تنفرد "مرايا بريس" بنشر الكلمة الأخيرة لمحمد المرواني والتي رفض رئيس محكمة الاستئناف بسلا الاستماع إليها مساء الجمعة 16 يوليو، قبل النطق من طرف قاضي غرفة الجنايات الاستئنافية المكلفة بقضايا الإرهاب بملحقة محكمة الاستئناف بسلا، حيث تم تأييد الحكم الابتدائي القاضي بالسجن المؤبد في حق عبد القادر بليرج المتهم الرئيسي ضمن خلية تتكون من 35 شخصا توبعوا من أجل ارتكاب أعمال إرهابية، كما قضت المحكمة ذاتها، في نفس الملف، بتخفيض الحكم الابتدائي في حق كل من المصطفى المعتصم ومحمد المرواني ومحمد أمين الركالة من 25 سنة إلى 10 سنوات سجنا نافذا، وماء العينين العبادلة وعبد الحفيظ السريتي من 20 سنة إلى 10 سنوات سجنا نافذا، ومن 8 سنوات إلى 5 سنوات سجنا نافذا في حق صلاح بليرج. كما رفض القاضي الاستماع لكلمة العبادلة ماء العينين وعبد الحفيظ السريتي ومحمد أمين الركالة وقاطع المعتصم، قبل أن يرفع الجلسة للمداولة. نص مداخلة محمد المرواني: ========= بسم الله الرحمن الرحيم (قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد) سبأ/ 48/49 (وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام) ابراهيم /4647 السيد الرئيس المحترم السادة المستشارون المحترمون، السيد ممثل النيابة العامة المحترم، السيد كاتب الضبط المحترم، السادة النقباء والأساتذة المحامون المحترمون، السيدات والسادة ممثلات وممثلو الهيئات الحقوقية والمدنية والسياسية المحترمون، أهلنا وأحبتنا وأعزاؤنا الحضور الكريم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وبعد: عدنا تلبية لنداء المحاكمة العادلة كان لنا انتظارات : من جهة الحكم: أن تكون هناك جرأة في البحث عن الحقيقة (المادة 422 من ق م ج) التعامل المتوازن بين طرفي الدعوى في هذه القضية من جهة سلطة الادعاء (النيابة العامة) مناقشة جنائية راقية تقدم الأدلة الجازمة على ادعاءاتها أو الإقرار وبشجاعة بعدم وجود الأدلة.. 3. ولكن : قراراتكم العارضة لم تلب انتظاراتنا (نعم كان هناك استماع للشهود.. ولكن لم يرق إلى ما كنا نتطلع إليه من بحث عن الحقيقة في هذه القضية) ثم عشنا محنة القضاء مع مداخلة النيابة العامة 4. وقبل التطرق إلى تفاصيل هذه المحنة القضائية التي عشناها مع مداخلة النيابة العامة، اسمحوا لي السيد الرئيس السادة المستشارون المحترمون أن أبسط بين أيديكم خلفية تاريخية تقدم لهذه القضية سياقها العام.. والسياق كما يقولون كاشف للعورات (عورات المكر القانوني والسياسي في هذه القضية) 5. مع بداية التسعينات من القرن الماضي، انبثاق الأمل في الإصلاح الديمقراطي لكن جيوب المقاومة ظلت تتربص وتتصيد الفرص لإجهاض هذا المسار أو عرقلته، وجاءت أحداث 11 شتنبر 2001 لتجعل منها انطلاقة لتنفيذ مخططها، ثم جاءت أحداث 16 ماي 2003 الدموية لتلتقطها قوى الإعاقة الديمقراطية، وتعيد المغرب إلى مربع التردد في دفع مستحقات الانتقال الديمقراطي، ومع هذه العودة تزايدت وتنامت صناعة الخوف حاملة معها موجات متتالية من الاختطافات والاعتقالات، إلا أن هذه الصناعة ستعلن عن كسادها وفسادها مع حادثة 7 شتنبر 2007 التي أبرزت بجلاء حدة الأزمة السياسية التي تنخر جسم الواقع السياسي المغربي وهنا سيقوم معسكر الإعاقة الديمقراطية بتنقيح مقاربته فكان الترتيب الجديد: إعادة هيكلة المشهد السياسي مع إدخال تعديلات على المقاربة الأمنية والهدف طبعا من إدخال هذه التعديلات هو محاولة خلق دينامية سياسية ولو وهمية وهنا سيشهد المغرب: * من جهة أولى، استمرار الاختطافات والاعتقالات في إطار ما يسمى "بمحاربة الإرهاب" (مع تغير في بنيتها بحيث إن المختطفين أو المعتقلين يتابعون في غالبيتهم بتجنيد الشباب للجهاد بالخارج كالعراق وأفغانستان وغيرها، وهذا التغيير معلوم الدوافع لكل ذي بصيرة) * ومن جهة ثانية، وعلى الجبهة السياسية؛ - ستتعرض بعض الأحزاب لعملية إدماج إرادية أو قهرية أو لعمليات تفكيك - فيما ستتعرض أحزاب أخرى للتضييق على أنشطتها - فيما ستمنع أحزاب أخرى من حقها في التنظيم والتعبير وقد كان حزبنا حزب الأمة نموذجا لمحنة المنع السياسي في هذه المرحلة. أما المقصد العام لهذا الترتيب الجديد فهو تبرير تباطؤ الإصلاحات فيما يتعلق بالتزامات المغرب الدولية في مجالي حقوق الإنسان والديمقراطية. وبهذا الترتيب الجديد دخل المغرب مرحلة تتدافع فيها إرادتان: إرادة الإصلاح والتصحيح والتغيير من جهة، وإرادة الاستمرارية والإعاقة التي تستمد مشروعيتها من صناعة الخوف في الإرجاء السياسي فيما يتعلق بدفع مستحقات الانتقال إلى الديمقراطية. ولهذا نفهم لماذا نعيش في المغرب اليوم تعايش سياسات غير متجانسة بل ومتناقضة أحينا. إننا نعيش مرحلة فيها شيء من احترام حقوق الإنسان وكثير من انتهاكها، فيما بعض المظاهر الديمقراطية والكثير من المظاهر غير الديمقراطية .. وما يزيد الطين بلة هو هذا التزايد الملحوظ للأنشطة السياسية التشويشية التي تدفع باتجاه تعطيل الفرز السياسي الحقيقي وتمييع العملية السياسية. 7. تعليقا على هذه العودة إلى مربع التردد في دفع الانتقال الديمقراطي، أقول وفي كلمات موجزات: أ. المغرب بحاجة إلى حلول سياسية واقتصادية واجتماعية وغيرها.. والوقت ليس في صالح المغرب.. وللتاريخ صولته وجولته، وعلينا أن نستعد قبل فوات الأوان.. إن لم يكن قد فات الأوان. ليس في المغرب حسابات للتصفية بل في المغرب مشاكل وتحديات للحل. ب. ولكي ينجح في معركة التحديات التي تواجهه، فالمغرب بحاجة : إلى ترجمة سياسية عليا (إذا كانت السياسة نوعان سياسة عليا وسياسة دنيا) كفى من السياسات العبثية، يجب رد الاعتبار والمعقولية للسياسة والعمل السياسي.. لأن البدائل هي الجريمة المنظمة والفساد (شبكات الدعارة، الغلو والتطرف والعنف) إلى أحزاب حقيقية صادقة تتعامل مع الشأن العام بصدق وبدفتر تحملات جاد (وفي منع الأحزاب أو التضييق عليها وعلى أنشطتها مس جسيم بالتنمية الشاملة للمجتمع لأن الأحزاب هي أحد أركان العملية السياسية كما أن المحاكمات السياسية (كما هو حال هذه القضية) مضر بأرصدة المغرب السياسية والحقوقية). إلى مؤسسات سياسية حقيقية تعكس الإرادة الشعبية بناء على انتخابات ديمقراطية، وتعطي معنى للتداول السياسي كما تعطي معنى للتباري الانتخابي (مسألة المحاسبة الانتخابية) ملحوظة : وإذا كانت الشرعية السياسية نوعان: واحدة تتأسس على الجبر والقهر والحجة فيها هي حجة القوة وثانية تتأسس على الاختيار والرضى والحجة فيها هي قوة الحجة.. فإن المغرب بحاجة في بناء الشرعية السياسية على الاختيار والرضى أي على صناديق الاقتراع، أي احترام الإرادة الشعبية، وهو الذي سيعطي مفعوله فيما يتعلق بأركان العملية السياسية (وهي الأحزاب والمؤسسات والدستور والقانون)، وسيكون عائد ذلك حاسما في التصدي لتحديات التنمية والنهضة. 8. ومن تداعيات عودة المغرب إلى مربع التردد فيما يتعلق بدفع مستحقات الانتقال الديمقراطي، لم ننجح بعد في ورش إصلاح القضاء على الرغم من وجود إرادة سياسية رسمية معبر عنها، وبرغم الضغوط المتعاظمة على المغرب فيما يتعلق بإصلاح القضاء (ضمن مقتضيات اتفاق الوضع المتقدم مع الاتحاد الأوروبي). 9. عطفا على ما سبق، أقول أن بروز هذه القضية جاء في إطار هذا المناخ السياسي العام الذي دخله المغرب منذ أحداث 16 ماي 2003 الدموية. أما السياق الخاص، فهو أننا كنا بصدد تأسيس حزب سياسي أطلقنا عليه اسم حزب الأمة إلا أننا منعنا كما وضحنا ذلك أثناء المناقشة .. وانتهى بنا الأمر إلى هذه المتابعة السياسية للأسف الشديد.. 10. فكيف كان تكييف هذه المتابعة السياسية من الوجهة القانونية؟ وهل أسعف المكر القانوني وفقه الحيل القانونية تدبير المكر الأمني السياسي؟ 11. الجواب طبعا نجده في مداخلة النيابة العامة .. إن ما ورد في هذه المداخلة لهو الدليل الحاسم على تهافت هذه المتابعة من الوجهتين القانونية والواقعية أولا، وعلى طابعها السياسي ثانيا. 12. توطئة. "بل نقذف بالحق على الباطل قيدمغه فإذا هو زاهق" الأنبياء/18 ومعنى زاهق: ذاهب ومضمحل أزمة الباطل في دماغه وعقله رحم الله الجابري الذي تكلم عن أزمة العقل قبل أن يتحدث عن أزمة الفكر (ضرورة معالجة الأداة المنتجة (العقل) قبل الحديث عن المنتوج (الفكر) حينما لم تستند أطروحة النيابة العامة إلى الأدلة والحجج تكون بذلك باطلة فهي لا تستطيع الصمود أمام قوة الحقائق التي تقدم بها الدفاع والأضناء. حينما نفكك بنية العقل الاتهامي (سلطة الاتهام) نجده يتأسس على مبدأ الشك باعتباره الأصل (مع العلم أن هناك قول مأثور (إذا ظننت فلا تحقق) وليس هو البراءة. 13. السيد الرئيس المحترم السادة المستشارون المحترمون عاش القضاء الجنائي محنة قاسية مع مداخلة السيد ممثل النيابة العامة، وهي المحنة التي تبرز أن بيننا وبين إصلاح القضاء مسافة إرادة لا مسافة مساطر وإجراءات فقط. كنا نرغب في نقاش جنائي راق يجعل من هذه المتابعة (وبرغم طابعها السياسي) تمرينا في المحاكمة العادلة يدور حول مناقشة الحجج والأدلة والبينات التي اعتمدتها النيابة العامة واستندت إليها في بناء هذه القضية. لكن استعاضت النيابة العامة عن النقاش الجنائي الحقيقي بخطاب حكواتي (جمع بين التعميم والتلفيق)، ولجأت إلى العنف اللفظي للتغطية على ضعف بضاعتها الاستدلالية إذ ليس في جعبتها أدلة بل في جعبتها إدانة ومع سبق الإصرار. وهي حين استعملت خطاب التخويف والتهويل كمنهجية رئيسية في الإثبات الجنائي تكون بذلك منسجمة مع المنطق الأمني السياسي السائد منذ حادثة 16 ماي 2003 ومع ايديولوجية الإرجاء السياسي القاضي بتأجيل وضع مستحقات الانتقال إلى الديمقراطية.. وأقول: إن خطاب التهويل والتخويف صناعة عف عليها الزمن، ويجب الكف عن أسر المغرب واعتقاله في منطق المقاربة الأمنية الضيقة تحت ذريعة محاربة عدو غير محدود المعالم ولا واضح الهوية اسمه "الإرهاب" .. وذلك لتبرير حجة القوة (بدل قوة الحجة) في تدبير الشأن العام.. ولكم كان أحد المفكرين صادقا (وهو باسكال) حين قال "إن العجز عن تقوية العدالة يبرر عدالة القوة". نعم .. السيد الرئيس المحترم السادة المستشارون المحترمون خطاب النيابة العامة ينتمي إلى مدرسة "عدالة القوة".. وفي هذه المدرسة لا يهم الشكل (كما قال وزير الداخلية السابق)، وفي هذه المدرسة لسنا بحاجة إلى الأدلة والحجج والبينات.. ويكفي أن جهات قالت.. وجهزت محاضر.. وبناء على هذا المنطق، وضدا على أسس المناقشة الجنائية الحقة، صوبت النيابة العامة مدفعيتها الثقيلة تجاهنا (واستعملت أسلحة استدلالية غير تقليدية من سب وشتم وتهويل)، فأصبحنا بنظرها نمثل خطرا شبيها بما يمثله "الحوتيون" باليمن و"شباب الجهاد" بالصومال دون أن ننسى توزيعها المتواصل لصفات الظلاميين والإرهابيين طيلة مداخلتها المقطوعة بمنطوق القانون ومنطقه. ونحن نقول إن هذا الخطاب، وفضلا على تهافته القانوني والواقعي، وفقره الأخلاقي والمهني، مضر ببلادنا وباستقراره وبأمنه .. إنه يعطي إشارات خطيرة للداخل والخارج.. ما معنى القول بأن هذا جيش والمحاضر بزورها تتحدث عن خلية؟ ما معنى القول بأن أتباع هذا "التنظيم الخطير" يعدون بالآلاف، والحال أن عدد المعتقلين على ذمة هذه القضية لم يتجاوزوا 35 لا يتعارفون في أغلبيتهم فيما بينهم؟ "هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون" هذا كلام خطير .. وهو ليس مجرد زلة لسان .. إنه ينتمي إلى مدرسة صناعة الخوف، إلى مدرسة عدالة القوة وهي الصناعة المفضلة اليوم لدى مهندسي إعاقة الديمقراطية لأنه ليست لديهم حلول سياسية واقتصادية واجتماعية لتحديات المغرب وأسئلته الكبرى. 14. الآن وبعيدا عن أطروحة النيابة العامة، ما هي المناقشة الجنائية؟ لا تتكون القناعة في المادة الجنائية إلا بعد الإجابة على أربعة أسئلة جنائية أساسية: أ. هل تم احترام ضمانات المحاكمة العادلة؟ (السياق/البحث التمهيدي/التحقيق/مناقشة الموضوع) ب. هل هناك قصد جنائي؟ ج. هل الجرائم ثابتة؟ د. هل هناك رابط بين الجريمة والمتهم؟ 15. لنناقش الآن مداخلة النيابة العامة في ضوء هذه الأسئلة الجنائية الأربعة: أ. لم تدلل على احترام الضمانات لم تفند بالأدلة ما تقدم به الدفاع والأضناء من خروقات طالت هذه القضية ب. لم تأت بأية وثيقة فكرية أو سياسية لإثبات القصد الجنائي ج. اعتمدت منهجية إثبات التهمة بالتهمة (المنهج الحكواتي) د. الرابط أو مسألة الإثبات الجنائي: خطاب التهويل والعنف اللفظي إثبات التهمة بالتهمة:* لقاء 92/ لقاء 93/ إنشاء جناح مسلح) *منهج الحكي القصصي محاضر الضابطة القضائية محاضر التحقيق التفصيلي وهذا كله يبرز فقر في المرجعية الاستدلالية والفقر نقصان في التعليل والنقصان في التعليل كعدمه. السيد الرئيس المحترم السادة المستشارون المحترمون: لقد انتصر النظام الجنائي لمذهب حرية الاثبات مع ضرورة تبرير قناعة هيئة الحكم بناء على أدلة تفيد الجزم و اليقين. و قد استندت النيابة العامة لتعزيز ادعائها إلى وسائل الاثبات التالية: (حرية الإثبات مع تبرير القناعة) 1 محاضر الضابطة القضائية 2 محاضر التحقيق التفصيلي 3 اثبات التهمة بالتهمة 4 خطاب التهويل والعنف اللفظي فيما يتعلق بمحاضر الضابطة القضائية، فكما هو معلوم وبحسب مقتضيات المادة 291 من ق.م.ج فمحاضر الضابطة القضائية إذا كانت سليمة من حيث الشكل فتعد مجرد معلومات, وبالتالي لا يمكن أن نغير من طبيعتها وقيمتها الإثباتية بخلاف ما هو منصوص عليه في ق.م.ج ثم، كما تعلمون السيد الرئيس المحترم السادة المستشارون المحترمون، فقد تقدمنا بالطعن بالزور فيها.. وهذا كان يقتضي بنظرنا اجراء بحث تكميلي الأ أن محكمتكم في قراراتها العارضة لم تستجب لهذا الطلب.. كما أن طلب الطعن بالزور قد تم رفضه في بداية هذه القضية وهذا يبين انعدام التوازن بين طرف الدعوى، طبعا، جاءت النيابة العامة بسند من الاجتهاد القضائي لا يمنع من الأخذ بها إذا كانت سليمة ولكن إذا كانت معززة بقرائن. * السؤال: هل عرضت هذه القرائن للمناقشة؟ * الجواب: لم تعرض علينا في مختلف مراحل هذه القضية أي من القرائن. وبمقتضى المادة287 من ق.م.ج فإنه "لا يمكن للمحكمة أن تبني مقررها إلا على حجج عرضت أثناء الجلسة ونوقشت شفهيا وحضوريا امامها". لو افترضنا جدلا أن الأمر عرض فلنناقش قيمة الاعتراف القضائي ومسألة الترجيح: (شهادة متهم على متهم ) أو قول متهم على متهم إن الاستنجاد بهذا الدليل يبين هشاشة الإثبات الجنائي في هذه القضية: أ فق.م.ج لم يذكره من ضمن وسائل الإثبات (صحيح أن الإثبات حر ولكن عدم ذكره يدل على أنه ليس دليلا أولويا) ب الاتجاه العام للاجتهاد القضائي يروم استبعاد هذه الوسيلة (قرار المجلس الأعلى عدد 7931 وتاريخ 05/12/86 ملف جنحي عدد 8942 مجموعة قرارات المجلس الأعلى (1995-1981) ص 87 "إن المشرع حدد وسائل إثبات الجرائم كشهادة الشهود والقرائن والمحاضر إلى غير ذلك إلا أن المشرع لم يذكر من بين هذه الوسائل شهادة متهم على متهم.... وبالتالي استبعد هذه الوسيلة من يد القاضي الزجري لعدم استقامتها". ج في تقدير قيمة الاعترافات والترجيح بينها: الاعتراف عموما لوحده غير كاف وخاصة: إذا شابته شائبة (تعذيب، إكراه، خداع..) لا حجة مع الإكراه أو الخداع إذا طاله التناقض لا حجة مع التناقض. اما بالنسبة للاعتراف القضائي: فهناك اعترافان قضائيان الأول امام قاضي التحقيق والثاني أمام قاضي الحكم... الأسئلة التي تطرح هنا: أولا: ما الذي يجعل متهما يعترف أو يصرح أمام قاضي التحقيق وينكر أمام قضاء الموضوع؟ فلو وجدت وسائل الإثبات التي تفيد الجزم واليقين فإن الاعتراف كما الانكار لا يغيران من حقيقة الأمر. ثانيا: في تكوين القناعة، ما الذي يجعل القاضي الزجري يرجح اعتراف قضاء التحقيق ولا يرجح ما راج أمامه في المحكمة؟ بنظري هناك سبب معتبر واحد في ذلك إنه وجود أدلة إثبات جازمة ويقينية تثبت المنسوب إلى المتهم. وفي حالة غياب أدلة إثبات ووسائل الإقناع، فإن القاضي الزجري يكون من الناحية المنطقية القانونية مدعوا إلى الأخذ بما راج في المحكمة وترجيح ذلك على ما عداه، لأنه في المادة الجنائية فإن الأساس هو وسائل الإثبات والأدلة والحجج. و إلا فما قيمة قضاء الموضوع إذن؟ ثالثا: في هذه القضية فإن الاعتبارات التي ترجح بنظرنا ما راج امام المحكمة كثيرة ومتعددة. ليس هناك ضغط على الأضناء وهناك احساس بقدر من الأمان (شرط الأمن) توفر شرط العلانية في تصريح الأضناء أمام المحكمة حرمان من الحق في التحقيق التفصيلي وهو ما معناه أنه لم نتمكن من التصريح كما لم نتمكن من اجراء المواجهة ثم إن استدعاء الشهود قد جاء لصالح براءتنا... ومعلوم أن شهادة الشهود من وسائل الإثبات المقررة والمنصوص عليها في ق.م.ج (انظر المادة وسائل الإثبات) الضمانة التي أعطيت لهذه القضية تقتضي الإثبات بأدلة حاسمة تفيد الجزم واليقين. ملحوظة: القضاء في الدول الديمقراطية يعتمد الأدلة الحاسمة والجازمة .. ولذلك بمجرد ان يتم اعتقال الأضناء يعلمونهم بحقوقهم وعلى رأسها الحق في عدم الكلام إلا بحضور محام.. لأنهم لا يبنون قراراتهم على مجرد الكلام بل على الأدلة.. وخاصة في المادة الجنائية.. ملحوظة: في القضاء الجنائي الإسلامي لا يمكن إيقاع العقوبة (في قضايا الحدود) إلا إذا استمر المتهم في إقراره حتى حين تنفيذ الحد عليه، اما إذا تراجع فلا ينفذ فيه الحد.. خاتمة: السيد الرئيس المحترم، السادة المستشارون المحترمون بناء على ما تقدم: من حيث انتقاء عناصر المحاكمة القانونية (مقتضيات المادة 305 من ق.م.ج) ومن حيث افتقاد ضمانات ومقتضيات المحاكمة العادلة (قرينة البراءة، سرية التحقيق، ....) ومن حيث بروز الطابع السياسي لهذه المتابعة وهو ما تؤكده شبهة السياق (عرقلة تأسيس حزب الأمة) وفي ظل مناخ سياسي عام تميز بالتردد السياسي في دفع مستحقات الانتقال الديمقراطي، وتنامي المقاربة الأمنية وصناعة الخوف، وحيث إن المقام اليوم هو مقام البيان إبراءا للذمة وإعذارا إلى الله تعالى فلا بيان بعد فوات الأوان (سياق محكوم بمنطق المقاربة الأمنية ومستند لإديولوجية الإرجاء السياسي) فإنني أود التأكيد على اختياراتي وكذا توجيه ثلاث رسائل للتاريخ: * الاختيارات السيد الرئيس المحترم، السادة المستشارون المحترمون أولا اخترنا أن نمارس السياسة العليا، أن نقول الحقيقة ونمارسها ولو كانت مرة بدل أن نصرف خداع الخطاب السياسي ونمارس نفاق الممارسة السياسية. لا نريد أن نكون مثل أولئك الذين قال فيهم الله تعالى (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤون) أي إذا لقوا الشعب قالوا كلاما وإذا لقوا السلطة ومهندسي إعاقة الديمقراطية قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤون. إن السياسة العليا بالنسبة لنا في حزب الأمة هي سياسة الحقيقة ثانيا اخترنا في حزب الأمة ألا نكون من أحزاب التصفيق والموافقة والعام زين، بل أن نكون معبرا أمينا عن تحديات المجتمع والدولة. نحن نرفض سياسة من يصفق أحسن وأكثر، بل نحن من أنصار سياسة من يصدق أكثر مع بلده وشعبه وأمته. الحزب السياسي الجيد بنظرنا هو الحزب الذي يصدق أكثر لا الذي يصفق أكثر. السيد الرئيس المحترم، السادة المستشارون المحترمون ما هو المفيد لبلادنا وشعبنا وأمتنا ؟ أحزاب لا تجيد إلا التصفيق، وتكلف اقتصادنا واجتماعنا السياسي أم أحزاب تنبه الدولة إلى المخاطر والتحديات ولو كانت مرة؟ السيد الرئيس المحترم، السادة المستشارون المحترمون المديح سهل ومريح، ولكنه يخدع ويضر ملحوظة : في الخبرة الحضارية للدولة الراشدة أ. احترام وتقديم من يبين العيوب (التحديات) عمر بن الخطاب رضي الله عنه (رحم الله امرءا أهدى إلي عيوبي) عمر بن عبد العزي رضي الله عنه ، مستشار يقول له (اتق الله فإنك ستموت) ب. استدعاء المعارضة البناءة أبو بكر الصديق رضي الله عنه (إني وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني) الذي يحب بلده وشعبه وأمته يقول الحقيقة ولو كانت مرة ومؤلمة. نعم قد يختار لها لين القول وحسن الأسلوب في التعبير عنها، ولكن لا يخون وطنه وشعبه وأمته لأنه حين يخادع ويتحول إلى مجرد أداة للتصفيق يكون خائنا لوطنه وشعبه وأمته، وقبل ذلك وبعده يكون خائنا لربه. إن الدواء قد يكون مرا، ولكنه هو العلاج حين يكون هو الوصفة. طبعا، ليست المعارضة أن لا ترى إلا الجوانب السلبية، فمن صدق المعارضة أيضا أن ترى الجوانب الايجابية. ويمكنكم أن تفتشوا دفاترنا السياسية لتكتشفوا منهجيتنا الايجابية في المعارضة، فلا نعارض من أجل المعارضة، ولكن نعارض لنفيد، نعارض لنتقدم إلى الأفضل، ونعارض لكي نرقى ونترقى كبلد وشعب وأمة. وهذه هي مدرستنا السياسية، إنها مدرسة الإيجابية السياسية، لسنا من أهل المناوشة والعدمية، كما لسنا من أهل المناشدة والموافقة، إننا ننتمي إلى مدرسة الوسطية السياسية، ولذلك لا نرى اعتبارا وجيها يبرر هذه المتابعة السياسية. ثالثا – ولممارسة هذه السياسة العليا ولتحقيق مشروعنا الإصلاحي والتصحيحي، اخترنا عن وعي بصيرة ووعي الخيار السلمي المدني وبلورنا ما أسميناه "إستراتيجية التدافع السلمي والمدني ومنه النضال الديمقراطي، وقد قدمنا ورقة إجمالية أثناء المناقشة بتاريخ 28 أبريل 2010، ويمكن العودة إليها. وبمقتضى هذه الإستراتيجية السلمية وعلى قاعدة وسطية مرجعيتنا الجامعة وأطروحتنا السياسية، فإن التطرف والغلو والعنف ممتنع في حقنا فكريا وسياسيا وعمليا، ولا نقول هذا فحسب بل نضيف إليه أننا ساهمنا باقتراحات وأفكار للحد من ذلك علاجا أو وقاية. * الرسائل الرسالة الأولى لمهندسي إعاقة الديمقراطية ببلادنا، لمن يعرقلون دخول المغرب في زمن السياسة باعتباره المدخل والمعبر نحو زمن الديمقراطية.. يا من يزعجهم خطاب الاعتدال والوسطية، يا من يقلقهم توسيع هوامش الحريات والحقوق.. يا من يرون في انتقال المغرب إلى الديمقراطية وفي بناء دولة المؤسسات والمواطنة تهديدا لمصالحهم الحيوية: سجل يا تاريخ: لن نخلي الساحة السياسية لكم وسنواصل عملنا السياسي على أرضية سلمية مدنية، وسنستمر في العطاء لبلدنا وشعبنا ما استطعنا إلى ذلك سبيلا لأننا نحب بلدنا وشعبنا وأمتنا، ولأن السياسة هي الوسيلة اليوم للرقي بأوضاعنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، أولا وثانيا، لأنكم إذا أردتم من متابعتنا السياسية هاته أن نتوقف عن العمل السياسي وننسحب منه لتأمين سلامتنا، فأنتم واهمون واهمون واهمون، ولن نمنحكم هذا النصر. سجل يا تاريخ: لن نستجيب لتطرفكم وغلوكم وعنفكم السياسي بل سنظل أوفياء لقناعتنا الفكرية والسياسية الوسطية والسلمية لأنه لا يمكن أن نشارككم في ذلك ولن نمنحكم مبررا لمقاربتكم السياسية الأمنية، ولئن بسطتم إلينا ألسنتكم وأيدكم بالسوء، فما نحن بباسطي ألسنتنا وأيدينا إليكم بالسوء. سجل يا تاريخ: لن نصغي لتعليماتكم بل سنستمر في الاستماع إلى نبض شعبنا وأمتنا وتحديات بلادنا وما يخدم المصلحة العامة في إطار احترام القانون، لأننا بالإصغاء لتعليماتكم لا نسيء فقط إلى مفهوم الحزب باعتباره إطار مستقل عن السلطة ومتعاقد مع المجتمع، بل نكون شركاء في الإساءة إلى المؤسسات وفي خرق مقتضيات القانون سجل يا تاريخ: لن نقبل بلعب دور الكومبراس السياسي لأننا ببساطة اخترنا أن نمارس السياسة العليا ومن ممارسة السياسة العليا أن نستند إلى أسئلة توزيع السلطة والثروة وكل ما يصب في رقي بلدنا وشعبنا وأمتنا، فلا مكان ولا وقت عندنا لنضيعه في سفاسف الأمور وفي النقاش السياسي على الهامش وفي خصومات لعبة التوازنات السياسية النسبية وفي تصفية الحسابات. سجل يا تاريخ: أنه وبمقتضى ذلك الاختيار فلن نهادن الاستبداد والفساد والتخلف لأننا بغير ذلك نكون ضد هويتنا بل ضد وجودنا. وعليه فاصنعوا ما تشاؤون وكيف ما تشاؤون، فمكركم مهما بلغ لن يخرج عن مشيئة الله ومكركم مهما بلغ فهو يبور، أوليس ربنا عز وجل يقول (والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور)، قال سيدنا يوسف عليه السلام (رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه)، تدعوننا لأن نخون بلدنا وشعبنا وأمتنا، والسجن أحب إلينا من الخيانة، تدعوننا لأن نمارس السياسة الدنيا وذلك بغض الطرف عن الاستبداد والفساد والتخلف والسجن أحب إلينا من خطاب الخداع السياسي ونفاق الممارسة السياسية. إن السياسة بالنسبة إلينا إما أن تكون عليا أو لا تكون، وأن تكون عليا معناه أن تكون سياسة الحقيقة. فلكم أن تظلمونا ولكم أن تسجنوا أجسادنا الفانية، ولكن لنا أن نحب بلدنا وشعبنا وأمتنا، لنا أن ندافع عن بلدنا وشعبنا وأمتنا، لنا أن نرفع راية بلدنا وشعبنا وأمتنا، لكم أن تزرعوا الرعب وتصنعوا الخوف ولكن لنا أن نزرع ما ينفع بلدنا وشعبنا وأمتنا. يقول الله تعالى : " فأما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض" الرعد زرع الرعب زبد و صناعة الخوف زبد و التخلف و الفساد و الاستبداد زبد.. و الزبد جفاء.. و مآله الزوال و البوار.. و الديمقراطية نفع للناس و الحقوق و الحريات نفع للناس.. و ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.. لن يكون مصيركم في محكمة التاريخ سوى أنكم جفاء.. و التاريخ يوقعه الكبار.. أما من يختار أن يكون زبدا و غثاء فلا مكان له في ذاكرة التاريخ.. و ذاكرة الشرف و الخيرية.. الرسالة الثانية لعقلاء المغرب و حكمائه.. وللقوى والفعاليات السياسية والمدنية والحقوقية الوطنية والديمقراطية، ولكل الخيرين من أبناء هذا الوطن إذا كانت الديمقراطية هي الخيار الأقل تكلفة لوضع بلادنا على السكة الصحيحة تنمويا ونهضويا.. وإذا كانت هذه حصانتنا الحقيقية ضد كل المخاطر والتهديديات التي تواجهها بلادنا، فإنه يجب العمل على إخراج المغرب من أسر فتنة 16 ماي 2003 الدموية.. لا ينبغي أن يتحول الاستثناء إلى قاعدة.. لا ينبغي التهويل كما لا ينبغي التهوين.. فالتهويل كما التهوين.. وجهان لعملة بئيسة ومعنى ذلك أن ندخل المغرب في المقاربة السياسية التنموية الشاملة, وهذا ليس معناه إلغاء الوظيفة الأمنية و لكن معناه أن تدور تلك الوظيفة في فلك المقاربة التنموية الشاملة.. حذار من تسليم المغرب إلى قدر معسكر إعاقة الديمقراطية الذين لا يرون حلا إلا الخيار الأمني، ويرون في الاعتدال الملتزم بقضايا بلده وشعبه وأمنه مدعاة للقلق والانزعاج، وهم لا يريدون رؤية الاعتدال، بل يرغبون في رؤية التطرف والغلو والعنف، لأنه المبرر الوحيد الذي يستندون إليه لتفعيل خياراتهم الأمنية. أدعوكم إلى الانتصار لوقف هذه المتابعة السياسية الظالمة.. لأن الانتصار لها – و فضلا على كونه ارتدادا بسياستنا الجنائية إلى منطق الانتقام- فهو عودة إلى عهد المحاكمات السياسية التي ألحقت أبلغ الضرر بسمعة المغرب السياسية و الحقوقية.. وما كان لهذه المتابعة السياسية لتكون.. لا لكون قناعاتنا وسطية و سلمية و مدنية فقط.. بل, أيضا, لاننا انخرطنا فعليا في العملية السياسية بتأسيس حزب سياسي.. إنها حادثة شغل سياسي.. و يجب إصلاح تداعياتها.. لقد تم اغتيال العقل السياسي في إعداد هذه القضية.. فلا المنطق ولا المعقول يبرر هذه المتابعة السياسية.. لأنه وكما هو معلوم، فإن الهدف من العقاب هو الحد من الجريمة و ليس الانتقام.. فكيف تتم هذه المتابعة السياسية ولسان كما حال واقعنا يفيد أن التطرف والغلو والعنف ممتنع بحقنا، بل إننا من المساهمين في نشر الثقافة الوسطية.. وهذا يشهد به الفرقاء والفاعلون السياسيون والمدنيون والحقوقيون.. وما هذا الالتفاف التضامني الواسع الذي عرفته محنتنا إلا عربون ذلك.. إن متابعتنا السياسية ليس لها من معنى سوى الانتقام من نهجنا السياسي السلمي المدني و من اختيارنا و التزامنا بأن نكون صادقين في التعاطي مع كل قضايا الشأن العام مما يهم بلادنا و شعبنا و أمتنا. الرسالة الثالثة لكم أنتم في هيئة الحكم الاستئنافي السيد الرئيس المحترم السادة المستشارون المحترمون إن قضية بهذه الضخامة لتقتضي الإثبات بأدلة حاسمة تفيد الجزم واليقين.. وبإعمال الميزان القانوني السليم، فإنه يمكن القول إن هذه القضية تعاني من قصور واضح يبين تهافتها: وجود شبهة في السياق (الإصرار على منعنا من تأسيس حزب سياسي هو حزب الأمة) والحدود تدرأ بالشبهات. انتهاك جسيم لضمانات المحاكمة العادلة، ومنها انتهاك سرية التحقيق وقرينة البراءة الاستناد إلى وقائع غير منضبطة لمواصفات الواقعة القانونية، مما سيسقط أركانها المادية غياب القصد الجنائي بحيث عجزت النيابة العامة عن تقديم أية وثيقة فكرية أو سياسية تثبت نزوعنا نحو التطرف والغلو والعنف عجز فاضح في المرجعية الاستدلالية وهو ما تمت ترجمته في تعليل الحكم الابتدائي الذي إن لم نقل بأنه ليس بتعليل، فهو تعليل ناقص، ونقصان التعليل يوازي انعدامه. فلا يمكنكم الحكم بمدرك ضعيف (أي بناء على محاضر الضابطة القضائية لأنها مجرد معلومات وفق مقتضى المادة 291 من ق.م.ج) ولا يمكنكم الحكم بناء على مدرك مختلف حوله (شهادة متهم على متهم سواء من خلال محاضر الضابطة القضائية أو خلال التحقيق التفصيلي الذي حرمنا منه بيانا ومواجهة).. لأن الحكم بهما لا يرفع الخلاف وخاصة: أن شهادة الشهود كانت لفائدة تبرئتنا أن فضيحة ماكرو تكشف الوجه التلفيقي لهذه القضية ونتائج الخبرة لا تثبت لا بصمات ولا آثارا جنينيا لأي من الأضناء وليس هناك وثيقة فكرية وسياسية تدل على نزوعنا للتطرف والغلو والعنف ولأن الحكم بهما إذا أردنا التجاوز والتساهل نقص في التعليل ونقصان التعليل كالعدم سواء.. السيد الرئيس المحترم السادة المستشارون المحترمون مرة أخرى.. الأحكام هي التي تصنع التاريخ.. فلكم أن تختاروا مكانكم في تاريخ بلدكم وشعبكم وأمتكم.. اختاروا مكانا لائقا بكم في ذاكرة التاريخ.. واحكموا بالعدل.. والحكم بالعدل حكم بمدرك متيقن يفيد الجزم واليقين.. وثقوا أن العدل هو حجتكم أمام ربكم وهو شرفكم في ذاكرة بلدكم وشعبكم وأمتكم. احجزوا مواقعكم في التاريخ.. ومقرركم العادل المبني على قناعة تستند إلى يقين وجزم هو سبيلكم إلى ذلك الحجز. إن إصلاح القضاء ليس أمنية تقال، بل هو أيضا فعل يمارس، وها هي الفرصة أمامكم لتضعوا لبنة من لبناته. وصدقونا طال الزمن أو قصر.. لا بد أن تنتصر الحقيقة.. وحجز مكان في التاريخ هو دأب الكبار الذين يعيشون كبارا ويكافحون كبارا ويلقون ربهم كبارا. مرة أخرى .. فعلا.. السيد الرئيس المحترم السادة المستشارون المحترمون "وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام" إبراهيم/46-47 (استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله) فاطر/43 والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك يبور) فاطر/10 صدق الله العظيم. شكرا لكم على سعة صدركم، والله المستعان والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته سلا في 3 شعبان 1431 ه 16 يوليوز 2010 م