في مسابقة ثقافية بإحدى مدارس دولة الإمارات،طرح السؤال التالي: من المسؤول عن الوطن؟ احتد التنافس بين التلاميذ وكانوا ينتمون لأقسام التعليم الابتدائي،فمن قائل: إن المسؤول عن الوطن هو الحاكم،ومن قائل هي الحكومة،وآخريقول :المواطنون... وجاء الجواب الفائز من تلميذ ذكي، قال : الجميع مسؤول عن الوطن :أنا وأنتَ وأنتِ وأنتما وأنتم وأنتن وهووهي وهما و هم وهن. نال التلميذ النجيب اللبيب تصفيقات الحاضرين وجائزة المسابقة. نعم إن الجميع مسؤول عن وطنه أمام الله و أمام التاريخ والأجيال، المسؤول أنا، الذي استسلمت لواقع الظلم ولم أحرك ساكنا،وأسست لثقافة الاستيلاب والقبول بقانون كل ما من شأنه،فلم أنخرط في أي ورش للتغيير والبناء،ولم ألقن ذلك لأبناء جيلي،فوجدت نفسي عالة على واقعي، أحلم بكل شيء جميل دون رغبة في تضحية، أو دفع أدنى ثمن. المسؤول أنتَ، الذي كلما استغنيت طغيت،فإذا تقلدت منصبا فأنت السيد وما دونك حثالة، صرت مستعدا لبيع وطنك بأبخس الاثمان لأمريكا أو إسرائيل وحتى للشيطان،تربيتك وثقافتك ذهبت أدراج الرياح،وحل محلها الولاء للدرهم والجاه والسلطان، غاب عنك أن المسؤولية تكليف لاتشريف،وأنها أمانة، ويوم القيامة خزي وندامة إلا من أتاها بحقها. أنت يا من بعثرت أموال الشعب لإنجاح حملتك الإنتخابية،فدخلت القبة وكل همك استرجاع أموالك – عفوا أموالنا- المشتتة والموزعة على عقول معروضة للبيع دون أدنى مساومة،أنت يا من صفقت للعهد الجديد، ووقعت على كل القوانين وتجاهلت خطرها على الشعب رغم لحيتك الطويلة،وأصبحت خصما عنيدا على طاولات اقتسام الكعكة،وسلام على المبادئ، والتوبة السياسية،وخدمة الوطن. المسؤولة أنتِ،حين جعلت من الرجل عدوك وقاهرك،وهو مظلوم مقهور مثلك،و نسيت- أو تناسيت- أن المخزن الجاثم على الصدور هو المسؤول عن معاناتك،أنتِ التي جعلت من جسدك سلعة رخيصة، بل معروضة بالمجان، للاستمتاع والتغزل وإمالة الشبان، ولقنت ذلك لبناتك البريئات،فأخطأت في أداء واجبك و تربية الأجيال. المسؤولان أنتما، اللذان اجتمعتما على تناول المحرمات،ومعاكسة الفتيات،وملتما لكل شر،فتركتما المدرسة باكرا،وظننتما أن السماء ستمطر ذهبا وفصة. المسؤولون أنتم، لأنكم قبلتم أن يُفعل بكم ولا تفعلوا،ورضيتم أن تساقوا كالقطيع إلى مجازرالجلاد. المسؤولات أنتن، بدعواتكن المتكررة لتحرير المرأة من كل دين،تحت غطاء الحرية واسترجاع الحقوق،وكأن الإسلام لا يحمل بين تعاليمه السامية حقوق المرأة،فخدمتن بذلك الأعداء المتربصين وعطلتم تحررنا الحقيقي إلى أجل غير مسمى. المسؤول هو،لأنه اختارحرفة من أحط وأرذل الحرف،أن يتجسس على الناس في بيوتهم وأعمالهم وحركاتهم وسكناتهم مقابل ثمن بخس،دراهم معدودة،وغالبا بالمجان. وللأسف،فضل التجسس على المصلحين،ليته لاحق المفسدين وفضح فسادهم. المسؤولة هي،التي وصلت إلى مراتب عالية في دول الغرب،إلى البرلمانات والوزارات،لكنها لم تحقق لبلدها الأم أدنى شيء على المستوى السياسي. المسؤولان هما،اللذان أنجبا أطفالا لايقلون عن عدد أصابع اليد،وأبرما عقدا مع الشارع لتربيتهم، فكانا أول من يحصد النتائج،ويبتلع مرارة الحسرة والندامة. المسؤولون هم، الذين تركوا وطنهم،وهاجروا إلى بلدان أخرى لضرورة ولغير ضرورة،فخدموا اقتصاديات الغير،وعجزوا عن الصبرعن ظروف بلدهم وخدمته- قطران بلادي ولا عسل البلدان-. المسؤولات هن، اللائي شوهن سمعة المغرب بالتعاطي للدعارة "الراقية" و"التقليدية"في بلدان أصحاب الصفر وغيرها. إن الجميع مسؤول، ولا وقت لدينا لإلقاء اللوم على بعضنا البعض،وتبادل التهم المغرضة،كفانا من سلوك الجمل الذي يتعجب من حدبة صديقه وينسى أن له حدبة ، كفانا من سياسة النعامة التي تدس رأسها في التراب، وتظن أنها نجت من رصاصة القناص، كفانا هروبا من الواقع وانغلاقا على النفس. أيها الوطنيون الأحرار،الوطن جريح، وهاهو يناديكم،للملمة جراحه،وإزالة الهم والكرب والتعاسة عن محياه ، ولقد بدأ العديد من الغيورين المشوار، فهلا التحقتم بركبهم ، وزاحمتوهم بالركب والأكتاف للبناء والتغيير؟؟