تجري القوات المغربية ابتداء من اليوم مناورات عسكرية مشتركة مع نظيرتها الأمريكية في منطقة راس درعة وبتارودانت في الجنوب المغربي وفي مدينة القنيطرة إلى الغرب . وذكرت مصادر مطلعة أن هذه المناورات التي تحمل اسم الأسد الإفريقي 2010 تستمر إلى 4 يونيو المقبل وتجري بطريقة منتظمة بين القوات المغربية والأمريكية في إطار تعزيز التنسيق والتعاون العسكري بين البلدين واستكمال التكوين لفائدة القوات المسلحة على التقنيات العسكرية والإجراءات المتبعة من طرف كل بلد على حدة . وأضافت نفس المصادر أن المناورات العسكرية التي ستشهد مشاركة وحدات عسكرية أمريكية من الفيلق 23 لقوات المارينز وأسراب من المجموعة 234 لطائرات النقل الجوي العسكري المتخصص بالتزود بالوقود أثناء الطيران. كما ستقوم بتدريبات وتكوين لفائدة القوات المسلحة المغربية على استعمال الأسلحة وعمليات حفظ السلام والتحليق بالطائرات على علو منخفض والتزود بالوقود جوا. وسيقوم ضباط من الحرس الوطني الجوي الأميركي لولاية يوتاه الأمريكية مع المناورات العسكرية الجارية بتقديم خدمات اجتماعية إنسانية في الأرياف عبارة عن مساعدات طبية لعلاج أمراض الأسنان وفي الطب البيطري لفائدة السكان المحليين . ونفى الباحث في شؤون الحرب على الإرهاب والجماعات الإسلامية في المغرب الدكتور محمد ضريف في تصريحات خاصة ل " قدس برس" أن تكون هذه المناورات ردا على إعلان قيادة الأركان المشتركة في تمنراست مؤخرا ، وقال : "هذه مناورات كانت مقررة منذ وقت طويل، لأنها تدخل في برنامج لتأهيل القوات المغربية من حيث الاطلاع على آخر التطورات لاستعمال بعض الوسائل الجديدة في مواجهة الإرهاب ، فالمغرب معني بذلك لأن حدوده مفتوحة مع المغرب والجزائر. وبالتأكيد فإن الحديث عن أن المغرب يرد بهذه المناورات على الجزائر فإن ذلك يعني عمليا أن أمريكا متورطة في هذا الرد ، والكل يعلم عمق العلاقات الأمريكيةالجزائرية ". وأضاف الباحث " لا يمكن أن نعتبر أن هذه المناورات تأتي ردا على القيادة المشتركة في تمنراست مؤخرا، الأمر أبعد من ذلك بكثير، وغير خاف على أحد أن أمريكا كانت تسعى لتأسيس قاعدة عسكرية في طانطانجنوب المغرب ، ولكن في نهاية الأمر تبين أن الأمر يتصل بتنسيق مغربي أمريكي في مواجهة الإرهاب ، ولكن بفعل الحساسية الموجودة بين المغرب والجزائر فإن وسائل الإعلام في البلدين تبالغ في تضخيم الأشياء بينما يلتزم السياسيون الصمت ". وميّز ضريف في التنسيق المغربي الأمريكي بين مستويين ، وقال : " لا بد من الإشارة أولا إلى أن التنسيق المغربي الأمريكي كان موجودا قبل الحرب الدولية على الإرهاب، وقبل أن تُستهدف أمريكا في 11 أيلول (سبتمبر) ،وهو تنسيق على مستويين : الأول عسكري تأخذ فيها أمريكا بالخطوط الحمراء ، بمعنى أن ما تسلمه من أسلحة سواء للمغرب أو للجزائر يخضع لشروط وتراعي فيه التوازن القائم في المنطقة ، والجميع يتحدث عن أن الجزائر تعمل لتنويع مصادر تسليحها ، وأمريكا بالتنسيق مع الإتحاد الأوروبي تحاول أن لا تغلب دولة على دولة أخرى خصوصا عندما نتحدث عن المغرب والجزائر. أما المستوى الثاني فهو التنسيق الأمني والاستخباراتي الذي فرضته إكراهات الإرهاب ". وفي المستوى الثاني شدد على التباين الموجود بين الجزائر والمغرب في مكافحة الإرهاب، وقال : " لا بد من التنبيه هنا أعني في الحديث عن التنسيق الاستخباراتي المغربي الأمريكي أن المغرب تبنى مقاربة مختلفة عن المقاربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب التي تبنت خيار المواجهة العسكرية في حين أن المغرب ترى أن الحرب على الإرهاب هي حرب معلومات واستخبارات ، لذلك فالمغرب يركز على هذا الجانب مع دول المنطقة وأوروبا ومع أمريكا ، وخير دليل على ذلك الخلية الأخيرة التي تم تفكيكها والتي كان قائدها خارج المغرب، وهو في محور كينيا تنزانيا، وعليه بالنسبة للمغرب فإن المواجهة العسكرية لا تفيد بين جيش نظامي وحرب عصابات " . وجوابا على سؤال وجهته له " قدس برس" عما إذا كانت الإدارة الأمريكية تسعى من خلال التعاون العسكري مع دول المنطقة إلى أن تكون بديلا لفرنسا في إفريقيا ، قال ضريف : " عندما تتم مناورات بين المغرب وأمريكا علينا أن نأخذ حسابات جميع الأطراف ، فالمغرب يأخذ إمكانية مواجهة الإرهاب أو المواجهة المفتوحة مع البوليساريو التي تهدد بالعودة إلى العمل المسلح بعد أن وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود ، حيث أن المغرب متمسك بمبادرته الحكم الذاتي والبوليساريو متمسكة بموقفها ، صحيح أن الجزائر صرحت على لسان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بأنه لن يسيل دم جزائري بسبب الصحراء ، وأكيد أن المغرب غير مستعد للدخول في حرب من هذا النوع ، لكن ضرورات الإرهاب تستوجب الحذر. أما بالنسبة لأمريكا فلها حساباتها عندما تأتي بمئات من المارينز لفترة محدودة فهي لا تفكر في وراثة فرنسا فقد تجاوزت أمريكا فرنسا التي تتراجع مصالحها في المنطقة باستمرار، الآن أمريكا تريد مواجهة الوجود الصيني في إفريقيا ، والجميع يعلم أن الصين استطاعت أن تعقد قمة صينية إفريقية حضرتها 40 دولة من المنطقة "، على حد تعبيرها . لكن صحيفة " الخبر" الجزائرية في عددها الصادر اليوم الأربعاء (28/4) رأت أن المناورات العسكرية بين قوات المارينز الأمريكية ، وقوات الجيش الملكي ، تأتي في سياق الرد على الجزائر التي احتضنت اجتماعا لدول الساحل دون دعوة الرباط، وقالت : " يأتي هذا في وقت كانت الجزائر قد رفضت ، قبل أسابيع قليلة ، المشاركة في مناورة عسكرية انخرط فيها الجيش الأمريكي في منطقة الصحراء، رغم إلحاح الأمريكيين على ذلك ، وذلك انسجاما مع موقفها الرافض لأي تدخل أجنبي في المنطقة تحت ذريعة محاربة القاعدة . ويتداول عزم واشنطن على إعادة بعث فكرة إنشاء قاعدة للقيادة العسكرية بالصحراء ، لا يستبعد أن تحتضنها المغرب بعد أن رفضتها الجزائر جملة وتفصيلا"، على حد تعبيرها . يشار إلى أن قيمة المساعدات العسكرية الأمريكية المقدمة للمغرب والتي من المقرر أن تتضاعف ثلاث مرات عام 2011 بلغت العام الماضي 6ر3 مليار دولار.