يعتبر العمل النقابي مسألة مهمة وأساسية بالنسبة للشغيلة والأجراء في مختلف القطاعات،فهو يلعب دورا حاسما في تحسين الأوضاع المادية والمعنوية للشغيلة وللمجتمع ككل.غير أن الممارسة النقابية في المغرب أصابها تحريف خطير،حيث أصبح النقابي أو" النقايبي"يسعى إلى أهداف لاعلاقة لها بالمبدئية النقابية الصحيحة.ويرجع ذلك إلى عدة أسباب: - التعددية النقابية:التي لاتخدم إلا مصلحة المخزن تبعا لسياسة "فرق تسد"حيث توجد بالمغرب حوالي 30نقابة،و تصل نسبة الانخراط في أحسن الأحوال إلى 10بالمائة، وقد أصدرت الدولة ظهير 1960الذي يشجع على التعددية النقابية،لأنها، ولتكريس سلطتها ترفض قيام حركة اجتماعية قوية بقيادة الطبقة العاملة. وقد قامت بقمع المناضلين وفك الارتباط بين الطبقة العاملة والحركات النقابية ،كما تمكن النظام من احتواء هذه الأخيرة من الداخل من خلال شراء الذمم بأبخس الأثمان.أضف إلى ذلك طبيعة الباطرونا الميالة إلى الربح السريع،حيث إن أغلب المقاولات الصغرى والمتوسطة هي غالبا عبارة عن مؤسسات عائلية و عداؤها للعمل النقابي كبير. - عدم استقلالية العمل النقابي : ف 30نقابة السالفة الذكر منبعثة من رحم حوالي 44 حزبا،ويلاحظ أن جل النقابات تنشط في المحطات الانتخابوية،لإعلان الولاء لأحزابها والمشاركة في تنشيط الحملات الانتخابية. - سيادة البيروقراطية النقابية : مما يجعل العمل النقابي في خدمة أفراد معينين،يلتصقون بالكراسي - مسامر الميدة- ويسيرون الأمور وفق أهوائهم لتحقيق المكاسب على حساب جهد و عرق الشغيلة. هذه الأسباب و غيرها جعلت العمل النقابي بالمغرب في عنق الزجاجة،وذلك نتيجة غياب أو تغييب المبادئ الأربعة التي يقوم عليها العمل النقابي الناجح: الديمقراطية،التقدمية،الجماهيرية والاستقلالية. أصبحت النقابات إذن على نهج أحزابها الأم ،عبارة عن مقاولات براكماتية تستغل من طرف المسؤولين لتحقيق تطلعات طبقية،مما يغيب الديمقراطية الداخلية ويفتح المجال للاستبداد،بعيدا عن القوانين و الأعراف النقابية،فتصبح النقابة أخيرا بقرة حلوب لكل مريد يقصد مصلحته الشخصية ،وسلام على المبادئ و الأسس المحترمة للمصلحة العامة والشفافية. وقد انتشر فيروس خطير في السنوات الأخيرة،حيث ظهر المناضلون المرتشون والأعضاء الراشون،كل ذلك لتحقيق مصالح شخصية ضيقة. وهكذا مات مبدأ النضال ليحل محله الانخراط النفعي المصلحي الضيق الذي يدور مع المصلحة وجودا و عدما. أما إذا تحدثنا عن المركزيات النقابية، فذاك وجه آخرمن أوجه الشتات والتشردم، وهو باطل أريد به باطل . وكم كانت سعادة الحكومات المتعاقبة كبيرة عندما انفصلت ف دش عن ك د ش،وكم يشمئز المناضل المغربي الحقيقي عندما يشاهد حلقات "الحوارالاجتماعي" التي تشبه المسلسلات المغربية التلفزيونية مع فرق بسيط في الإخراج و الميكساج،وكم ترتاح "الحكومة"أكثر عندما تختلف" المركزيات "فيما بينها حول نقط بسيطة، عازفة بذلك أجود السمفونيات لحكومة عاجزة. لماذا مركزيات نقابية وليس مركزية نقابية واحدة؟سؤال ملح. لماذا كل هذا الفسيفساء النقابي؟لماذا كل هذه الألوان؟ لمصلحة من؟ إنه أصبح من الضروري فتح جبهة نقابية موحدة،لينضاف إلى المبادئ الأربعة المؤسسة للعمل النقابي الجاد،مبدأ:" العمل النقابي الوحدوي" الذي يلم الشتات،ويؤسس لحركة نقابية جامعة. إن ضعف اليسار حزبيا ونقابيا، وقلة تجربة الإسلاميين، بالإضافة إلى هشاشة الاقتصاد،كلها عوامل تفرض الوحدة النقابية المرجوة،وهي خطوة ناجعة إن تنبه لها المناضلون الشرفاء الأحرار، الذين لايهمهم إلا مصلحة المواطن والوطن. إن هناك قناعة عالمية بضرورة المراجعة النقدية للتجارب النقابية، بل أكبر المركزيات النقابية العالمية أصبحت تدعو إلى الوحدة، وتوحيد الجهود، وآخر شعار رفعته الكنفدرالية الدولية للنقابات الحرة هو التضامن. إن المتتبع لما يجري في الغرب نقابيا يقف عند درجة المصداقية التي يتمتع بها العمل النقابي هناك و يعرف أصل الداء الذي حل بالجسد النقابي المغربي. ففي دول اسكاندينافيا، مثلا، السويد خصوصا، يتم فرض اقتطاع جبري على كل الموظفين يصل حد 1% من الراتب الشهري يمر "مباشرة" لحساب النقابة الوحيدة للشغيلة التعليمية التي تبقى مسؤولة ديموقراطيا امام قواعدها: "نقابة العمال" وليس نقابة الحزب السياسي والموعد الانتخابي!. إن التعددية الديمقراطية المطلوبة هي التعددية السياسية وليس النقابية،وذلك لإتاحة الفرصة لكل حزب للنزول ببرنامجه السياسي الذي يقبله الشعب ويصوت لصالحه.أما التعددية النقابية فليست مطلوبة بتاتا،لأن مطالب الشغيلة موحدة ومتناغة،ولا تحتاج لاختلاف أو تجزيء.