جلالة الملك، أصحاب السمو والمعالي، أمير المؤمنين وحامي الملة والدين، فخامة، مولانا، سماحته... كل هته المفاهيم تتردد علينا كثيرا دون أن نستحضر معانيها في دولة يدعي نظامها العمل على ترسيخ دولة الحق والقانون، فإسم الجلالة عندما يحضر وجب القيام وتقبيل الأيدي والأكتاف، وطأطأة الرؤوس، وكذا الركوع وسائر صور الخضوع والمذلة والعبودية، وإياك أن تقول شيئا لم يُعجبه أو تقول كلاما يُغضبه فأنت أمام ظل الله في الأرض، مصيرك بين يديه وأنت راعي في ضيعته، فجلالته يستطيع أن يُحبط أعمالك ويقطع رزقك ويُدخلك فسيحة سجونه. فسماحته يقول ويُفتي بما أراد وإياك أن تقول شيئا أو أن تعتقد رأيا لا يقول به (سماحته) وإن كان رأيه مخالفا لأصول الدين وفروعه فهو أمير المؤمنين وحامي ملتك ودينك. وعندما يكون المولى حاضرا فلابد من تحيته والإجلال له وتكبيره وتعظيمه والعمل برأيه الذي لا نِقاش فيه وإذ أردت بركته وجب أن تطوف نحوه وتعمل على راحته فهو الرازق، المقدس وإياك أن تُغضبه فغفرانه صعب لا يأتي حتى تنال العقوبة على خطيئتك وإن لم تتب وتعد لرشدك يُمكن أن يختفي إسمك. يدعونا ترسيخ دولة الحق والقانون، والديمقراطية ونحن رعية في ضيعة، الرعية التي ليس لها سلطة على الراعي ويتناسى هؤلاء السياسيين أن الديمقراطية لا يمكن أن تتأسس بدون مفهوم المواطنة، فما قيمة الديمقراطية دون معرفة مرتكزاتها ومقوماتها وأهمها المواطنة، فالفرد الذي لا يعرف ذاته حتى الآن كمواطن لا يجد ضرورة في الديمقراطية، فهي في أفضل الحالات بالنسبة اليه مرادف للحرية فقط، وفي أسوأها ترف لا ضرورة حقيقية له. ليست هناك ديمقراطية مع إنتشار المفاهيم التي تدل على سلطة الغالب والمغلوب والمفاهيم التي تُكرس الحكرة والطبقية، مثل هته المفاهيم تصنع كذالك أجيال مهزومة تُؤمن بوجود الأسياد، والولاة وأصحاب المهابة، وكذا عبيد، رعية، أو طبقة خاضعة لسلطة الغالب بنفوذه، وماله وما ورث... لا يُمكن أن نكون في الطريق الصحيح لبناء دولة تحمل شعار المساواة وحقوق الإنسان، والديمقراطية دون أن نقف عن بعض المفاهيم التي تُطلقها بعض أبواق المخزن عن طريق وسائل الإعلام السمعية منها والبصرية. ولا يُمكن أن تكون هناك أحزاب أو برلمان أو نقابة تُعارض أو تنتقد جلالتة أو فخامته بإسم شعب لم يصل بعد للمواطنة.حتى لا ننسى مهزلة أُخرى تنضاف إلى المغرب الحديث بخصوص تكريس المفاهيم الغريبة والسلطوية عندما قال أحمد التوفيق ، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية عبر قناة إثم " جلالة الملك رضي الله عنه " وهو الذي يدعي العلم الشرعي، فما حكم الشرع في إطلاق كلمة رضي الله عنه عن شخص لم يُصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ترى ؟علما أننا نناقش المفاهيم فقط وليس الأشخاص. [email protected]