انطلقت اليوم الجمعة بالعيون أشغال الندوة العلمية التي تنظمها جمعية فاس سايس للتنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية وموقع رواق المذهب المالكي إلى غاية 24 أبريل الجاري تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حول موضوع "دولة إمارة المؤمنين ورابطة البيعة الشرعية.. الأصالة والامتداد". وأبرز المدير العام للندوة السيد حميد لحمر، خلال الجلسة الافتتاحية لهذه التظاهرة العلمية المنظمة بمبادرة من مجموعة البحث في التراث المالكي بالغرب الإسلامي التابعة لجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن البيعة وإمارة المؤمنين من الثوابت التاريخية في المغرب وجزء من شخصية وهوية المغاربة التي لا تتغير مهما طال الزمن وبذلك شكلت أحد الأسس الجوهرية لنظام الحكم في المغرب من طنجة الى لكويرة منذ عهد المولى إدريس الاكبر. وسجل أن المغاربة تمسكوا عبر العصور بالبيعة الشرعية لسلاطين البلاد، وكانوا حريصين على كتابتها لما تعبر عنه من معنى للاستمرار والبقاء، مشيرا الى أن البيعة، التي تتميز عن غيرها بخصوصيات تحدثت عنها كتب التاريخ والإمامة الكبرى، تعد الحصن المتين والضامن لاستمرار واستقرار الدولة المغربية ووحدتها الوطنية. وذكر أن الصحراء كانت منطلقا للبيعات التي يأخذها ملوك المغرب من السكان الصحراويين ومن الرباطات والزوايا والمساجد والثغور الصحراوية، مبرزا أن المغرب يمثل سلسلة متوالية الحلقات في موضوع البيعة والخلافة وإمارة المؤمنين منذ تأسيس الدولة المغربية في عهد المولى ادريس. وأضاف أن مقترح الحكم الذاتي، الذي يعتبر قرارا سياسيا تاريخيا في غاية الأهمية، يستمد مرتكزاته وأصوله من سلاطين المملكة المغربية الذين كانوا يفوضون لرعاياهم من الشيوخ والاعيان صلاحيات لتسيير مناطق الصحراء، والسهر على تدبير شؤونهم السياسية والاجتماعية والدينية تحت سيادة السلطان. ومن جهته قال السيد فارسي السرغيني رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس إن البيعة في المغرب هي صيغة سياسية تعبر عن التعاقد بين الملك والشعب، مبنية على الأسس الشرعية، وركيزة لبناء الدولة الاسلامية المغربية، ودعامة أساسية للحفاظ على دين المغاربة ووحدتهم واستقرارهم، مبرزا أن للبيعة وإمارة المؤمنين علاقة بمؤسسة من أقدس المؤسسات التي بفضلها ينعم المغرب بالامن والاستقرار في الوقت التي تعرف فيه كثير من الدول مظاهر التوتر والاضطراب. وأكد على أن إمارة المؤمنين ليست مؤسسة جامدة أو خارجة عن سياقها التاريخي والموضوعي بل هي مؤسسة تسوس أمور المغاربة وتضمن وحدتهم وتصون كرامتهم وترعى أمنهم واستقرارهم، مشيرا إلى أن محاولة بعض الأشخاص إيهام المغاربة بأن مؤسسة إمارة المؤمنين قد استنفذت أغراضها، تعبر عن عدم الادراك الحقيقي لهؤلاء الاشخاص لمفهوم وكنه البيعة وإمارة المؤمنين، والأسس الشرعية التي تقوم عليها. ونوه بالمناسبة بالمجهودات التي تبذلها السلطات المحلية والمجالس المنتخبة والمجلس العلمي المحلي بالعيون من أجل إنجاح هذه التظاهرة العلمية التي يتزامن تنظيمها مع انطلاق الورش الاصلاحي الذي أعلن عنه جلالة الملك محمد السادس في خطابه ليوم 9 مارس الماضي. ومن جانبه، أكد الرئيس الوطني المنتدب لجمعية فاس سايس السيد محمد لحلو أن البيعة في ظل امارة المؤمنين، باعتبارها تجسيدا للنهج السياسي المغربي، هي أساس الوحدة الوطنية والضامن لأمن واستقرار المغاربة، مشيرا إلى أن المتتبع للبيعة في التاريخ المغربي يجدها بيعة شاملة وموروثا دينيا وسياسيا. ومن جهته، قال رئيس المجلس العلمي المحلي بالعيون الشيخ ماء العينين لارباس إن نظام المملكة المغربية مؤسس على تعاليم الإسلام السمحة ومبني على قواعد الشريعة الاسلامية منذ عهد المولى إدريس الأول وإلى اليوم، مشيرا إلى أن الاقتداء بالقرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع واجتهاد العلماء الواعين بمصالح الانسانية يحفظ كيان هذا الوطن ويزيد من قوته ومناعته بين الدول. وأضاف أن الشريعة الاسلامية جاءت لنشر العدل والسلم وروح المساواة والأخذ بيد المستضعفين، مشيرا إلى أن القيادة الرشيدة التي منحها الله لهذه الأمة المغربية جمعت الشمل ووحدت الوطن وسعت إلى نشر العدل والمساواة بين أفراد الشعب المغربي. وبدورهم أبرز ممثلو المجالس المنتخبة بالعيون، في كلمات بالمناسبة، أن المناخ السوسيو ثقافي والتدين السني المالكي لأهل المنطقة جعل دوما من البيعة الشرعية محل إجماع من طرف مختلف الشرائح الاجتماعية وذلك بفضل استيعابهم الفطري لاجتهادات أقطاب الفكر المالكي وأعلامه الكبار وما تميزوا به من اعتدال ووسطية في الفقه والفكر والنظر. وأكدوا أن نظام البيعة يكتسي أهمية خاصة في الأقاليم الجنوبية لأنها كانت من أهم الروابط الشرعية للمملكة المغربية لإثبات سيادتها القانونية والمعنوية على هذه الربوع، مجددين بالمناسبة تشبثهم بالبيعة الشرعية التي توارثوها عن آبائهم وأجدادهم. وأضافوا أن محور "نظام البيعة والحكم الذاتي" جاء ليربط الماضي بالحاضر ويستشرف المستقبل من خلال التركيز على التجارب والمكتسبات التي راكمها المغرب على مستوى تدبير المجال، والتي تجعله مؤهلا للإقدام على تطوير أنماط الحكامة الترابية في إطار وحدة الدولة وسيادتها وترسيخ الديموقراطية المحلية وفي مقدمتها الحكم الذاتي. وسينكب المشاركون في هذه الندوة، التي حضر افتتاحها والي جهة العيون بوجدور الساقية الحمراء عامل اقليمالعيون السيد خليل الدخيل وعدد من المنتخبين والعلماء ورؤساء المصالح الخارجية، على دراسة أربعة محاور تهم "نظام البيعة وإمارة المؤمنين في الشرع والقانون" و"الجذور التاريخية لنظام البيعة بالمملكة المغربية" و"خصوصيات عقد البيعة المغربية : قراءة في نماذج وثائقية لبيعات جهات متعددة بالغرب الإسلامي" و"نظام البيعة والحكم الذاتي". وتميزت الجلسة الافتتاحية لهذه الندوة المنظمة بتعاون مع وكالة الانعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالاقاليم الجنوبية للمملكة وولاية ومجلس جهة العيون بوجدور الساقية الحمراء والمجلسين العلمي والبلدي لمدينة العيون بتكريم عدة فعاليات.