توقف المراقبون بالقاهرة عند حرص كل المسؤولين والقادة الأجانب، الغربيين منهم بالتحديد، على اللقاء بعمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية خلال زيارتهم لمصر ما بعد ما بعد ثورة 25 يناير وتنحي الرئيس حسني مبارك. وأصبح موسى، منذ أمس الأحد، المرشح شبه المعلن وليس مجرد " مرشح محتمل " للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في مصر بعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية، التي أعلنتها اللجنة المشكلة لهذا الغرض والتي فتحت الباب أمام تقدم المستقلين للمنافسة على أسمى منصب في البلاد. فقد قال موسى، في تصريح صحفي، إنه ينوي الترشح في الانتخابات الرئاسية القادمة وأنه " سيتم إعلان ذلك في الوقت المناسب" . وكان من اللافت أن الأخبار التي تتناول لقاءات موسى بزوار مصر، وإن كانت تشير إلى أنها تتناول الوضع في المنطقة العربية، فإنها تؤكد جميعها أن المباحثات تركز بشكل خاص على الوضع في مصر مما خلف اعتقادا بأن القادة والمسؤولين الأجانب يتعاملون مع الدبلوماسي المصري المخضرم باعتباره المرشح الأوفر حظا حتى الآن في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وكان آخر هذه اللقاءات قد جمع موسى أمس بعضوين بارزين ومؤثرين في الكونغرس الأمريكي هما السناتور جون ماكين والسناتور جوزيف ليبرمان، حيث قال الأمين العام لجامعة الدول العربية إن اللقاء تناول الثورة المصرية، قبل أن يضيف أنه بحث أيضا مع زائريه مستقبل منطقة الشرق الأوسط. وأوضح موسى عقب هذه الزيارة التي تعد الأولى للمسؤولين الأمريكيين لمقر الجامعة، أن المباحثات شملت العمل على الحفاظ على العلاقات العربية ` الأمريكية والمصرية ` الأمريكية، وموضوع السلام فى الشرق الأوسط. وينصب الاهتمام الأمريكي منذ اندلاع الثورة المصرية، بالخصوص، على مستقبل العلاقة مع مصر حيث كان حسني مبارك يعتبر من أبرز حلفاء واشنطن في المنطقة، وأيضا على مستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية واتفاقية كامب ديفيد بالتحديد. أما تصريح السناتور ماكين عقب اللقاء، فركز أيضا على الشأن المصري حيث تحدث عن بداية مبشرة وقوية لإقامة دولة حرة وديمقراطية في مصر وفق انتخابات رئاسية وبرلمانية نزيهة وشفافة تتم في موعدها، معتبرا أن دور الولاياتالمتحدة في هذا الصدد هو تقديم المساعدة والنصيحة وليس "الإملاء" . والتقى موسى، وزير الخارجية المصري الأسبق، خلال الأيام الماضية أيضا مساعد وزير الخارجية الأمريكي، وليام بيرنز وكاترين آشتون ممثلة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، ووزير خارجية ألمانيا جيدو فيستر فيله ونظيره السويدي كارل بيلت. وكانت صحيفة "الشروق" قد نقلت عن مصدر دبلوماسي غربي رافق شخصيات التقت موسى مؤخرا قوله " إن عمرو موسى لديه علاقات جيدة مع القوات المسلحة، ومواقفه ثابتة من الحفاظ على السلام مع إسرائيل والدفع بتسوية مع الفلسطينيين وعلاقاته الدولية والإقليمية، فإذا ما اختاره الشعب المصري سندعم ذلك ". وكان من اللافت أن تلميح موسى إلى احتمال ترشحه للانتخابات الرئاسية في أكتوبر 2009 لم يقابل بهجوم من الصحافة الحكومية ( المملوكة للدولة ) آنذاك على غرار ذلك الذي خصت به محمد البرادعي، المديرالسابق للوكالة الدولية للطاقة النووية، عندما أعلن قبل ذلك بفترة وجيزة عن احتمال ترشحه لمنصب الرئيس شريطة تغيير في الدستور. فقد قال موسى، في حديث صحافي حينها، إن " من حق كل مواطن لديه القدرة والكفاءة أن يطمح لمنصب يحقق له الإسهام في خدمة الوطن بما في ذلك المنصب الأعلى ، أي منصب رئيس الجمهورية .. وصفة المواطنة هذه وحقوقها والتزاماتها تنطبق علي، كما يمكن أن تنطبق عليك ، كما يمكن أن تنطبق على جمال مبارك ( نجل الرئيس المتنحي)". وقد حرص عمرو موسى، الذي يستعد لتسليم مهام الأمانة العامة لجامعة الدول العربية خلال القمة العربية المقبلة في نهاية مارس المقبل ، على أن يدلي بدلوه في مجريات الثورة المصرية ، حيث التقى حينها بالشباب الثائر في ميدان التحرير الذي يشرف عليه مبنى الجامعة وأدلى بعدة تصريحات حول تطور الوضع المصري لعدد من القنوات الفضائية. ومباشرة عقب تنحي الرئيس مبارك التقى عمرو موسى مجموعة من شباب " 6 أبريل " (إحدى أبرز الحركات السياسية الشبابية ) في إطار لقاءات المجموعة مع شخصيات وطنية لتحديد أطر التحرك خلال المرحلة الانتقالية. وقالت إحدى الناشطات في المجموعة عقب هذا اللقاء إن " عمرو موسى مطلب شعبي يؤيده كثير من الناس كمرشح لرئاسة الجمهورية "، كما التقى موسى " ائتلاف شباب ثورة 25 يناير "، الذي يضم مجموعة من المجموعات والنشطاء الذين كانوا وراء إطلاق دعوة التظاهر التي تطورت إلى ثورة شعبية أجبرت الرئيس حسني مبارك على التنحي في 11 فبراير الماضي. وفي ظل استحالة معرفة حجم التأييد الذي يحظى به عمرو موسى لحد الآن وسط الشعب المصري، فإن ميزته في السباق لكرسي الرئاسة في مصر هي أن أي جهة لم تعلن لحد الآن عن معارضتها لترشحه للمنصب. غير أن الأيام المقبلة قد تدفع بأسماء ووجوه أخرى إلى هذا السباق خصوصا وأن التعديلات الدستورية المقترحة رفعت الكثير من القيود للترشح لقيادة البلاد لأربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة . يذكر أن عمرو موسى عمل مديرا لإدارة الهيئات الدولية بوزارة الخارجية المصرية سنة1977 ، ثم مندوبا دائما لمصر لدى الأممالمتحدة سنة1990 ، فوزيرا للخارجية سنة1991 ، وأمينا عاما للجامعة العربية منذ سنة 2001.