نظمت وزارة الثقافة وسفارة مصر بالمغرب، مساء أمس الاثنين بالرباط ، لقاء مفتوحا مع المفكرين المصريين جابر عصفور وصلاح فضل، وذلك على هامش الدورة ال16 للمعرض الدولي للنشر والكتاب التي تتواصل بالدار البيضاء الى غاية 21 من فبراير الجاري . وقال السيد أبو بكر حفني محمود سفير جمهورية مصر بالمغرب، في كلمة بالمناسبة ، إن هذا اللقاء يعكس مستوى عمق ومتانة أواصر الأخوة والصداقة التي تجمع بين مصر والمغرب، والتي تضرب جذورها في عمق التاريخ. وأضاف أن اللقاء يسعى إلى ملامسة تحديات وآفاق التواصل في الثقافة العربية من مشرقها إلى مغربها، خاصة وأن مظاهر وتجليات التلاقي بين جناحي الأمة كثيرة ومتنوعة. وقال المفكر جابر عصفور في تدخل له ، إن هناك العديد من التحديات التي تؤرق وتشغل بال المثقفين في العالم العربي وتسائل مستقبل الثقافة العربية التي وصفها بأنها " ثقافة تسير إلى الأمام ولكن عينها في أقفيتها "، مشيرا الى ان ما يهدد هذه الثقافة بشكل خاص يكمن في الاستغراق في النظرة الماضاوية. واوضح أن التحديات التي تواجه الثقافة العربية تتمثل على الخصوص في " غياب القضايا القومية الكبرى بالعالم العربي وسيادة مناخ التعصب" ، مبرزا أنه لمواجهة ذلك يتعين العمل على نشر ثقافة التسامح والاهتمام بإصلاح وتطوير التعليم، وفتح المجال أمام حرية الإبداع الفكري والبحث العلمي، وكذا تجديد الخطاب الديني والفكري العربي. وشدد على ضرورة الاعتراف ب" مبدأ التنوع الثقافي الخلاق" لكونه سيحفظ للكيانات الثقافية خصوصيتها وذلك لمواجهة تداعيات العولمة الموحشة، معتبرا أن " تنميط الثقافة العالمية سيهدد الكنز الثقافي الهائل للبشرية". ومن جانبه، اعتبر المفكر والناقد صلاح فضل أن من بين التحديات التي تواجه الثقافة العربية اليوم كون " اللغة العربية تقف شبه عاجزة ومشلولة بخصوص تخطي زمن العصر الرقمي، وأنها تكاد ان تنسى إزاء هذا الفيض من المعلومات التي تتنقل بلغات أخرى" ، مشددا في هذا السياق على ضرورة تحديث أدواة هذه اللغة وتكييفها مع متطلبات العصر لجعلها معبرا بين العرب والآخر وقادرة على اقتحام عالم الرقمنة بقوة، وذلك من خلال تخطيط مدروس ومنسق لا تتعدد فيه المشاريع . وأشار المتحدث إلى أن من بين التحديات الأخرى التي تواجه الثقافة العربية ، غياب الإبداع العلمي على الرغم من وجود طاقات وموارد مؤهلة للقيام بذلك ، مؤكدا على ضرورة العمل من اجل خلق هياكل ومؤسسات تنظم درجات هذا الإبداع وتخطط للتعاون فيما بينها. واعتبر صلاح فضل أن توفير البيئة العلمية كفيل بتكوين عقلية علمية عربية تستطيع أن تضمن هذا النوع من الإبداع. وأضاف أن الفهم "المغلوط والسيء والسطحي والمتخلف لجوهر الدين الإسلامي هو المسؤول عن تخلف المجتمع العربي" ، مشددا على ضرورة تكريس كل الجهود والطاقات لمواجهة ودحض التيار الذي جعل من الإسلام قرينا للارهاب والتعصب. وأكد في هذا السياق أن الفهم المستنير بالدين والعناية بالعلم والعقلية العلمية والتخطيط الممنهج للتكامل العربي يعد الطريق الامثل نحو مستقبل مشرق للأمة العربية.