سرّب عدد من وسائل الاعلام في الولاياتالمتحدة خطة لادارة اوباما لبيع العربية السعودية سلاحا بنحو 60 مليار دولار، تنفذ خلال عشر سنوات. وستتضمن الصفقة، حسب التقرير، 84 طائرة F-15S، نحو 60 مروحية هجومية AH-64D Apache Longbow ونحو 70 مروحية نقل سريع من طراز UH-60 Black Hawk. كما ستتضمن الصفقة تحسينات للطائرات القتالية القائمة ورزمات من الارشاد والصيانة. الاتصالات لعقد هذه الصفقات جرت بالسر، بسبب حساسية الطرف السعودي، ولكن في نفس الوقت تنثر تلميحات عن أن الصفقة لن تتضمن عناصر كفيلة بان تثير معارضة شديدة من جانب اسرائيل، كصواريخ جو ارض بعيدة المدى.. التقارير هي في المرحلة الاولية فقط، وذلك لان الحديث يدور في هذه المرحلة عن بيان غير رسمي من الادارة الى لجان الكونغرس التي تعنى بموضوع بيع السلاح. صفقة بيع السلاح تلزم حسب القانون في الولاياتالمتحدة ببيان رسمي الى الكونغرس، المخول بوقفها في غضون ثلاثين يوما من يوم صدور البيان. بيان رسمي كهذا لم يصل بعد الى الكونغرس، ولكن من المتوقع أن يقدم اليه، مع عودته من الاجازة الصيفية في الشهر القادم. هذه الصفقة هي في اطار سياسة بدأها الرئيس جورج دبليو بوش، الذي أعلن عنها منذ شهر تموز(يوليو) 2007. في اطار هذه السياسة، اعتزمت ادارة بوش اقرار بيع سلاح بحجوم واسعة لدول اعضاء في مجلس التعاون الامني في الخليج (GCC). مبيعات السلاح يفترض بها ان تعزز صمود دول الخليج في ضوء التهديدات التي تقف في وجهها أي التهديد الايراني وكذا لتكون اداة لتجنيد تأييد هذه الدول لسياسة الولاياتالمتحدة ضد ايران من جهة، وربما للاعفاء من بعض عبء الدفاع عن الخليج عن كاهل القوات المسلحة الامريكية من جهة اخرى. ادارة الرئيس اوباما واصلت هذه السياسة بل ووسعتها. عندما اعلن الرئيس بوش عن سياسته هذه، جرى الحديث عن بيع سلاح، بمبلغ اجمالي بمقدار 40 مليار دولار (منها 20 مليار دولار للسعودية و 20 مليار دولار لباقي دول الخليج). منذئذ وقعت عقود بحجوم مليارات الدولارات مع دول اخرى في الخليج، الكويت، قطر واتحاد الامارات . بالمقابل، لم توقع حتى الان صفقة بحجم مشابه مع العربية السعودية. هذا لا يعني أن السعودية امتنعت عن شراء السلاح الامريكي. حتى الان نقلت الى الكونغرس طلبات رسمية بعدد كبير من صفقات شراء السلاح الجديد وتحسين السلاح القائم بحجوم متراكمة بنحو 4 مليارات دولار. ولكن العديد من هذه الطلبات لم تنضج لدرجة عقود موقعة، وبالاجمال العقود الموقعة تبلغ اليوم نحو نصف المبلغ المذكور. التقارير عن الصفقة لا تزال في المرحلة الاولية فقط. حتى لو رفع بيان للكونغرس فانه لا يشكل سوى مرحلة اولية فقط. بعد البيان، ستبدأ مرحلة طويلة من المفاوضات، ومن شأن هذا أن يقوم وأن يقع على تفاصيل عن المعدات المعنية، الاسعار وشروط الدفع، ومواعيد التوريد وحجم رزم الصيانة والارشاد وما شابه. ويشار الى ان بيانات عديدة للكونغرس عن نوايا بيع السلاح لا تتحقق في نهاية المطاف. مثل هذه المفاوضات كفيلة بان تستمر سنوات عديدة، وبعد ذلك تتواصل مرحلة التوريد هي الاخرى على مدى سنوات عديدة. 4. سلاح الجو في العربية السعودية بدأ مؤخرا يستوعب طائرات تايفون. فقد اشترت العربية السعودية من بريطانيا 24 طائرة من هذا الطراز مع خيار ل 48 طائرة اخرى. وهذه صفقة كبرى بحجم 7 9 مليارات دولار. ولغرض التوقيع عليها اضطر رئيس الوزراء البريطاني الى أن يأمر بوقف التحقيق في الفساد حول الصفقة وصفقات سلاح سابقة مع شركة BAe البريطانية. سلاح الجو في العربية السعودية يستخدم، منذ سنوات عديدة، منظومات موازية لطائرات قتالية من انتاج الولاياتالمتحدة وانتاج بريطانيا. طائرات تايفون تطير الى جانب طائرات تورنادو (سواء من طراز الاعتراض ام من طراز الهجوم). هذه الطائرات القديمة لم تخرج من الخدمة، بل بالعكس، في اطار صفقة تايفون توجد ترميمات وتحسينات من هذه الطائرات.. واذا تحققت هذه المشتريات، فيدور الحديث إذن عن توسع كبير في سلاح الجو السعودي، وبالاخص في عنصر طائراته القتالية. وسيستدعي الامر تأهيلا للقوى البشرية بحجوم كبيرة حتى لو افترضنا مثلما في الماضي أن السعوديين سيعتمدون على منظومة الصيانة والارشاد التي تقوم اساسا في معظمها على العمال الاجانب فإنه مشكوك اذا كان بوسع السعودية، حيث الخدمة العسكرية ليست الزامية، ايجاد ما يكفي من الاشخاص لملء هذا التوسع. وفي السنوات الاخيرة طلبت العربية السعودية سلاحا بحجم كبير، سواء من الولاياتالمتحدة او من غيرها من الدول. قدرات الدولة على الشراء بل واكثر من ذلك على استيعاب منظومات سلاح بحجوم بهذا القدر محدودة، واحتمالية ان تكون مستعدة لان تستثمر مبالغ بحجوم كبيرة جدا طفيفة دليل على ذلك يمكن أن نجده في الفارق بين رفع الطلبات كما جاء تعبيره في البيانات من الادارة الى الكونغرس، وبين العقود التي وقعت بالفعل. تبرز على نحو خاص حقيقة انه باستثناء صفقة تايفون فانها من أجل تجديد معدات الحرس الوطني السعودي. وهذا هو الجسم الذي كان الملك عبدالله يقف على رأسه عندما تسلم المملكة، وبقي عزيزا على قلب الملك. وهو يحمي النظام القائم اكثر مما يدافع عن البلاد في وجه أي تهديد خارجي. البيان عن المبيعات ينسجم مع سياسة ادارة اوباما في تعزيز قدرة الدفاع لدى حلفاء الولاياتالمتحدة في الخليج، في ضوء التهديد الايراني. يبدو، انه في حالة السعودية، البقرة تريد أن ترضع اكثر بكثير مما يريد العجل ان يرضع.