أكد المشاركون في يوم دراسي نظمه حزب الأصالة والمعاصرة، في نهاية الأسبوع الماضي بالجديدة حول "الجهة والنظام الجهوي بالمغرب، أن مبادرة الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية للمملكة تندرج ضمن الدينامية الإصلاحية الشاملة المستمدة من قوة ومن إرادة داخلية للمجتمع والدولة المغربيين". واعتبر المشاركون في هذا اليوم الدراسي، الذي ساهم في إثراء أشغاله، إلى جانب قياديي وأطر الحزب، فعاليات جامعية متنوعة الاختصاصات والمشارب، أن "الأساسي في هذه المبادرة هو انبلاج هذا الاختيار من داخل الأجندة الوطنية واستجابته في الوقت نفسه لوضع خاص بالنسبة للأقاليم الجنوبية للمملكة".
وأفاد تقرير تركيبي لهذا اللقاء، قدم خطوطه العريضة الناطق الرسمي باسم حزب الأصالة والمعاصرة السيد صلاح الوديع أمس الأحد في لقاء تواصلي للحزب بالزمامرة، بأنه تمت أيضا مناقشة سياقات طرح كل من مبادرة الحكم الذاتي والجهوية الموسعة وكذا العلاقة بينهما بالأقاليم الجنوبية للمملكة وكيفية خلق الانسجام في هذين التوجهين مع استحضار خصوصية المنطقة ودور نخبها وعلاقة تلك النخب بالمركز.
وقد ناقش هذا اليوم الدراسي، حسب التقرير، عدة أسئلة تتمحور، أساسا، حول دواعي اختيار الجهوية ومدلولها وحصيلة الجهوية في التجربة المغربية وأي نموذج بإمكانه التجاوب مع خصوصيات وظرفية المغرب سواء من الناحية المؤسساتية أو الاجتماعية.
كما تناولت المداخلات المحاور التاريخية والدستورية والإدارية والمجالية والسوسيولوجية والثقافية للجهة، وعلاقة الجهوية الموسعة بمادرة الحكم الذاتي.
وفي هذا السياق، تم، في الجانب المؤسساتي، اعتبار أن تبني الجهوية يعد خيارا استباقيا ينتمي إلى دينامية داخلية فضلى كما أنه مدخل أساسي لإصلاح بنية الدولة وتطوير وتحديث هياكلها مع ما يترتب على ذلك من تقسيم للصلاحيات بين المركز والجهات.
أما في الشق المرتبط بالمقومات الاقتصادية والاجتماعية للجهة فتم التأكيد على ضرورة ضمان مقومات استمرارية الجهة، ماديا وبشريا، حتى تتمكن من إنتاج الثروة الخاصة بها وتضمن حسن توزيعها، كما تم طرح مسألة "مأسسة التضامن بين الجهات".
وعلى المستوى المجالي، شدد اليوم الدراسي على أهمية قيام التقطيع المستقبلي على مفهوم "أحواض الحياة" التي تنبني على توفر وتكامل المعطيات البشرية والاجتماعية والثقافية والجغرافية والتاريخية في كل جهة مع ضرورة تعميق البحث في الواقع المغربي من حيث مختلف مكونات مجاله الترابي بغية بلورة معايير ملائمة والقيام بتقطيع جهوي مناسب.
وبخصوص صلاحيات الجهات، تمت الدعوة إلى تمكين هذه الأخيرة من صلاحيات متدرجة ضمن مقاربة متفاوتة مع الحفاظ على إمكانية تدخل الدولة لمراقبة المشروعية وضمان انسجام السياسات العمومية وفض النزاعات المرتبطة بالصلاحيات بين المركز والجهة من خلال آليات مخصصة لهذا الغرض.
وفي ارتباط بموضوع النخب المعنية بالتواجد داخل الهيئات الجهوية أكد اليوم الدراسي على تلازم العلاقة بين البناء الجهوي وتأهيل النخب الجهوية، مبرزا أهمية تعزيز قدرات هذه النخب لتستطيع إنجاح مشروع الجهوية الذي يهم الأجيال المقبلة مع التشديد على مسؤولية الأحزاب السياسية في التأطير والتوعية في هذا الجانب.
وقد حظي المجال البيئي أيضا بقسط من مداخلات اليوم الدراسي حيث تم التأكيد على أن البيئة تكتسي أهمية قصوى باعتبارها تصورا استراتيجيا لا نظرة قطاعية فقط وبالتالي فالحفاظ على التوازنات البيئية يعتبر مسألة أساسية ليس فقط للحفاظ على الطبيعة ولكن أيضا للحفاظ على البنيات البشرية المرتبطة بها.
وأشار السيد صلاح الوديع، في معرض تقديمه للتقرير، إلى أن هذا اليوم الدراسي يندرج في إطار سلسلة من اللقاءات قرر حزب الاصالة والمعاصرة تنظيمها "بهدف إشراك الأطر والأعضاء إضافة إلى مهتمين وباحثين، في المجهود الرامي إلى بلورة تصور الحزب في هذا الموضوع الأساسي وخلق نقاش عمومي بمستوى عالي من الجودة في الاقتراحات".
وأعلن عن تخصيص أيام دراسية مماثلة في جهات متعددة من المملكة بمساهمة المنتخبين والأوساط الجامعية والخبراء.