أقيم مساء أمس الثلاثاء بضريح الولي الصالح سيدي محمد بن الهادي بنعيسى بمكناس حفل ديني كبير بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف . وتميز هذا الحفل، الذي يشكل تقليدا سنويا تحييه العاصمة الإسماعيلية بهذه المناسبة ، بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم وإنشادات وابتهالات وأذكار وأمداح نبوية وقراءة البوردة وبكلمة لرئيس المجلس العلمي استحضر فيها مغزى الاحتفال بذكرى مولد المصطفى. حضر الحفل الذي جرى في جو من الخشوع والتقوى، على الخصوص والي جهة مكناس- تافيلالت عامل عمالة مكناس السيد محمد فوزي، ورؤساء المجالس والمنتخبين وممثلو المصالح الخارجية، إلى جانب عدد كبير من حفظة القرآن والفقهاء والأئمة. وفي ختام الحفل، رفعت أكف الضراعة إلى العلي القدير بأن يحفظ أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ويقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن ويشد أزره بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما توجه الحاضرون بالدعاء إلى العلي جلت قدرته بأن يمطر شآبيب رحمته ورضوانه على فقيدي الأمة جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني أكرم الله مثواهما. وضريح الولي الصالح سيدي محمد بن الهادي بنعيسى أو زاويته كانت منذ وفاته محطة بارزة في مكناس كلما حلت بشائر عيد المولد النبوي الشريف للحفاظ على ما كان يقام في حياته من شعائر دينية حيث يحضر الفقهاء من كل حدب صوب لاستذكار المعرفة التي كان يتحلى بها في أصول الدين والفقه وإحياء ليالي صوفية. وتكتسي مكناس بالمناسبة حلة زاهية وتستقبل مريدي الطريقة العيساوية لإحياء موسم هذا الولي الذي اشتهر باسم الشيخ الكامل وعاش في الفترة مابين 1467 و 1526 قضاها في الزهد والتعبد، ونشر الدعوة الإسلامية وتفسير الحديث النبوي وبإقامة حفلات المديح والسماع يشارك فيها المتصوفة والزهاد والناشدين. وترتب الطوائف التي تأتي أيضا من الجزائر وتونس وليبيا وغيرها من أتباع الطريقة بشمال إفريقيا، منذ عقود خلت، بهذه المناسبة في أجواء روحانية متميزة وطقوس خاصة ، زيارة للضريح وحمل "الهدية" التي تمشي في موكب "العادة" ، وهي عبارة عن كسوة مطرزة للضريح. ويصاحب هذه العادة التي يتقدمها المقدمين بموسيقى "عيساوة" التي كانت نشأتها على يد الشيخ الكامل وتستعمل فيها الطبول ، والغيطة والبنادير والنفير إلى جانب حمل الشموع وإطلاق البخور مصحوبة بزغاريد النساء التي تتعالى من أسطح المنازل ومن كل زاوية يمر منها الموكب. وتبدأ "الل`يلة" عند مريدي الطريقة بعد صلاة العشاء و تستمر إلى طلوع الفجر، وتنطلق بتلاوة "حزب الدايم " ، وتنشد فيها الأذكار وتتردد طيلتها الصلاة على النبي المختار(ص)، وتنشد قصائد دينية تتغنى بصفات النبي ( ص) والشوق إلى مقامه، وتتخلل هذه القصائد والأذكار " الفاتحة " و" الدلالة". وكانت القوافل العيساوية في السابق تحيي هذا الموسم سبعة أيام تجوب خلالها محيط الضريح ومختلف شوارع المدينة القديمة من باب الجديد وباب بردعين والسكاكين وظهر السمن وروامزين ، ومحيط الضريح في تجاه سيدي سعيد وباب الخميس إلى ساحة زين العابدين ثم ساحة الهديم.