي في مدن الرقاب وتالةوالقصرين بالوسط الغربي التونسي . وقالت وزارة الداخلية التونسية في بيان " شهدت مدينة القصرين صباح الاثنين (..) أعمال شغب وحرق ومداهمات من قبل مجموعات استهدفت مركز الشرطة بحي النور وحي الزهور مسلحين بالعصي والزجاجات الحارقة وقضبان من الحديد " . وأضاف المصدر ذاته " تصدى أعوان الأمن للمهاجمين لمنعهم من اقتحام المركزين اللذين تمت محاصرتهما من قبلهم وتم تحذيرهم أكثر من مرة بإطلاق النار في الهواء إلا أن هؤلاء (المهاجمين) كثفوا من قذف القوارير الحارقة وإلقاء عجلات مطاطية ملتهبة والدخول عنوة للمركزين والالتحام بالأعوان الذين اجبروا على إطلاق النار في إطار الدفاع الشرعي عن النفس ، قبل اشتعال النار بالمركزين واحتراق الأثاث والتجهيزات فيهما " . وتابع البيان أن الحادث أدى إلى " إصابات في صفوف المهاجمين تمثلت في 4 وفيات فيما تعرض ما لا يقل عن 8 أعوان لحروق وجروح متفاوتة الخطورة " . وبذلك ترتفع الحصيلة " الرسمية " للقتلى بالرصاص في المواجهات منذ السبت في مدن الوسط الغربي التونسي إلى 18 قتيلا . ومساء الاثنين انتحر شاب تونسي آخر حائز شهادة جامعية وعاطل عن العمل ، باستخدام التيار الكهربائي في إحدى قرى ولاية سيدي بوزيد في الوسط الغربي التونسي ، على ما أفاد أمس شاهد وأحد أقارب الشاب المنتحر . وأغلقت السلطات المدارس والجامعات في كافة أنحاء البلاد بداية من أمس وحتى إشعار آخر . وبحسب سهير بلحسن فإن موجة الاحتجاجات بدأت تمتد إلى المدن الساحلية التي تؤوي أهم المنتجعات السياحية في البلاد . وأشارت الصحف الخاصة أمس إلى تظاهرات في العديد من المدن في وسط البلاد التونسية وفي الجنوب الغربي ولكن أيضا في الشمال بمدينة بنزرت التي تقع على بعد 60 كلم من العاصمة التونسية . من جهة أخرى سجل الثلاثاء بالعاصمة التونسية أول تحرك احتجاجي للمبدعين التونسيين سارعت الشرطة إلى تفريقه. فقد فرق رجال الأمن تجمعا " سلميا " وسط العاصمة التونسية كانت تعتزم مجموعة من الفنانين التونسيين القيام به أمام المسرح البلدي بتونس . وسادت أجواء من التوتر العاصمة وسط دعوات للتظاهر يتم تناقلها عبر موقع " الفايس بوك " الاجتماعي على الانترنت . وكانت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي والأمين العام للأمم المتحدة أعربوا عن القلق إزاء أعمال العنف في تونس . وأعربت فرنسا مجددا الثلاثاء عن الأسف " لأعمال العنف " في تونس ودعت إلى " التهدئة "، مؤكدة على لسان المتحدث باسم الحكومة فرنسوا بارون أن " الحوار وحده الكفيل بتجاوز المشاكل الاقتصادية والاجتماعية " في هذا البلد .