ما أجمل الحياة حين تكون ناجحا ووسيما و ثريا و خصوصا محبوبا من الجنس الآخر...هكذا أنا... حسنا... هذا أحدهم يستوقفني... خفضت من سرعة راحلتي الباذخة... حالما استقر الى جانبي شكرني على انسانيتي... كان في الثلاثين كما كان مجردا من أي وسامة، لكن ثيابه لا تخلو من أناقة... على كلّ، كنت في اشد الحاجة الي محادثة أي إنسان ينطق بلساني ... أردت أن أفاجئ جليسي كما قررت من قبل مفاجأة زوجتي و أنا أقدم عليها من بلاد العلوج قبل يومين من موعدي المحدّد سألته و حبّ الحياة يملؤني: ما رأيك في قراءة الكف ؟ أجابني ضاحكا: كذب المنجّمون و لو صدقوا. قلت بين ضحكتين مدويتين: لكنني منذ اليوم سأجعلك تصالحهم . حضرتك منجم ؟ نعم. قال متحدّيا: هات إذا ما عندك! أمسكت بيسراه ألقيت نظرة خاطفة على كفه. أفدته و أنا أتجاوز سيارة أزعجني بطء سائقها. إسمك يبدأ بحرف الميم. هذا صحيح ... قد تكون مجرّد صدفة. و تشتغل محاسبا. هز كتفيه ثم قال: على كل حال لا أبدو كعامل مناجم. و تكره قراءة الكتب. ككل الناس ... وهل ترك التلفزيون و أخواته أي مجال للقراءة؟ قلت معقبا: هذا صحيح ... لو كان عنترة العبسي بيننا لقال هل غادر البرابول من متصفحّ! .. من المؤسف " أن مجموع ما يترجمه العرب سنويا يساوي خمس ما تترجمه اليونان. و لم يترجم العرب منذ ألف سنة سوى 11000 كتابا منذ العصر العباسي الي وقتنا الحاضر. بينما في اسبانيا وحدها يتمّ ترجمة اكثر من 11000 كتابا في العام الواحد! أما متوسط القراءة لكل فرد في المنطقة العربية فهو يساوي عشر دقائق في السنة، بمعدل ربع صفحة، مقابل 11 كتاب في السنة للفرد في أمريكا و 7 كتب في بريطانيا" هذا ما نشره تقرير التنمية البشرية اعذرني لقد سرحت قليلا ... حسنا ... كما تشكو أيضا من المصران الأعور . هذا أمر شائع بسبب التوتر، مرض العصر كما يقال. كما انك مصاب بتعرّق شديد يزعجك كثيرا. زمّ شفتيه ثم قال: قد تتكرّر الصدفة. اردفت قائلا: كما حصلت أخيرا على رخصة سياقة. هذا صحيح. فاجأته قائلا: منذ شهر تقريبا سرقت بيتك. هذا صحيح أيضا. كنت ساعتها في إجازة. عجيب، هذا ما حصل لي بالضبط! منذ يومين فقط تلقيت أحدث ألبوم لنانسي عجرم. ...! ...و كان ذلك بمناسبة عيد ميلادك السّعيد. صاح من فرط الدهشة: يا الهي... انني لا أكاد أصدّق. لم أشأ أن أضيف وانك تكره النساء الممتلئات، لأجل ذلك قاطعت زوجتك منذ تزايد وزنها. كما انك تفوق مارادونا في سرعة القذف وهذا و على خلاف مارادونا يحزنك كثيرا. فجأة رنّ هاتفه الجوّال، أخرجه من جيب سترته، إستأذنني: معذرة... أستاذ. ثم وهو يجيب متهللا: أهلا ... كيف حالك يا روحي؟ صعقني الصوت المنبعث من الجوّال... يا الهي... انني بدوري لا أكاد أصدّق ... مش معقول... ان روحه هي سميحة... زوجتي! بعد كلمات غزل قليلة، قال لها معتذرا: آسف حياتي، هاتفي يحتاج الي شحن... سأكون سعيدا حين ألقاك غدا... نعم يا روحي... في الشقة نفسها... مع السّلامة يا حبيّ الكبير. قلت و أنا أرجو تكذيبا يريحني: اسمها سميحة، و رقم هاتفها ينتهي بثلاثة أصفار... أليس كذلك؟ خبط على كتفي برفق، ثم قال معجبا بفراستي: عفارم عليك يا أستاذ ثم وهو يضيف: ...آمنت منذ الساعة بالتنجيم. ظللت واجما... إلي أن نبّهي إلي وصوله: حالما وطئت رجلاه الأرض، صافحني بشدّة، جدّد لي شكره و امتنانه... سألته بقلق: أفدني لو سمحت .... بدافع الفضول ... لا غير. ... متى تعرّفت على حبّك الكبير؟ أجابني ضاحكا: منذ اسبوعين.... ...؟! فاجأني بما هو أدهى و أمرّ: معرفتي بها لا تهم ...الأهمّ عندي أنني أنام معها منذ يومين. همّ بمغادرتي، ظللت متشبثا بيده، سألته بصوت مرتجف: مالذي دفع بسيدة مثلها إلي السّقوط؟ قال لي بلا مبالاة: انها تبغض " ذا القرنين" ... أعني زوجها. ... ظروفها الاجتماعية السيئة هي التي زينت لها الإقتران بذلك المغفّل. ردّدت بذلّ: هذا فقط ما كنت أجهله! ظل يطالعني طويلا لوى شفتيه تعجبا ... هم بان يقول شيئا لكنه سكت، هز كتفيه ثم انصرف بعد أن جدّد لي شكره . أوقفت المحرك، بقيت واجما، لمعت في ذهني المقولة شعبية " يا آكل زرع الناس، تذكّر أن زرعك على الطريق!".... حمدت الله كثيرا على انني لم أرزق باطفال... سيكون الفراق يسيرا و غير مكلّف . و أنا اضغط على مفتاح السيارة رثيت لمحمود، من يا ترى سينبّهه من غفلته.. لو كانت لديّ ما يكفي من الشجاعة لواجهته في الإبّان :" سيد محمود، لست منجّما، و لست أشد الطرفين غفلة، ولا اصغرهما قرنين.. لأنني قد تعرفت على زوجتك قبل شهرين و نمت معها قبل اسبوعين!"... لو طالبني بالدليل" لأجبته من فوري: " من غيرها قد أمدني إذا بكل هذا الفيض الغزير من المعلومات الشخصيّة عنك؟!".