قال وزير العدل ورئيس لجنة الإشراف على إعداد الخطة الوطنية لحقوق الإنسان والديموقراطية السيد محمد الناصري، اليوم الجمعة بالرباط، إن اختيار المغرب للتجربة الإسبانية، من بين 26 تجربة في العالم، يبرره عمق أواصر الصداقة بين البلدين وما نسجاه من علاقات تعاون تنطلق من ثقة متبادلة بمستقبل واعد اعتمادا على القيم والقناعات المشتركة بينهما. وأبرز الوزير، في افتتاح اجتماع لجنة الإشراف بحضور وفد عن لجنة تتبع خطة العمل الوطنية الإسبانية في مجال حقوق الإنسان، أن المغرب وإسبانيا شركاء أيضا في التوجه نحو بناء فضاء متوسطي متعايش ومتضامن تسوده الممارسة الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. ودعا إلى إنشاء شبكة أورومتوسطية ذات الصلة بالخطط الوطنية كقيمة إضافية لدعم حقوق الإنسان في حوض المتوسط، مذكرا بأن المغرب يعد أولى دول جنوب المتوسط التي تقوم بإعداد خطة وطنية في هذا المجال، تماشيا مع توافقات المنتظم الدولي (مؤتمر فيينا سنة 1993) والتزامات المملكة في إطار الوضع المتقدم مع الاتحاد الأوروبي. من جهة أخرى، أكد السيد الناصري أن توجه المغرب هذا ليس مجرد تدبير شكلي لتأثيت الفضاء القانوني والحقوقي بخطة وإنما يتوخى وضع منهجية وجدولة زمنية لما يجب إنجازه في هذا الاتجاه ضمن تشارك واسع مسؤول لرسم معالم مسار حقوق الإنسان في البلاد للوفاء بالتزاماتها في مجال حماية هذه الحقوق والنهوض بها. من جانبه، أكد سفير الاتحاد الأوروبي بالمغرب السيد إينيكو لاندابورو على المكانة الأساسية لحقوق الإنسان واحترام الحريات في السياسة الخارجية للاتحاد، مشيدا بالتزام المغرب الواضح والمعبر عنه على أعلى المستويات منذ سنوات للنهوض بدولة الحق والقانون وتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان وإصلاح القضاء. وأوضح السفير الأوروبي أن المغرب والاتحاد الاوروبي يعرفان مسلسلا للتقارب والحوار في هذا الميدان يتم بشكل ملموس عبر مخطط عمل سياسة الجوار الأوروبية (2005)، مضيفا أن الوضع المتقدم للمغرب يعد الإطار الذي ينبغي فيه تحقيق "قفزة نوعية" في هذا المسار. كما أشار إلى أن قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان والقضاء ستكون في صلب خلاصات قمة المغرب والاتحاد الأوروبي "التاريخية" في 8 مارس المقبل بغرناطة، في ظل الرئاسة الإسبانية للاتحاد. من جهته، اعتبر سفير إسبانيا في المغرب السيد لويس بلاناس بوتشاديس أن التبادل القائم بين المغرب وإسبانيا في ما يخص إعداد خطة وطنية لحقوق الإنسان بدعم من الاتحاد الأوروبي يشكل فرصة سانحة لتقاسم التجارب والاستفادة منها لتطوير مجتمعي البلدين وتحقيق تقارب بينهما. وأبرز أن المغرب أبان عن حكمة وشجاعة عبر اتخاذه قرار إعداد خطة وطنية في مجال حقوق الإنسان كما هو الشأن في إسبانيا، مجددا التأكيد على دعم بلاده، التي تتولى حاليا رئاسة الاتحاد الأوروبي، لمجهودات المغرب في هذه التجربة التي يتوقع أن تكون "ناجحة". وذكر الأمين العام للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والكاتب العام للجنة الإشراف السيد المحجوب الهيبة، في عرض قدمه خلال الاجتماع، بخلاصات الزيارة التي قام بها وفد عن لجنة الإشراف على إعداد خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان لإسبانيا في 16 و17 نونبر الماضي والتطور اللاحق في مسار إعداد الخطة. كما استعرض السيد فيرناندو فلوريس خمينث، كاتب عام تقني بوزارة الرئاسة وعضو لجنة متابعة الخطة، تجربة خطة حقوق الإنسان الإسبانية، التي دخلت حيز التنفيذ منذ يونيو 2007 وتعد أول تجربة في الفضاء المتوسطي على مستوى السياق والأهداف ومنهجية متابعة تنفيذها. ويندرج اجتماع لجنة الإشراف في سياق مواصلة التفكير والنقاش حول إعداد خطة عمل وطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان بالمغرب، خاصة في ما يتعلق بآليات التفعيل والمتابعة، فضلا عن الاستفادة من التجارب الدولية المماثلة، خاصة التجربة الإسبانية. وستتواصل أشغال الاجتماع عبر مناقشة مختلف آليات متابعة وتقييم خطة العمل الإسبانية في مجال حقوق الإنسان والحكامة الأمنية وحقوق الإنسان بهذه الخطة. ويرتقب أن يشارك الوفد الإسباني، مساء اليوم، في عشاء مناقشة حول مسلسل إعداد خطة العمل المغربية تنظمه لجنة الإشراف مع المؤسسات الوطنية وممثلي وسائل الإعلام الوطني.