تخلد البرازيل، اليوم الجمعة، الموافق للخامس والعشرين من شهر مارس، اليوم الوطني للجالية العربية، الذي تم إقراره بموجب مرسوم رئاسي في غشت من سنة 2008، اعترافا بأهمية الحضور العربي ومساهمته في تقدم البلاد على مستويات عدة. ويتزامن اليوم الوطني للجالية العربية بالبرازيل هذه السنة مع ذكرى مرور حوالي 131 عاما على وصول أولى الدفعات من المهاجرين العرب إلى البلاد، والذين تصل أعدادهم اليوم إلى حوالي 12 مليون عربي أو منحدر من أصول عربية، يستقر أزيد من 5ر2 مليون منهم بولاية ساو باولو، بالجنوب الشرقي للبلاد. وفي إطار الأنشطة المواكبة لهذا اليوم، نظم اتحاد المؤسسات الإسلامية في البرازيل، يوم الإثنين الماضي، حفل تكريم للرئيس البرازيلي السابق، لويز إناسيو لولا دا سيلفا، على مساهمته في التقريب بين بلاده والعالم العربي، لا سيما على المستوى الاقتصادي، حيث ارتفعت المبادلات التجارية بين الطرفين بنسبة 167 بالمائة خلال ولايتيه الرئاسيتين (2002-2010). وقد أشاد الرئيس البرازيلي السابق، في كلمة بالمناسبة، باندماج الجاليات العربية في المجتمع البرازيلي وبمساهمتها في بناء الدولة البرازيلية الحديثة وتنمية مؤسساتها المختلفة وبلوغها مستوى التقدم وصولها لما تعيشه اليوم من تقدم، من خلال تبوء مراكز مهمة في مرافق الدولة، والسياسية منها بالخصوص. شارع "25 مارس" بساو باولو فضاء مرجعي للحضور العربي بالبرازيل يحيل عليه اختيار تاريخ 25 مارس من كل سنة يوما وطنيا للجالية العربية .فهو شارع يمثل أكبر تجمع تجاري بمدينة ساو باولو والبرازيل بشكل عام، حيث استقر به الرعيل الأول من المهاجرين العرب بعد وصولهم إلى البلاد في نهاية القرن التاسع عشر وأصبح بذلك قرينا للحضور العربي. وعند استقرارهم بهذا الفضاء كان معظم المهاجرين العرب يجوبونه كباعة متجولين قبل أن يتحولوا لاحقا إلى تجار كبار وموزعين في العاصمة التجارية للبرازيل، بل وتمكنوا من فتح محلات تجارية بمناطق أخرى من البلاد. لكن، ومع مرور الوقت، أخد بعض التجار العرب يهجرون شارعهم نحو مناطق أخرى بساو باولو، أو تجاه مدن برازيلية أخرى بحثا عن آفاق ثانية للاسترزاق، في ظل توافد مهاجرين من جنسيات مختلفة على الشارع المذكور، خصوصا الكوريين والصينيين الذين بدؤوا هجرة مكثفة إلى البرازيل خلال السنوات الأخيرة. بيد أن الحضور العربي بالبرازيل لم يعد يقتصر اليوم على القطاع التجاري، مثلما كان حال أولى الطلائع المهاجرة، بل امتد لمجالات حيوية أخرى مثل السياسة والتربية والثقافة والطب. وكمثال على ذلك، "المستشفى السوري اللبناني" بساو باولو، وهو الأكبر من نوعه بأمريكا اللاتينية ومن أكثر المستشفيات تطورا على الصعيد العالمي، ويضم خيرة الأطباء سواء البرازيليين أو المنحدرين من أصول عربية. وفي إطار الاحتفال باليوم الوطني للجالية العربية، تقام في البرازيل الدورة الثانية لمهرجان أمريكا الجنوبية للثقافة العربية، الذي تشرف على تنظيمه، سنويا من 18 إلى 31 مارس، "مكتبة مركز بحوث أمريكا الجنوبية- الدول العربية" بساو باولو، والذي يروم التعريف بالثقافة العربية وتسليط الضوء على الإسهامات العربية محليا وإقليميا. ويتميز المهرجان، الذي يحضى بدعم وزارتي الخارجية والثقافة البرازيليتين ومنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة، اليونسكو، على الخصوص، بتنظيم أنشطة فنية وثقافية وأدبية مختلفة، تروم التقريب بين العالم العربي وأمريكا الجنوبية، حسب مدير المكتبة، باولو فرح، وهو برازيلي من أصل لبناني. وأوضح فرح، وهو أيضا أستاذ بجامعة ساو باولو، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن أنشطة المهرجان لهذه السنة على مستوى ولاية ساو باولو والعاصمة برازيليا، تشمل تنظيم لقاءات ومحاضرات وموائد مستديرة تقف عند تاريخ الحضور العربي بأمريكا الجنوبية بشكل عام، والبرازيل بشكل خاص، فضلا عن معارض وحفلات تروم إطلاع البرازيليين على الثقافة العربية بمختلف تلاوينها وتجلياتها. وأضاف أن المكتبة تعمل، بتعاون مع الجهات الداعمة للمهرجان، على توسيع فعاليات هذا الأخير لتشمل خلال الدورات القادمة بلدانا جنوب أمريكية أخرى كما حدث في السنة الماضية عندما امتدت أنشطته إلى كل من الأرجنتين والشيلي . وأشار من جهة آخرى إلى أن الجالية العربية اندمجت بشكل نموذجي في المجتمع البرازيلي، من خلال حضور أفرادها في مختلف المجالات، مذكرا في هذا الصدد بأن الحكومة البرازيلية الحالية تضم خمسة وزراء من أصل عربي، فضلا عن نائب رئيسة البلاد، ميشيل تامر، وهو من اصل لبناني، وعدد من حكام الولايات البرازيلية والأساتذة الجامعيين.