لا زال الصراع مستمرا بين المغرب والجارة الجزائر على استقطاب أهم الطرق الصوفية في القارة الإفريقية، وقد اشتد هذا الصراع خلال السنوات الأخيرة، بعد قيام الجزائر ببعض الخطوات التي تسعى من خلالها استقطاب هذه الطرق لمنافسة المغرب في هذا المضمار، وذلك لأن المغرب كان سباقا منذ قرون في تأسيس علاقات وطيدة مع أغلب الطرق الصوفية. وكانت آخر محطات هذا الصراع في رسالة التعزية التي وجهها المغرب الجمعة الماضي، بدكار، من الملك محمد السادس، بصفته أمير المؤمنين إلى الرئيس السينغالي عبد اللاي واد في وفاة الخليفة العام للطريقة المريدية الكبرى بالسينغال الشيخ سيرين مامادو لمين بارا امباكي، والذي وافته المنية الأربعاء بمدينة طوبا، عن سن 85 سنة، ووري الثرى بالمسجد الكبير للمدينة. وأكد أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، والمبعوث المغربي لتسليم الرسالة أن هذه الأخيرة، تعبر عن "عناية ملكية بالطرق الصوفية بالسينغال التي تمثل إرثا روحيا مشتركا بين البلدين، وذلك سيرا على التقاليد المرعية للدولة العلوية المنيفة"، وأضاف في تصريحات إعلامية، أن "هذه المبادرة الملكية تبرهن على رغبة أمير المؤمنين في تعزيز الروابط الروحية العريقة بين البلدين الشقيقين والحفاظ على الإرث الصوفي لكبار الشيوخ الروحيين الذين أشاعوا الإسلام وأخلاقه في هذه الربوع الإفريقية"، وأن "جذور التصوف توجد راسخة في المغرب الذي ظل طوال تاريخه منبعا للإشعاع الروحي بأفريقيا، خصوصا من خلال الطريقتين الكبيرتين التيجانية والمريدية". وبسبب تجذر العلاقات المغربية السينغالية في معالمها الصوفية، مع حضور الطريقة التيجانية، ومباشرة بعد تنظيم المغرب ملتقى التيجانيين بمدينة فاس، وتنظيم الملتقى العالمي سيدي شيكر سنة 2009، (والذي قوبل باستهجان المغاربة وتعرض لانتقادات شديدة من العديد من الصوفيين من المغرب والمشرق)، قامت الجزائر بالرد على ذلك بتنظيم ملتقى دولي آخر للتجانيين في مطلع شهر نونبر 2009، حيث دعت إليه وفودا من التيجانيين لزيارة قرية "عين ماضي" بمدينة الأغواط، باعتبارها مسقط رأس مؤسس الطريقة أحمد التيجاني، حيث أصدرت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية حينها بيانا جاء فيه "إن قيام وفد من هذا النوع وبهذا الحجم بزيارة الجزائر يؤكد من جديد أن الطريقة كانت وما زالت جزائرية الأصل، وأنه لا يمكن لأي نشاط ديني أو ثقافي أو علمي أن يغير هذه الحقيقة التاريخية". وما استفز الجارة الجزائر في موضوع استقطاب الطرق الصوفية، هو أن شيوخ أغلب الطرق الصوفية في السينغال، ومنهم مشايخ الطريقتين الكبيرتين التيجانية والمريدية، يؤكدون منذ القدم على تمسكهم بالروابط العريقة التي تجمعهم بالمغرب.