دخل السباق بين المرشحين المحتملين لمنصب رئيس الجمهورية في مصر منعطفا جديدا بإعلان أبرز هؤلاء المرشحين إطلاق حملاتهم الانتخابية والكشف عن برامجهم للفترة المقبلة. ورغم أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة لم يعلن حتى الآن موعدا محددا للرئاسيات، إلا أن الصراع احتدم بين عدد من المرشحين في أول انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ مصر. وكان الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى قد أطلق رسميا حملته الانتخابية، الثلاثاء الماضي من أسوان بصعيد مصر، برسالة إلى أهالي الصعيد تعهد فيها بالاهتمام بمشاكلهم بعد أن عانوا، برأيه، خلال العقود الثلاثة الماضية الكثير من التهميش وعدم الاهتمام والإهمال على مستوى التنمية وكافة الأصعدة. وأكد موسى أنه سيكتفي بفترة رئاسية واحدة في حال اختياره رئيسا لمصر، كاشفا عن أن أول مهمة سيقوم بها هي الدعوة إلى جمعية تأسيسية منتخبة تضم أطياف المجتمع لوضع دستور جديد والعمل على إصلاح القضاء وإلغاء قانون الطوارئ. وكشف عمرو موسى أنه سيلجأ في تمويل حملته الانتخابية إلى الشعب على غرار ما يحدث في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأنه سينفتح على جماعة "الإخوان المسلمين" لأن إقصاءها برأيه كان خطأ وتجاهلها منطق غير سليم. وتعقيبا على ما تردد من مؤاخذات تلاحقه لكونه من رموز النظام السابق، قال موسى " إن جلدي سميك وأنا مستعد لكل ما سيحدث أثناء الحملة الانتخابية من حملات مضادة". أما المرشح الثاني، أيمن نور مؤسس حزب الغد، فرغم أنه يواجه عقبات قانونية قد تحول دون ترشحه للرئاسة بسبب اتهامه في قضايا تزوير في ظل النظام السابق والتي قضى بسببها فترة في السجن، فإنه يأمل في أن يفتح القضاء تحقيقا جديدا في الموضوع لإزالة هذه العقبة. وأعلن نور، في مؤتمر حزبي بالاسكندرية هذا الأسبوع، عن برنامجه الرئاسي، مبرزا أن المرحلة المقبلة تتطلب الحوار مع جميع القوى السياسية وعدم استبعاد أي منها بغض النظر عن هويتها أو ايديولوجيتها سواء كانت إسلامية أو قبطية أو علمانية وحشدها جميعا للعمل الوطني الجماعي وليس الفردي. ويرى نور أنه الأجدر بشغل منصب رئيس الجمهورية بالنظر إلى رصيده الانتخابي السابق، ووعد بمضاعفة الأجور خلال الستة أشهر الأولى من انتخابه، كما أنه سيمنع تصدير الغاز لإسرائيل، وسيسعى إلى زيادة إيرادات مصر من خلال الاستفادة من الموارد الطبيعية للدولة ولقناة السويس. كما بدأ المرشح الإخواني عبد المنعم أبو الفتوح حملته الانتخابية باجتماع ضم عددا من مؤيديه لحشد متطوعين جدد، ووضع خطة العمل خلال الفترة المقبلة، وقال إنه قرر خوض غمار هذه الانتخابات عقب عودته من العمرة وأداء صلاة الاستخارة. ويعول أبو الفتوح، الذي كشف أنه سيخوض الانتخابات كمستقل، على ما وصفه ب "تاريخ حافل في العمل الوطني والجمع بين التدين والأصالة، والإيمان العميق بالحريات"، علما أن تنظيم "الاخوان المسلمون" أكد أنه لن يدعم القيادي ابو الفتوح لأن التنافس في الانتخابات الرئاسية ليس واردا في خطة التنظيم الحالية. ومن جهته، قال حمدين صباحي رئيس حزب الكرامة، تحت التأسيس، إن أول قرار سيتخذه لو أصبح رئيسا هو "وقف تصدير الغاز لإسرائيل"، موضحا أن "القرار المصري لن يأتي بعد ذلك من البيت الأبيض أو الكنيست الإسرائيلي وسوف تكون سيادة مصر نابعة من إرادة المصريين". وأكد صباحي أنه سيعيد النظر في اتفاقية كامب ديفيد مع اسرائيل وسيطرحها على استفتاء شعبي، واعتبر أن المكاسب التي حصلت عليها مصر من ورائها لا تساوي دماء الشهداء. وبالنسبة للمستشار هشام البسطويسي القاضي بمحكمة النقض، فيرى أن مصر التي افتقدت العدل في عهد الرئيس السابق حسني مبارك في حاجة لأن يحكمها قاض في الفترة المقبلة، في إشارة إلى أحقيته بتولي المنصب. ووعد في تجمع انتخابي بمحافظة اسيوط بتفعيل مبدإ اللامركزية في الحكم المحلي وإلغاء مبدإ الكوطة (نظام الحصص) الذي يقضي بتخصيص عدد من المقاعد في البرلمان المصري لفئات بعينها، مشيرا إلى أن الاهتمام بجنوب مصر وسيناء في أول اهتماماته، بالإضافة إلى إعادة صياغة المعاهدات التي وقعتها مصر مع عدد من الدول. واختار المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي شعار "انا البرادعي" لحملته الانتخابية وهو عبارة عن شريط فيديو مسجل يرد به على معظم الشائعات التي أثيرت حوله هو وأسرته في الفترة الأخيرة كحصوله على جنسية أجنبية وزواجه من أجنبية وزواج ابنته بغير مسلم وتسببه في غزو أمريكا للعراق. وردا على اتهامه بأنه قضى معظم حياته بعيدا عن مشاكل مصر في أوربا، قال البرادعي إنه لم ينقطع إطلاقا عن بلده، موضحا أن المشاكل التي تواجهها مصر مثل الفقر والعشوائيات ليست لها خصوصية، ويمكن له معالجتها بما راكمه من تجربة خلال تواجده بالخارج. وأضاف أن قضاءه فترة خارج البلاد سيؤهله للنهوض بمصر، معتبرا أن"إدارة وتدبير مرحلة ما بعد الثورة أصعب من تفجيرها". يذكر أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يتولى تدبير شؤون البلاد، أعلن عن تنظيم الانتخابات الرئاسية في مصر قبل متم السنة الجارية دون تحديد موعد مضبوط، سوى التأكيد على أنها ستجرى بعد الانتخابات البرلمانية المقررة في شهر شتنبر المقبل.