ارتقى الفنان الكبير المغربي عبد الهادي بلخياط في مدارج المديح والابتهال، أمس الخميس، في السهرة الافتتاحية للدورة الثانية من المهرجان العربي للسماع والمديح "مولديات طنجة 2011". وقد كان أداء عبد الهادي بلخياط، الذي يعتبر من بين ألمع المشاركين في هذه الدورة، راقيا حمل المستمعين إلى عوالم من الابتهالات والموشحات التي تنهل من التراث الديني الصوفي المغربي الخالص، فضلا عن بعض الأمداح العربية الأصيلة. وانطلقت تراتيل عبد الهادي بلخياط، الذي رافقته مجموعة الهدى من مدينة طنجة خلال هذا الأداء، بواحدة من بين أشهر أغاني الملحون التراثية المغربية "أنا مالي في آش"، ثم قصيدة "المنفرجة" التي تعتبر من بين خالدات الموشحات الدينية. وجال الفنان الكبير بمستمعيه في هذا المهرجان، الذي يتزامن مع احتفالات ذكرى المولد النبوي الكريم، نحو بعض من الأناشيد الدينية المشرقية من بينها على الخصوص أنشودة "أنتم نور الهداية"، في تناغم مع روح المهرجان الذي يقدم برنامجا غنيا ومتنوعا تتقاطع فيه ابتهالات مغربية وعربية. واختتمت الأمسية الافتتاحية للمهرجان بتوابل مغربية معاصرة وأخرى تراثية أحياها كل من المايسترو نبيل أقبيب والفرقة العيساوية لمدينة فاس بقيادة عبد الله اليعقوبي. ويهدف هذا المهرجان إلى الحفاظ على تقليد يحفظ للهوية المغربية وفير ثرائها ويصون للموروث ما يستحقه من عناية وكبير انتباه من خلال أنشطة تجمع بين الثقافة والفن الراقي وبعض الطقوس الدينية التي تنسج علائق وثيقة بين ماض مجيد وحاضر يتطلع للأفضل. وأكد المدير الفني للمهرجان السيد عبد السلام الخلوفي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الدورة تتميز بإضافة فقرة جديدة تختم بها أماسي المهرجان، وتتمثل في فقرة الصوفية الشعبية المحببة والتي يقبل عليها الجمهور بكثرة، موضحا أن هذه الإضافة ستتميز في مشاركة فرقة الطائفة العيساوية والحمدوشية، ثم فرقة أنغام الليبية التي تستوحي مجموعة من مقاماتها من التراث المغربي. ولاحظ أن مهرجان "مولديات طنجة" عربي في توجهه لكنه بنكهة محلية ووطنية لإرضاء تطلعات الجمهور، ويجسد لنفسه هوية متميزة بين فسيفساء المهرجانات الأخرى بالمغرب، معتبرا أن المهرجان يقدم كل دورة إضافة جديدة وأساليب غناء متنوعة للمحافظة على غنى وتنوع المهرجان. وستحمل ثاني سهرات المهرجان الحاضرين إلى أرض الكنانة مع المنشد المصري حسام صقر،إلى جانبه سيثري الفنان المغربي نور الدين أمين الفائز بجائزة "منشد الشارقة" فقرات هذه الليلة، التي ستتميز أيضا بعرض لفرقة حمادشة بقيادة عبد الرحيم العمراني المراكشي والفرنسي فريديريك كالميس بيو. أما الليلة الثالثة فستتميز بأداء راق لفرقة المنشد عمر صابوني من سورية بمرافقة محمد يحيى حمامي وبدر الدين بوشي، بالإضافة إلى تراتيل من التراث الديني الليبي تقدمها فرقة أنغام للتراث والأمداح الدينية، لتختتم هذه الليلة الروحية بأداء للفرقة البودشيشية. وترك منظمو المهرجان شرف اختتام المهرجان، الذي تنظمه الجمعية المغربية للموسيقى الأندلسية والروحية إلى غاية 27 فبراير، لمجموعة من الفرق المحلية والجهوية لإبراز مكنونات شمال المغرب في هذا الفن الأصيل، تتقدمهم فرقة عيساوة وفرقة أريج الروح للموسيقى والسماع الصوفي ومجموعة الهدى المغربية ومجموعة الفتح للإنشاد والفن الأصيل. وبخصوص البعد الفكري للمهرجان، خصص المنظمون ندوة حول "السيرة النبوية .. ذكرى وعبرة" بمشاركة ثلة من العلماء والباحثين المغاربة،من بينهم رئيس المجلس العلمي المحلي محمد كنون الحسني، ورئيس مؤسسة مولاي عبد الله الشريف للدراسات والأبحاث العلمية عبد الله الشريف وزاني، وآخرون. وستتميز هذه الدورة بانفتاح المهرجان على جمهور مدينة طنجة من خلال عروض مجانية بالمسرح البلدي محمد الحداد لمشاطرة ساكنة المدينة هذه الأجواء الروحانية المفعمة بأريج الأمداح والابتهالات الدينية.