أكد الأستاذ والإعلامي عبد الوهاب الرامي، أن "الشفاهية" أصبحت تشكل عنصرا مهما في التواصل، خاصة في المغرب، وذلك انطلاقا من تميز المجتمع المغربي بغنى تقاليده وثقافته الشفاهية. وأضاف الأستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، في ورقة تقديمية ليوم دراسي نظمه المعهد اليوم الاثنين حول موضوع " الشفاهية ، وسائل الإعلام والثقافة"، أن هناك جملة من التصورات المجتمعية الكاملة يلتجأ إليها المتكلمون للإشهاد على صدقية وثبوت مقولاتهم الشخصية، تملك في الواقع أمارات القوة الإقناعية وربط الجسور والتواصل بين المتكلمين، تنتمي أساسا إلى الحقل الشفاهي، مستشهدا بالأمثال ، والحكم و الأقوال المأثورة. وقال إن هناك أشكالا تعبيرية أخرى تتمثل في الكتابة والصورة، تعد امتدادا للشفاهية ومحاولات لتطويرها والارتقاء بها، وليست أبدا شكلا مستقلا بالكامل عنها. كما أن "عمق كل ثقافة يتماهى مع الشفاهية"، حيث يتعلم الأفراد قوانينها ورموزها في سن مبكرة ( حالة لغة الأم والأغاني والأهازيج، والحكايات المصنفة ضمن التراث الشعبي). وأبرز عبد الوهاب الرامي أن "العلاقة بين المكتوب والشفاهي تضعنا أمام عدة أشكال تحيل منطقيا على التعاقب والتلازم والانصهار بينها، وهو مايتمثل أساسا في ممارسة الصحافة وكل الأشكال الأخرى من التنشيط الإعلامي". وقال إن الشفاهية هي القاعدة المؤسسة للتعبير الإنساني من خلال ربط كل أشكال هذا التعبير، من المكتوب إلى الصورة، بالشفاهية، بالرغم من كونها لم تخضع للتأمل والدراسة والبحث بالشكل اللازم. وبعد أن أشار إلى وجود خطابات شفوية ومرتجلة ترقى إلى مستوى العلم باحتوائها على عناصر المكتوب وبكونها موضوعا خصبا للاشتغال والبحث، قال إنه لا يمكن وسم الشفاهية في حد ذاتها بالعالمة أو المبتذلة، مقارنة بالمكتوب الذي يتم ربطه دائما بالعلم والمعرفة والمقدس وأحيانا بالكمال. وأكد أن ظهور تكنولوجيا الإعلام والاتصال وتكثيف استعمالها في التداول اليومي أصبح معه لزاما إعادة طرح مكانة الشفاهية على بساط البحث، خاصة وأن الاتصال في المستقبل سيكون منحازا أكثر لتصور التفاعل بين البشر على شكل علامات وإشارات، مبرزا، في السياق ذاته، " أن الشفاهية لم تتبلور بشكل كاف مع وسائل الإعلام ".