عاشت مواقع مختلفة من مكناس مساء أمس السبت لحظات ممتعة من خلال حفلات غنائية وموسيقية أحياها مشاركون من كل الآفاق الجغرافية في العالم في مهرجان مكناس وليلي في نسخته الثانية عشرة. وقبل أن تنطلق الحفلات نظم القائمون على المهرجان استعراضا فنيا ضم الفرق المشاركة في المهرجان إلى جانب الفرق الفلكلورية المغربية رفقة العربات المجرورة فرسمت لوحة فنية جميلة جابت شوارع المدينة. وبمسرح مركب الفقيه محمد المنوني شنفت المجموعة الكورية الجنوبية مسامع جمهور واسع بمقطوعات فنية موسيقية جسدت فيها أفرادها مهارة في العزف والأداء وأكدت أن الموسيقى تظل اللغة الكونية التي تنفذ إلى الأعماق دون تكليف أو حاجة إلى شرح أو ترجمة. وعزفت المجموعة الكورية بمهارة النشيد الوطني المغربي كتأكيد لأواصر الصداقة والعلاقة المتميزة بين البلدين ، إلى جانب مقطوعات من الريبرتوار الفني الكلاسيكي والشعبي التقليدي لهذا البلد، خلقت جوا من الأصالة والعراقة التي ميزت كوريا المعروفة بفنونها الغنية وعروضها الشعبية التقليدية. وتحت سماء ساحة الهديم المضيئة وبين نسيم ليلها الجميل قدمت مجموعة "باسياني" الجيورجية وصلات متنوعه من اللوحات الراقصة التقليدية المتميزة، التي تجسد محطات من تاريخ جورجيا في العصور القديمة، استلهمت تصاميمها بفنية عالية من حكايات المجتمع الجورجي. ولم تنفرد هذه المجموعة الجورجية بحفل ساحة الهديم بل شاركتها الاحتفالية مجموعة "تاكييفا" القادمة من السينغال و"بيك براس باند" الفرنسية ، عبر تقاسم لحظات ممتعة من الغناء والرقص والإيقاعات والأصوات القوية بلغات مختلفة، مع الجمهور المغربي الذي تفاعل معها. وشهد مسرح الحبول أيضا حفلا فنيا تقاطعت فيه وتمازجت الثقافات، من خلال العروض الموسيقية والغنائية والرقص ، ساهمت فيها فرقة نجمة للفنون الشعبية الجزائرية التي قدمت لوحات من التراث الشعبي الجزائري والمغربي، تجاوب معها الجمهور، وجسدت القواسم المشتركة المتعددة بين الشعبين الشقيقين. وتعد مجموعة نجمة للفنون الشعبية، من الفرق الجزائرية التي تهتم بصيانة الموروث الثقافي الجزائري بتنوعه وتجلياته وتعبيراته. كما ساهم في إحياء هذا الحفل صوت من أوروبا من خلال الفرقة الفلكلورية "كوربي" من بولونيا، وصوت من أفريقيا عبر فرقة "لاموكويا جاز" من كوت ديفوار، نسجتا لوحات فنية تختلف في الرؤية لكن تلتقي في الأهداف التي تكمن في الفن ، خاصة تنمية الحس الجمالي والذوق الموسيقي وتقدير الإبداع وتنمية القدرة على التعبير. وقبل ذلك استمتع جمهور المهرجان بالفيلم السينمائي الاسباني"ايبيريا" للمخرج كارلوس ساورا الذي يعتبر من المخرجين الذين زاوجوا بين الإخراج السينمائي والمسرحي وحققوا للسينما الاسبانية شهرة عالمية . وهو أول مخرج إسباني تناول موضوع الحرب الأهلية الاسبانية وتأثيرها على المجتمع الاسباني. واستطاع هذا السينمائي إخراج مجموعة من الأفلام بجرأة ناذرة ، متحديا الرقابة التي كانت مفروضة على الإنتاج السينمائي في عهد فرانكو باعتماد أسلوب التلميح والاستعارة والرمزية التي طبعت جل أعماله. ومن أشهر أفلام ساورا "عرس الدم" الذي أخرجه سنة1981 و" كازالا"َ الذي حصل على جائزة الدب الفضي بمهرجان برلين السينمائي في 1965 ، كما حصل فيلماه " لابريما أنجيلكا " سنة 1973 و"إطعام الغربان السود " 1975 على جوائز خاصة بمهرجان كان السينمائي.