أصدر المجلس الأعلى للحسابات تقريره السنوي عن أنشطة المحاكم المالية برسم سنة 2008، الذي يشمل مجموع أنشطته، فضلا عن خلاصة الملاحظات والمقترحات التي سجلها بخصوص تدبير الماليات العمومية وبعض المرافق والهيئات التي كانت موضوع مراقبة. وتم إنجاز 130 مهمة رقابية لمؤسسات عمومية وجماعات محلية ومكاتب تابعة للدولة . وضمن هذا التقرير الذي نشر في جزأين، قامت لجنة برامج وتقارير المجلس الأعلى للحسابات بانتقاء 61 ملخصا للملاحظات التي أسفرت عنها مختلف المهام الرقابية المنجزة من طرف المجلس الأعلى والمجالس الجهوية . وسجل التقرير وجود اختلالات عدة في تدبير المال العمومي ، وكان أبرزها المصاريف القياسية للمدير السابق للمكتب الوطني للمطارات عبد الحنين بنعلو ، والتي بلغت أزيد من 446 مليون سنتيم ، وتم صرف هذا المبالغ في كماليات خارجة عن اختصاصه ( مصاريف الإقامة في فناذق خمس نجوم – شراء مقتنيات فاخرة – اقتناء الهدايا ... ) . وذكرت مصادر صحفية مغربية قبل صدور التقرير أن قضاة المجلس قاموا بزيارة الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات من أجل الافتحاص، بالإضافة إلى شركة الخطوط الجوية الملكية، والقرض العقاري والسياحي، والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة. ويضم التقرير أيضا العديد من الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين(جهات الرباط، والغرب)، فضلا عن جامعة القاضي عياض بمراكش ومكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل والمركز الوطني للبحث العلمي والتقني والأحياء الجامعية لكل من فاس ومكناس وسطات. ويحتوي التقرير على كل من غرفتي الصناعة التقليدية لطنجة ومكناس، والوكالات الحضرية للرباط وبني ملال ومكناس، بالإضافة إلى العديد من المؤسسات الأخرى . كما تم التدقيق في حسابات فندق " رياض السلام " ، التابع للصندوق العقاري والسياحي المعروف ب " السياش" ، بعدما انتهت التحقيقات داخل البنك، خصوصا تخصيص ما يزيد عن 400 مليون سنتيم من مالية البنك لإصلاح وتأثيث شقتين فوتهما " السياش" لفائدة خالد عليوة. وشملت تحقيقات قضاة المجلس الأعلى جميع الصفقات التي أنجزت منذ قدوم المدير العام السابق خالد عليوة للبنك، منها صفقة إصلاح وترميم الفندق التي تقدر ب70 مليون درهم. وتعليقا على أرقام هذه الاختلالات المالية ، قال محمد طارق السباعي ، في تصريحات ليومية " أخبار اليوم المغربية " ، إن التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات يكشف وجود " جرائم خطيرة وخطيرة جدا ، تتطلب الإسراع بإحالة التقرير برمته على النيابة العامة ، قصد تحريك المتابعة القضائية واسترجاع الأموال المهدورة " . وطالب السباعي في ذات التصريحات بالحجز على ممتلكات المسؤولين المتهمين في الداخل والخارج " تطبيقا لاتفاقية الأممالمتحدة لمحاربة الفساد " . يشار إلى أن عدد العاملين في المحاكم المالية المغربية يقدر ب 432 شخصا، من بينهم 259 قاضيا، في ما ارتفعت القروض المخولة لها من 104 مليون درهم سنة 2007 إلى 115 مليون سنة 2008 . ورغم رصد الميزانيات الضخمة الي تخول لهذه المحاكم ممارسة مهامها على أكمل وجه ، إلا أن عدم متابعة المسؤولين عن تبذير المال العمومي يؤثر في فعالية تقارير هذه المحاكم ، ويضعها ضمن أرشيف المجلس الأعلى الحسابات دون تفعيل لتوصياته .