تم أمس الخميس بمدينة القصر الكبير تدشين فضاء متحفي للمقاومة وجيش التحرير بمناسبة تخليد الذكرى 433 لمعركة وادي المخازن التي تعد محطة بارزة في تاريخ كفاح المغرب. ويهدف هذا الفضاء المتحفي والتربوي والتثقيفي، الذي أشرف على تدشينه المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير مصطفى الكتيري وعامل إقليمالعرائش محمد الأمين المرابط الترغي، إلى المحافظة على التاريخ العريق والمعاصر لمدينة القصر الكبير المجاهدة وإغناء المشهد المتحفي بشمال المملكة على العموم. وجاء إنجاز هذا المتحف، الذي وضع حجره الأساس سنة 2008، ثمرة اتفاقية تعاون وشراكة بين المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمجلس الإقليمي للعرائش والمجلس البلدي للقصر الكبير. وتم إغناء هذا الفضاء المتحفي بمعروضات ووثائق وشهادات وأدوات ناطقة وشاهدة على محطات وأحداث ووقائع وملاحم يحفل بها تاريخ الكفاح بمدينة القصر الكبير ونواحيها، ومن بينها الملحمة الخالدة لمعركة وادي المخازن. وأكد السيد الكتيري، في كلمة خلال مهرجان خطابي تخليدا للذكرى 433 لهذه المعركة، على أن هذه الملحمة تعد محطة كبرى في مسيرة الكفاح البطولي الذي خاضه الشعب إعلاء لراية الإسلام ودفاعا عن مقدسات الدين والوطن، مستحضرا "أطوار ملحمة عظيمة حفاظا على عزة الأمة وكرامتها وذودا عن حمى الوطن وسيادته ووحدته". وأشار المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بهذا الخصوص إلى أن "المعركة مثلت محطة حاسمة في ملحمة الدفاع عن عزة البلاد وإعلاء راية الإسلام، وجسدت بجلاء عظمة الشعب المغربي ووحدة صفوفه وشدة بأسه كلما تعرضت حوزة الوطن لأطماع الغزاة واستهدفتها مخططات الاستعمار ودسائسه". وأضاف أن تخليد هذا الحدث التاريخي، في غمرة الاحتفالات المخلدة للذكرى 12 لعيد العرش و 58 لثورة الملك والشعب، سيبقى معلمة وضاءة ومحطة بارزة تستلهم منها الأجيال اللاحقة قيم الوطنية الخالصة، وتتزود من دروسها وعبرها لتعبيد مسارها وتقوية عزائمها في ملاحم الجهاد الأكبر على درب البناء والتشييد وإعلاء صروح الوطن. كما تم بهذه المناسبة عقد ندوة حول الدلالات العميقة لمعركة وادي المخازن التي رسخت مكانة المغرب كدولة عظمى بمنطقة شمال إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط، وتطرق الباحث في الأدب العربي حسن طريبق إلى آثار معركة "الملوك الثلاث" على الإنتاج الأدبي بكل من إسبانيا والبرتغال، اللذين اندحرا في هذه المعركة. كما أشار رئيس جمعية البحث في التاريخ بالقصر الكبير محمد أخريف في كلمة خلال الندوة إلى أسباب الانتصار الساحق للجيش المغربي على جيش الغزاة، مبرزا في هذا الصدد إلى الدور الحاسم للتلاحم بين الشعب والجيش والملك الذي رص الجبهة ودحر جيش الأعداء. وحظي ثلاثة من خيرة قدماء المقاومين بالمنطقة، والذين كافحوا لطرد نير الاستعمار والدفاع عن مقدسات المغرب واستقلاله وسيادته تحت العرش العلوي المجيد، بالتكريم بهذه المناسبة الغراء.