تم في نهاية الأسبوع المنصرم بالمحمدية تقديم رواية "بيض الرماد" لمؤلفها الشاعر والفنان التشكيلي المصطفى غزلاني. وأجمع المشاركون في ندوة التقديم، التي احتضنتها دار الثقافة مولاي العربي العلوي، على روعة ومتانة اللغة التي تمت بها صياغة هذه الرواية، كما أثنوا على دقة الوصفة والبراعة في استعمال الألوان في نص عربي يمتح من التجربة التعددية لمؤلفها. كما أشاد المشاركون بالمستوى الأدبي الجيد لهذا العمل الروائي (183 صفحة من الحجم المتوسط)، التي قررت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية إدراجها ضمن النصوص الأدبية لطلبتها والذي تم تصنيفه في ما يعرف ب"الأدب الرعوي". وتتحدث وقائع هذه الرواية، التي اشتغل عليها المؤلف منذ سنة 2000 ، عن حكاية حدد مجالها الزمني في بداية القرن ال 19 وفضاءها الجغرافي قبيلة اولاد حمو (إقليم بنسليمان) التي يحدها شرقا الواد لحمر حيث أقيمت خيام على ضفته الشمالية وخلفها حقول ومقبرة في جهتها الجنوبية. وتتكون شخوصها الرئيسية من أفراد القبيلة على رأسهم السي لكبير رمز الجبروت والسلطة، وعائلة المعطي ابن بطل القصة "علال"، ومعشوقة هذا الأخير "عيشة" التي تنتمي إلى عائلة السي قدور أحد بسطاء القرية، بالإضافة إلى شخوص أخرى تمثل الأسر الهامشية أو الأقليات المتوافدة على القبيلة، كما هو شأن كل التركيبات الاجتماعية للقرية المغربية. وفي تطور تراجيدي، تحكي الرواية عن علال الذي اختاره والده للرعي مما دفعه للانعزال عن سكان القرية لكن عودته في الليل تتيح له اكتشاف الحياة الحقيقية لأهاليها، وانتهاك كبار القوم لحرمة المحارم، وتورط والده والسي لكبير في نزعة الاستحواذ على الخيام والنساء. وشكلت هذه المعطيات أولى عناصر التمرد لدى الراعي علال المغرم بعيشة. وفي محاولة لإنقاذ شرفها، يهرب معها خارج القرية بعد إفلاته من محاولة قتل مدبر. وستكشف الأيام عقم المعشوقة، وسقوطها ضحية مكيدة طلب البركة من الأضرحة والأولياء الذي لم يكن في الواقع سوى الوجه الآخر للخيانة كما ستزداد درامية الحكاية في طريق عودة المعشوقين إلى القرية بعد سنين من الهروب خارجها. يشار إلى أنه صدر للمصطفى غزلاني لحد الآن ثلاثة دواوين شعرية موسومة ب "خرائط الغيم" (1999)، و"أشياء أخرى" (2001)، ورعاة النور الأسود، كما نظم عدة معارض تشكيلية داخل المغرب وخارجه.