يناقش المشاركون في المنتدى الوطني حول الخريطة الصحية، الذي انطلقت أشغاله صباح اليوم الإثنين بالرباط ويمتد لثلاثة أيام، الإطار التشريعي والتنظيمي الخاص بوضع هذه الخريطة وآليات تجسيدها على أرض الواقع لمعالجة معضلة الولوج للخدمات الصحية، وذلك في ضوء تجارب دولية في هذا المجال. ويتدارس المشاركون، من ممثلي الهيئات التشريعية والقطاعات الحكومية والمنظمات الدولية والوطنية والقطاعين العام والخاص للصحة والمجتمع المدني، الإطار العام للخريطة الصحية عبر استعراض وتقييم المقاربات الموظفة في التخطيط لعرض العلاجات، مع الاستئناس بتجارب بلدان أخرى قامت بوضع هذه الآلية وهي فرنسا وإسبانيا وكندا. كما يتطرقون إلى استراتيجية إنجاز وتفعيل الخريطة عبر المقاربة الجديدة للتخطيط لعرض العلاجات والقاعدة المعلوماتية المتعلقة به، إلى جانب تناول خرائط صحية خاصة بداء السرطان والأمراض النفسية وأمراض النساء والتوليد والقصور الكلوي، وكذا التخطيط المرتبط بالتكنولوجيا المتطورة والمعدات الثقيلة ونماذج مخططات جهوية لعرض العلاجات (الجهة الشرقية وجهتي الدارالبيضاء الكبرى ومراكش-تانسيفت-الحوز). وتعتبر الخريطة الصحية التي تعتمدها العديد من الدول، أداة لتنظيم عرض العلاجات كآلية فعالة لتحقيق عدالة وتوزيع أمثل للعرض الصحي ويرتكز وضعها على التحليل الكمي والنوعي لعرض العلاجات المتوفرة من جهة، ولحاجيات المواطنين في هذا المجال من جهة أخرى. وحسب وثائق الوزارة فإن عرض العلاجات سواء بالقطاع العام أو الخاص بالمغرب يعرف تطورا سريعا إلا أنه يتسم بعدم الانسجام، مما أدى إلى وضعية تطبعها اختلالات تتعلق بسوء التوزيع المجالي للموارد المتوفرة وضعف مردودية المؤسسات الصحية (خاصة العمومية) وغياب التكامل بين مختلف متدخلي القطاع وعدم ملاءمة العرض للطلب وعدم مواكبة مجهودات التسيير مع الاستثمار. ويأتي وضع الخريطة الصحية استجابة للتعليمات السامية الواردة في الخطاب الملكي المتعلق بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية الرامية لتوسيع الاستفادة من الإمكانات المتوفرة والخدمات والتجهيزات الاجتماعية، وتنفيذا لالتزامات الحكومة المتعلقة بوضع خريطة صحية وطنية الذي ينص عليه مخطط عمل وزارة الصحة (2008-2012). وينص مشروع القانون 34-09 المتعلق بالمنظومة الصحية وعرض العلاجات في قسمه الرابع على إحداث خريطة صحية ومخططات جهوية لعرض العلاجات، مبينا أهداف ومهام كل آلية على حدة وضرورة التقيد بمقتضياتهما في إنشاء مختلف المؤسسات الصحية وفي التجهيزات البيوطبية الثقيلة، إلى جانب تقديم حوافز استثمارية للمتدخلين لدى احترامهم لهذه المقتضيات. وموازاة مع ذلك، قامت الوزارة الوصية بإعداد ملف تقني يتضمن الجرد الدقيق لعرض العلاجات المتوفر وتقييم حاجيات الخدمات الصحية لدى المواطنين وتحديد معايير تمكن من وضع مخطط لتوسيع التغطية الصحية كميا وكيفيا، فضلا عن إنشاء قاعدة معلوماتية لتحيين المعطيات وتقويم الخطط الناتجة عنها.