بتنسيق مع المكتب الجهوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية بفاس، نظم نادي الصحافة بصفرو الملتقى الوطني الثاني تحت شعار «الصحافة الوطنية في خدمة المجتمع والتنمية»؛ وذلك أيام 25، 26 و27 من مارس المنصرم بالمركب السياحي الموصل والواقع بطريق إيموزار عبر فاس. اللقاء حضره كوكتيل من رجال الصحافة والإعلام بالمغرب، كما أطرته تجارب وأسماء رائدة جهويا ووطنيا. وحسب نوفل المرس، رئيس النادي، فإن هذا النادي الفتي من خلال استضافته لجيلين من هواة مهنة المتاعب المخضرمين من كبار رجال الصحافة بالمغرب وكذا جيل الشباب من هواة الممارسة الإعلامية، إنما يحاول الإسهام بدوره في تعزيز مهارات وقدرات الصحفيين الجهويين؛ وذلك عبر تنظيم لقاءات هي بمثابة دورات تكوينية قصد الاحتكاك والتماهي مع تجارب وطنية رائدة في مجال الصحافة والإعلام. كما يسعى النادي إلى تكريس نفسه منبرا للرأي الحر والمتفاعل البناء بين صانعي القرار محليا وجهويا وبين ممثلي وسائل الإعلام عبر استضافته للفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين ومدراء المرافق العمومية بالجهة من خلال لقاءات مفتوحة والتداول في شأن فتح قنوات للاستثمار الثقافي والسياحي في أفق تنمية مستدامة استنادا إلى مبدإ التشارك والتقاسم الذي تمليه ثقافة التدبير الرشيد والعقلاني للشأن المحلي. تميز حفل الافتتاح بحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة لأهل صفرو، كما تميز أيضا بكلمة لكل من وزير التجارة ورئيس الجماعة الحضرية وعامل إقليمصفرو حول الأدوار التي يمكن للصحافة أن تلعبها في علاقتها بالمجتمع حتى تكون في خدمته وتباشر تنميته على أفضل السبل وأنجعها. محمد بوهلال: مجموعة من العناوين الجهوية تعاني من أزمات مادية وفي عرض للمكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، استعرض الزميل محمد بوهلال تطورات الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع، حيث تطرق إلى تداعيات الثورات الشبابية التي عرت وفضحت الممارسات البيروقراطية والاستغلال البشع لثروات الشعوب العربية التي عانت ومازالت تعاني من الديكتاتورية لسنوات طويلة. وتساءل قيدوم الصحفيين بفاس عن موقع الصحافة المكتوبة ضمن هذا الزخم الإعلامي اللامتناهي، وفيما إذا كان في استطاعتها مواكبة الأحداث بنفس السرعة، مؤكدا في جوابه بالنفي. لكنه أوضح، بالمقابل، أنه مهما تطور الإعلام المرئي والمسموع والإلكتروني، فإنه لا يمكن أن يساهم في القضاء على الصحافة الورقية، سواء كانت جهوية أو وطنية، لأن الجرائد الورقية -حسب الأستاذ بوهلال- تؤرخ لأحداث ووقائع، كما يعتبرها الباحثون وثائق ومرجعيات يستند إليها المختصون في مجالات المعرفة المختلفة، معتبرا الصحافة الورقية من وسائل الإعلام الضرورية والهامة ليس لكونها تتعاطى مع الأحداث السياسية والاقتصادية والفنية والاجتماعية وكل مناحي الحياة بالجهة فحسب، بل لأنها لعبت أدوارا طلائعية في محاربة الاستعمار. وقال، بعد أن استعرض كرونولوجيا الصحافة الوطنية على مدى عقود، أن هذه الأخيرة لم تولد كذلك، بل نشأت جهوية في عدد من المدن المغربية وتطورت إلى أن أصبحت وطنية. وتابع مستطردا لكن مع تشكيل حكومة التناوب، برزت على الساحة ما يسمى بالصحف المستقلة وهي ليست كذلك في جوهرها، لأن أحزاب المعارضة التي انخرطت لحظتها في الحكومة، تركت الساحة فارغة، مما ساعد هذه الصحف على الانتشار. ويرى محمد بوهلال أن الخط التحريري لهذه الصحف يعتمد على صناعة الإثارة، مما جعل بعض المنابر تلقى إقبالا من طرف القراء. وفي خضم ذلك، يضيف بوهلال، برزت موجة من العناوين الجهوية التي مافتئت تعاني من أزمات مادية، حيث لا تأخذ حظها من الدعم والإشهار الذي من شأنه أن يساعدها على القيام بواجبها في دعم اللامركزية والجهوية؛ وبالتالي مأسسة إعلام جهوي قادر على مواكبة ما تمور به الجهات من طموحات تنموية وتطلعات إلى أفق أفضل. ويعتقد بوهلال أن المغرب، في إطار التقسيم الجديد والجهوية الموسعة التي أعلن عنها جلالة الملك، سيعرف تطورا هاما في مجال الإعلام الجهوي، سواء المرئي أو المسموع أو المكتوب، لأنه بدون إعلام قوي لن تكون هناك جهوية حقيقية ومراقبة فعالة على المسؤولين في ظل تغيير الدستور الجديد وما يمكن أن يتيحه من فرص لمقاومة الفساد والرشوة ومحاربة اقتصاد الريع وغير ذلك من المظاهر التي سئم المغاربة منها. وختم بوهلال مداخلته بالإشارة إلى تطورات الحوار الذي كانت جلساته بقبة البرلمان وشاركت فيه كل مكونات المجتمع المغربي من أحزاب ونقابات وجمعيات المجتمع المدني ورؤساء تحرير بعض الجرائد. وقال، في هذا الصدد، أن اللجنة المكلفة استمعت لآراء شخصيات مرموقة لها مكانتها في المجال الإعلامي، وتمن بوهلال إسناد رئاسة هذه اللجنة إلى الباحث المغربي الدكتور جمال الدين الناجي الذي بذل -حسب رأيه- مجهودا جبارا لجمع المعطيات التي ستصدر قريبا في كتاب أبيض ستناقش مواضيعه، مرة أخرى، لتتم المصادقة عليه من طرف البرلمان وسيصبح بمثابة مدونة إعلامية. محمد رامي: المطلوب تطهير الصحافة الجهوية من الشوائب وتدعيم أخلاقياتها الإعلامي محمد رامي، من جهته، دعا في ثاني جلسة للملتقى إلى تطهير الصحافة الجهوية من الشوائب والطفيليات الزائدة وتدعيم أخلاقياتها؛ وذلك بهدف إرساء أسس مجتمع الخبر والتنمية المجتمعية الحقيقية. وأشار رامي، خلال هذا اليوم التواصلي الذي نظمه نادي صفرو للصحافة حول موضوع «الصحافة الوطنية في خدمة المجتمع والتنمية»، إلى أن أهم مظاهر هذا الهزال في الجسم الصحفي الجهوي تكمن في الترخيص بإنشاء جرائد بلا خط تحريري منصاعة لأوامر من يدفع أكثر، مشكلة بذلك إحدى المحطات السيئة التي ميزت حقل الصحافة الجهوية بالمغرب حسب تعبيره. وأبرز الأستاذ رامي أن لا قيمة مضافة لهذه التجربة في عموميتها، وأن فرص تعزيزها تتمثل أساسا في دعمها وتعزيز أخلاقياتها باعتبارها فاعلا حقيقيا ومكونا رئيسيا في المشهد الإعلامي الوطني، فضلا عن تشجيع مدرائها عبر التكوين والمتابعة. كما أوضح أن هذا اللقاء الذي نظم في إطار الملتقى يجب أن يدفع في اتجاه خلق الشروط الموضوعية والمهنية لتأصيل صحافة جهة ذات دور فاعل ومجتمعي. وتطرق إلى أهمية حضور وفد من طلبة المعهد العالي للصحافة بكل من البيضاء ومراكش بقوله: «نحن من موقعنا كإعلاميين ومهنيين لا خيار لنا إلا أن نهتم بهذه الفئة من الشباب والأخذ بيدها»، وسجل لنادي الصحافة بصفرو بارتياح قبوله اقتراح استضافة مجموعة من طلبة المعهد العالي للصحافة حتى يكون هناك تواصل متعدد وتفاعل بين جيلين جيل الشباب وجيل المخضرمين وليبرز تلاقح التجارب في أرقى صورة ممكنة، مضيفا أن مشروع صحافة جهوية حقيقية يعبر عن حاجة المجتمع المحلي والجهوي لرؤية صوره المتعددة ولغاته وبنياته التخيلية وتمثلاته الفردية والجماعية على المستوى الوطني. وقد ساهم حوالي 60 مشاركا، أغلبهم شباب من مختلف المنابر الجهوية والوطنية، في هذه الأيام التواصلية بإغناء النقاش مع ثلة من الإعلاميين والأساتذة والمهتمين بشؤون الإعلام بمختلف تجنيساته. لقاء مع الزميل محمد رامي بفضاء قصر الموصل السياحي مكنهم من تسليط الضوء على واقع الصحافة الجهوية بجرأته المعهودة وصراحته الصادمة كاشفا عن مساوئ وعورات من نعتهم بالارتزاقيين الذين يعتمدون الصحافة للتسول وتلميع واجهات المفسدين تحت الطلب. كما أضاف الأستاذ رامي إلى أن هناك نوعا من الخلط بين الصحافة الجهوية وصحافة وطنية، داعيا إلى وضع النقط فوق الحروف وكأن الصحافة الجهوية ليست بوطنية. وأضاف رغم أن التعبير يراد به التوزيع أو الانتشار إما على المستوى الوطني أو الجهوي، فإن الصحافة الجهوية هي الأكثر وطنية، مصنفا إياها في الدرجة الأولى، معتبرا أنها تلامس الشأن العام المحلي وتلامس المواطن عن قرب وهي صحافة القرب بشكل كبير. وأشار في معرض حديثه عن تطور الصحافة الجهوية بالمغرب قائلا إن هناك نوعا من التراكم الكمي وليس بالكيفي، وهو تراكم كمي على حساب الكيف، مبرزا أنه في ظل مجموعة من المعيقات التي تحول دون انتشار الصحافة أو في تطور مجموعة من العناوين. وقال في هذا الصدد استنادا إلى مجموعة من المعطيات الرسمية أن في المغرب حوالي 34 عنوان صحافة جهوية تحترم المعايير العامة للصحافة بشكلها الحقيقي وهي منظمة بشكل مؤطر وتشتغل في مقرات معروفة وبعناصر صحفية مهنية، امتنع عن ذكر عناوينها تفاديا للإحراج، لكنه أفصح بالمقابل أن هناك أزيد من 500 عنوان صحفي جهوي لا تتوفر فيه الشروط الدنيا للعمل الصحفي، موضحا أن الأمر يتعلق بجرائد تصدر بين الفينة والأخرى في مناسبات محددة أو وفق ميزانية تخضع لمزاجية رئيس جماعة أو فاعل اقتصادي أو منعش عقاري أو مسؤول في مرفق عمومي. وفي حديثه عن واقع الجهة من خلال صحافتها، أكد ضرورة التمييز بين نوعين من الصحافة الجهوية: الأولى والتي نعتها بالصحافة الارتزاقية مقراتها في حقائب مدرائها ليس لها خط تحريري، ليس لها منهجية مهنية، هي جريدة يومية تصدر مؤقتا مرة كل شهر أو مرة كل مناسبة، والثانية الصحافة الجهوية التي نتحدث عنها والتي لها حضور في التنمية الجهوية وفاعلة حقيقية في المجتمع. وقال في ذات السياق يجب علينا الاعتراف أولا بأن إعلامنا الجهوي مازال يراوح مكانه وهو لايزال يحاول إيجاد موقع قدم له في ظل مجموعة من الإكراهات ذكر منها انعدام التكوين، الحرمان من الدعم العمومي، عدم الاستفادة من سوق الإعلانات، محدودية في التوزيع، مضايقات السلطات المحلية للجرائد التي تنبش في ملفات الفساد، ضعف الإقبال على اقتناء الجرائد، ضعف في المضمون وانحسار الحس النقدي في هذه الصحافة... هناك أيضا غياب أو هشاشة المشروع الثقافي والتنموي، مركزا بالدرجة الأولى على غياب أخلاقيات المهنة وهذا هو الأساس. وأمام هذه الوضعية تساءل الزميل رامي هل يمكن الحديث عن صحافة جهوية في خدمة المجتمع؟ لذلك، وأمام هذه الوضعية كذلك لابد من الحديث عن دور هذه الصحافة حتى تكون في خدمة المجتمع واقترح الزميل رامي دعم المقاولات الإعلامية الجهوية وفتح باب مصادر الخبر، لأن السلطات المحلية والمسؤولين تظل أبوابهم مغلقة ولا تفتح إلا عندما يطلب كتابة مقال تحت الطلب، إيجاد مسافة فاصلة بين الإعلام وأية جهة سواء أكانت سلطة عمومية أو سلطة المال. فنحن إن أردنا أن نتحدث عن دور حقيقي وفعال للإعلام الجهوي في التنمية المحلية والجهوية لابد أن نرفع شعارا «سلطة رابعة لا سلطة تابعة». كما تحدث عن إعلام جهوي مكتوب وجرائد ورقية جهوية وعناوين توزع على الصعيد الوطني تركز في شموليتها بالأساس على الخبر الجهوي، فالصحف الوطنية تفرد حيزا كبيرا للخبر الجهوي، بل إن الخبر الجهوي هو الأساسي والرئيسي في العناوين الوطنية؛ وبالتالي، فإن الجرائد الجهوية لا يجب قصرها فقط على العناوين التي تصدر في هاته الجهة أو تلك، وإنما أن تمتد إلى الصحف التي توزع على ربوع الوطن. وخصص الزميل رامي حيزا كبيرا للحديث عن المراسلين الجهويين بقوله هنا نجد أنفسنا أمام تحديات جديدة تتعلق بمصداقية المراسل الصحفي وبكفاءته وقدرته على تحمل المسؤولية في نقل الخبر بكل موضوعية وشفافية، ولكن أيضا بكل صدق ومسؤولية. وأضاف لحد الآن فإن هذه الموضوعية والمسؤولية والصدق تبقى نسبية لمجموعة من الاعتبارات، ودعا إلى فتح حوار وطني إعلامي حول مستقبل الصحافة الجهوية في الإعلام العمومي بشكل مواز للأوراش التي فتحت حول الإصلاح الدستوري والجهوية الموسعة وإصلاح القضاء إن أردنا بالفعل الحديث عن دور حقيقي للإعلام في الجهوية. وأضاف قائلا لا بد أن تكون لدينا الشجاعة الكاملة لأن نسمي الأشياء بمسمياتها، لابد من ثورة إعلامية حقيقية على المستوى الجهوي للقطع مع المرتزقة ممن تسللوا خفية إلى هذا القطاع العام في ظل تساهل رسمي مريب مع المتطفلين على قطاع الصحافة الجهوية. وتابع متسائلا «أو ليس هناك إجماع الآن على أن الصحافة هي مهنة من لا مهنة له؟ نحن الآن أمام مشهد سوريالي بمعنى الكلمة»، فمن غير الممكن الحديث عن الإعلام الجهوي من غير تشريح واقعه، فالأعضاء المريضة لا يمكن أن تقوم بدورها في الجسم. والإعلام الجهوي بشكله الحالي وعموميته لا يمكن أن يقوم بأي دور كان في التنمية المحلية، وبأي دور إيجابي في المجتمع. نطلب من إعلام جهوي مكبل وتحت إكراهات عديدة أن يساهم في التنمية المحلية وأن يساهم في تطور المجتمع فكيف ذلك؟ حتما هناك تناقض واضح. وعن علاقة تفاعلية مفترضة بين الورقي والإلكتروني، قال المحاضر «على العموم هناك تفاعل حقيقي بين الكثير من العناوين، بل هناك مجال واسع للخبر الجهوي. وفي أحيان كثيرة تقتبس الجرائد الورقية مادتها الخبرية من رديفتها الإلكترونية، مما يعني أن هناك علاقة تفاعلية صحية بين الجرائد الجهوية الإلكترونية ورديفتها الورقية». وعلى مستوى التأهيل المقاولاتي للصحافة الجهوية، تساءل الزميل رامي بتشف «أليست المؤسسات الصحفية مقاولات يمكن أن توفر لنا فرص شغل؟ وبالتالي لماذا لا تمنح المؤسسات البنكية قروضا لهته المقاولات من أجل إنشاء مؤسسات صحفية جهوية؟ هناك ضمانات، ولكن يبدو أن المؤسسات البنكية متأكدة أن هاته المقاولات الصحفية محكوم عليها بالفشل مع وقف التنفيذ، رغم أن البعض منها يكابر من أجل البقاء، والبعض منها انطلق جهويا وانتهى وطنيا، والبعض الآخر انطلق جهويا وانتهى في السجن؛ لذلك فالحديث عن الصحافة الجهوية يفترض الحديث عن قارئ زبون مقتن لها»، وقدم المحاضر خلاصة إحدى الدراسات التي أنجزها المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية والحكامة الشاملة بالتعاون مع أحد المعاهد بالمغرب والتي تفيد بأن 18% من المغاربة يطلعون على مضامين الجريدة مرتين في الأسبوع و5% منهم يطلعون عليها 5 مرات في الأسبوع، و30% يدمنون على قراءتها طيلة الأسبوع. بطبيعة الحال إن هذه النتائج نسبية ومتحركة بحسب طريقة الاستجواب، لكن الأكيد يقول الزميل رامي أن المغاربة شعب ليس بمدمن على القراءة، وهذا ينعكس سلبا على مبيعات الجرائد الموزعة وطنيا فما بالك بالجرائد الجهوية. ويخلص إلى السؤال الصدمة أن بهذه الإكراهات والمعيقات يمكن الحديث عن دور للصحافة الجهوية في المجتمع؟ فلكي تلعب الصحافة دورها الحقيقي في التنمية والتكوين والتحليل والإخبار والإصلاح البناء في التنمية لابد من تخليصها من الشوائب، ودعمها مادي، والانتقال بها من صحافة تابعة للسلطة والمال إلى صحافة موضوعية. إن الصحافة الجهوية الجادة في نظر الزميل رامي هي التي يجب أن يكون رأسمالها هو المصداقية والقارئ وليس من يدفع أكثر. ولكي تساهم الصحافة الجهوية في تنمية المجتمع وتطويره، يقترح أن تبقي على مسافة بينها وبين المجالس المنتخبة والعمالات والمؤسسات الاقتصادية لكسب مصداقية القارئ، لأن الصحافة الجهوية الجادة والتي يمكن أن تلعب دورا رياديا في نشر الوعي والتنمية هي تلك التي تحترم أخلاقيات المهنة وتنآى عن تنصيب نفسها طرفا في عمليات شد الحبل بين هاته الجهة أو تلك على المستوى المحلي، كما أن الصحافة الجهوية التي يمكن أن تساهم في دعم الجهة هي تلك التي ترفض أن تكون بوقا لطرف ضد آخر، وتمتلك الشجاعة للاعتراف بالخطأ، ولا تستقوي على الناس. الصحافة الجهوية إن أرادت أن تكون لها مصداقية يستوجب أن تلعب دور المراقب المنتقد، وليس دور ساعي البريد بين المواطنين والمصالح المختلفة. الصحافة الجهوية الجادة ينبغي لها أن تتحلى بالموضوعية، وأن لا تكيل بمكيالين، أن تنقل الخبر بكل أمانة وقدسية، بل نريدها فاعلة متناسقة ومتفاعلة مع المجتمع. إذا ما تحققت كل هذه العناصر يختم الزميل رامي مداخلته آنذاك يمكن أن نتحدث عن دور إيجابي للصحافة الجهوية في خدمة التنمية وفي دعم وتطوير المشهد الإعلامي وطنيا. أما في غياب هاته العناصر، فسنبقى ندور في حلقة مفرغة، وسنجد أنفسنا نكرر خطاباتنا سنة بعد أخرى والدور الحقيقي الذي يجب أن تلعبه الصحافة الجهوية لخدمة المجتمع وللتنمية المحلية هو دور يجب أن يكون توجيهيا بالدرجة الأولى. فالصحافة ليست حكما، بل تنقل الخبر وتقوم بالتحليل وتساعد القائمين على الشأن المحلي في التسيير وليس عبر التوجيه، وإنما عبر التنبيه؛ وبالتالي فإن الحديث عن صحافة جهوية فاعلة ومتفاعلة خدمة للمجتمع يقتضي الحديث عن المصداقية وحتى لا أفهم بشكل خاطئ أوضح الزميل رامي إنه لا يكيل لأي منبر كان، وإنما هو رصد لواقع إعلام جهوي حقيقي نعيشه أراد له البعض أن يكون على هذه الشاكلة خدمة لمصالحهم، لذلك يزداد اليقين بأنه كلما توفر الدعم والإعلانات والاشهارات والدعم المادي لهذه المنابر كلما تقدمنا في الاتجاه الصحيح، وماكنا لنجد أنفسنا أبدا أمام وضع هش كهذا ومن يقول غير هذا فهو غير صادق مع نفسه. هناك مجموعة عناوين للصحافة الجهوية انطلقت بمصداقية كبيرة وتم الضغط عليها، بل أريد لها أن تزيغ عن الإطار الحقيقي المهني وأن تدخل في دوامة التمويل والمصاريف؛ وبالتالي يجد المرء نفسه أمام خيارين إما أن يرضخ وإما أن يغلق المقاولة. وهناك من أغلق المقاولة وهناك من رضخ لهذه الإكراهات. الزميل رامي اعتبر الملتقى فضاء مفتوحا للنقاش والحوار وحبذ فكرة الخروج ببيان وتوصيات ومجموعة من المطالب. كما أوضح أنه هيأ أرضية من أجل التداول في شأنها مع طلبة المعهد. لقاء مفتوح مع رؤساء المصالح الخارجية وجولة بالإقليم تميز اليوم الثاني بلقاء مفتوح مع رؤساء المصالح الخارجية التالية: التعليم، الصحة، الفلاحة، التجهيز، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، حيث تمكن رؤساء هذه المصالح من التداول في مختلف القضايا والأوراش المفتوحة جهويا مع طاقم من الزملاء الصحافيين على المنصة أو عن طريق توجيه أسئلة والإجابة عنها مباشرة، كما نظم النادي زيارة ميدانية مكنت المشاركات والمشاركين من الوقوف على المؤهلات السياحية التي يزخر بها الإقليم، وكذا زيارة بعض مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بمختلف جهات الإقليم انطلاقا من صفرو مرورا بالمنزل حتى رباط الخير. زيارات فجرت الكثير من الأسئلة الحارقة فيما يتعلق بسبل تدبير هذه المشاريع التنموية.