قامت الحكومة المغربية مؤخرا بإغلاق مكتب الجزيرة وبسحب اعتمادات صحفييها داخل المغرب، وقد كان مكتب القناة بالمغرب شهد مجموعة من المضايقات ليس آخرها محاكمة مديرها حسن الراشدي بتهمة ترويج ونشر أخبار كاذبة على خلفية تغطية الجزيرة لأحداث سيدي افني، والسؤال الذي يمكن طرحه بإلحاح : لماذا تخشى الحكومة المغربية من قناة لعلها تعتبر الأكثر مشاهدة من المغاربة ؟ بل ربما عدد مشاهدي الجزيرة يفوق عدد مشاهدي قناتي القطب المتجمد مجتمعين . أود كمواطن مغربي أن أطرح سؤالا على الحكومة المغربية من هذا المنبر : لماذا لا تقومون بإغلاق السفارة الجزائرية والسفارة الإسبانية بالرباط ؟ أم أن تحركات الدولتين بخصوص وحدتنا الترابية أقل خطرا من قناة الجزيرة ؟ إن توتر الحكومة من الحرية الإعلامية يجعلنا نجزم أنها تتعامل مع الجزيرة كدولة وليست قناة، بل الأغبى من هذا أن بعضهم يحاسب القناة بتصرفات الدولة التي تحتضنها فيقولون : لماذا لا تفضح الجزيرة الواقع القطري والعلاقات القطرية الصهيونية ؟ ونحن بدورنا نتساءل : هل يمكن للحكومة المغربية أن تكون بمثل شجاعة نظيرتها القطرية في الترخيص لقناة لها نفس الجرأة الإعلامية التي لقناة الجزيرة وبذلك سيكون الضغط متبادلا وستكون قطر مضطرة لإعادة حساباتها من جديد . المشكلة أن الحكومة المغربية لا ولن تمتلك الشجاعة لإحداث قناة في مستوى الجزيرة لأسباب عديدة منها كون المغرب لا زال في مرحلة ما يسمى بالتحول الديمقراطي، بمعنى أدق أنه لم يفتح ملفاته الحقيقية السوداء أمام الرأي العام ، وأن العديد من القضايا التي يقال أنه تمت تسويتها فالهدف الأول لهذا الزعم هو التسويق الإعلامي، كما أن فتح أوراش المحاسبة من شأنه أن يهدد الكثير من أصحاب الكراسي الغير مستعدين لترك كراسيهم . إن المعضلة التي تحكم الحكومة المغربية هي اعتقادها بأن الحجب والغلق والمنع للأصوات المشروعة عن طريق مبدأ كسر المرايا سيجعل وجهها أكثر نظارة وأكاذيبها قابلة للتصديق ، لأنها تعول في عملية تلميع صورتها على قنواتها الخاصة التي تبث المسلسلات التركية والمكسيكية المدبلجة . إن الغيرة على وحدتنا الترابية لن تأتي من غلق المكاتب الصحفية لأن الجزيرة التي منعوا مكتبها في الرباط سيجدونها بانتظارهم في نيويورك توجه عدساتها الى المفاوضين من الطرفين مغاربة و جبهة البوليزاريو وسيطرح السؤال بشكل أكثر إلحاحا وخطورة : كيف يمكن لهذه الحكومة التي تصف البوليزاريو بالمرتزقة " وهي حقيقة لا غبار عليها " وفي نفس الوقت تجلس معهم على طاولة واحدة ؟ بل لماذا يبادل المغرب سفراءه مع دولتين تعتبران الأكثر شراسة في قضية وحدتنا الترابية . بل الأكثر تناقضا في هذه التصرفات الحكومية أن قنوات اسبانية تجاهر بعدائها للوحدة الترابية بل وتحرض عليها لدى صحفييها اعتمادات داخل وطننا دون أن تجرؤ الحكومة على منع أنشطتهم، اللهم إن أرادت الحكومة اللعب على جهل المواطنين باللغة الإسبانية فتمنع من يوصل الخطابا مفهوما ولا ترى بأسا في الترخيص لقنوات لا يتابعها المغاربة بسبب الجهل اللغوي . لقد تم بالفعل غلق مكاتب الجزيرة في أكثر من دولة عربية والتشديد على تحركات صحفييها لكن مع ذلك لم يزدد الكارهون لها إلا التصاقا بها، لأنهم يعلمون أن أفاضل المرايا التي يمكن أن يروا وجوههم المليئة بالبثور والجروح والدمامل هي هذه القناة . [email protected]