شكل موضوع "عناية المغاربة بالقرآن ورعاية ملوك الدولة العلوية لحفاظه" محورا رئيسيا في محاضرة علمية ألقاها أمس السبت فضيلة الدكتور بصير عبد الهادي، من مندوبية الأوقاف ببني ملال،وذلك في إطار الموسم الديني للولي الصالح سيدي محمد لبصير الذي اختتمت فعالياته اليوم الأحد بجماعة لمعادنة دائرة وادي زم. وتوقف المحاضر في مداخلته عند المراحل التاريخية التي سلكها القرآن الكريم منذ دخول الإسلام إلى المغرب عام 62 هجرية على يد الصحابي عقبة بن نافع الفهري وبعده الفاتح موسى بن نصير والى غاية نشأة الدولة العلوية. وركز بالمناسبة على العناية التي حظي بها المصحف الكريم شكلا ومضمونا من خلال إبداع وتفنن المغاربة في نسخه وتنميقه، حيث تم ترصيع نسخ المصحف "العقباني" و"العثماني" بماء الذهب وغيره من الأحجار الكريمة تيمنا ببركاته، إذ توارثته الأجيال واعتمد في العديد من المواطن كالاستشفاء والفتوحات الإسلامية فضلا عن استعماله كهدايا قيمة في المناسبات وكذا في تزيين البيوت. أما الشق الثاني من المحاضرة فقد خصه الدكتور بصير عبد الهادي لظاهرة مبايعة "سلطان الطلبة" والتي سنها السلطان المولى رشيد وهي تكشف مدى الحظوة والعناية الخاصة التي أولاها العلويون لحفظة وحملة كتاب الله لتشجيعهم على مزيد من التحصيل والتدبر وقد توارث ملوك الدولة العلوية الشريفة في ما بعد هذه الحظوة في صيغ وتجليات مختلفة. وفي هذا السياق فقد تم التذكير بالجهود التي بذلها جلالة المغفور له الحسن الثاني لضمان استمرارية الهداية الإسلامية حتى تنير بإشعاعها الخالد ديار المغرب، معتبرا حملة القرآن مشعلا لها. كما تمت الإشارة إلى بعض مبادرات وارث سره صاحب الجلالة الملك محمد السادس سيرا على نهج والده من خلال اعتماده للعديد من المبادرات ،من ضمنها إحداث مؤسسة تحمل اسم جلالته للنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين، وتشجيع حفظة القرآن الكريم من خلال التنافس من أجل الظفر بجائزتي محمد السادس الوطنية والدولية. وبهذه المناسبة، التي تخللها حفل تكريم اثنين من كبار الشيوخ وأئمة المساجد بقبيلة السماعلة واثنين آخرين من الطلبة خريجي زاوية "الرمامين" التي تستقطب القراء والمتعلمين من مختلف أرجاء المملكة، تليت قصيدة شعرية في الموضوع استحضر من خلالها أهمية العناية بهذا الموسم الديني ومن خلاله بحفظة كتاب الله. وتوجت فقرات هذه التظاهرة الدينية،التي انطلقت يوم الخميس الماضي، بالدعاء الصالح لأمير المؤمنين ولكافة أفراد الأسرة الملكية الشريفة، وذلك بحضور رؤساء وأعضاء جمعية حفظة القرآن الكريم السماعلة، الجهة المنظمة، والمجالس العلمية المحلية لكل من خريبكة والفقيه بنصالح وبني ملال وسطات وبرشيد ونقيب الزاوية الدرقاوية. وللإشارة فإن إحياء هذا الموسم الديني السنوي يعود إلى عام 1927، وهو يروم تنظيمه إذكاء روح المنافسة بين الطلبة والفقهاء من أجل المزيد من التحصيل في مجال الفقه وعلوم الدين وكذا التشجيع على الإبداع في ترتيل وتجويد كتاب الله، حيث تخرج فيه السلك القرآنية بتلاوة جماعية وتجري فيه المسابقات وتعرض فيه التحف والدرر من كتب دينية وألواح قرآنية.