لم تقتصر إغراءات العرض السياسي الذي أتي به حزب الأصالة والمعاصرة للحقل السياسي المغربي على زعزعة أداء "الأحزاب الصغرى"، واستقطاب زعامات أحزاب يمينية وإدارية، تؤمن بمبدأ "الله ينصر اللي اصبح"، ومنها حزبي الحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار مثلا، وإنما وصلت كذلك إلى حزب عتيد هو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والذي كانت قياداته تصف الحزب بأنه وافد جديد يهدد مرحلة الانتقال الديمقراطي في المغرب. إحدى بعض معالم محطات الزعزعة التنظيمية التي تعرض لها الاتحاديون، تجسدت في تعيين إدريس لشكر، في منصب الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، حتى "يصمت" بشكل نهائي عن مطالب الإصلاح السياسي، ويتراجع عن احتمال تحالف حزبه مع حزب العدالة والتنمية. وجاءت صدمة تنظيمية أخرى، نهاية الأسبوع الماضي، لن يتم الكشف عنها إلا مع مطلع الأسبوع الجاري، عندما تأكد أن أريع قيادات وازنة في حزب الاتحاد الاشتراكي، عقدت لقاء تنظيميا استشاريا مغلقا وسريا مع قيادات حزب الأصالة والمعاصرة، دون علم المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، ويتعلق الأمر بكل من الكاتب الأول للحزب، عبد الواحد الراضي، ونائبه فتح الله ولعلو، ثم الحبيب المالكي، وزير التعليم السابق، وإدريس لشكر، الوزير الحالي المكلف بالعلاقات مع البرلمان. وقد اضطر عبد الواحد الراضي، في آخر لقاء للمكتب السياسي لحزبه، ونظم الاثنين الماضي، للاعتراف بأن لقاء جماعته مع جماعة الوافد الجديد، كان سريا، وأنه يأتي خارج أجندة اللقاءات الرسمية التي تعقد بين الفينة والأخرى مع باقي الأحزاب السياسية، وعلى رأسها أحزاب الكتلة السياسية التي تعيش "مرحلة الاحتضار" البطيء حسب رأي المراقبين والباحثين. المعطيات الواردة عن هذا اللقاء تحدت بالدرجة الأولى عن حالات تشجج وتوثر بين أعضاء المكتب السياسي لحزب عبد الرحيم بوعبيد، ولكن المؤشرات القائمة والمتداولة منذ شهور، تؤكد أن إغراءات العرض السياسي للوافد الجديد، والتي ظن بعض الاتحاديين أنها ستتوقف فقط عند تعيين إدريس لشكر في كرسي وزاري لا يشرف وزن الحزب العتيد، قد تمتد إلى "صفقات أخرى" في الطريق، تجهز على ما تبقى من شعبية حزب لا يختلف أغلب الباحثين في ملف الحقل الحزبي للتأكيد على أنه يعيش أزمة هوية وأزمة تنظيمية وأزمة شعبية، كما أكدتها آخر انتخابات تشريعية سنة 2007 ومعها آخر انتخابات جماعية صيف العام الماضي 2009.