دعا الرئيس المصري محمد حسني مبارك في افتتاح القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية الثانية، صباح اليوم الأربعاء بمدينة شرم الشيخ، إلى إشراك القطاع الخاص في إنجاز مشاريع البنية الأساسية العربية المشتركة كالربط البري والبحري والسككي وربط شبكات الكهرباء وغيرها. وقال حسني مبارك، الذي يرأس القمة، إن السبيل الوحيد لإنجاز مشاريع البنية الأساسية التي تم إقرارها في قمة الكويت الأولى (سنة 2009) يتمثل في تشجيع القطاع الخاص للمساهمة فيها في إطار شراكة فاعلة "لا غنى عنها" مع الدول والحكومات، مطالبا الأمين العام لجامعة الدول العربية بدعوة ممثلي المؤسسات والصناديق العربية لاجتماع يحدد فيه الأسلوب الأمثل لتحقيق هذه المساهمة وإرساء وتفعيل هذه الشراكة. كما اقترح الرئيس المصري، الذي أكد أهمية حصر أطر واتفاقات العمل العربي المشترك وتقييم مدى نجاحها وطرح مقترحات لتفعيلها، بلورة رؤية عربية مشتركة لسبل التعامل مع الأزمات العالمية المماثلة للأزمة الاقتصادية والعالمية التي ضربت الاقتصاديات العالمية مؤخرا، وكيفية الوقاية منها أو التخفيف من تداعياتها. وتوقف الرئيس المصري أيضا عند مجموعة من التحديات، التي تواجه العالم العربي على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، ومنها على الخصوص تحقيق الأمن الغذائي ومواجهة تداعيات التغيرات المناخية وتعزيز التعاون في مجال الطاقة التقليدية ومصادرها الجديدة والمتجددة بما في ذلك الاستخدام السلمي للطاقة النووية، إضافة إلى استكمال البنية الأساسية الإقليمية، من خلال مشاريع للربط الكهربائي وخط الغاز العربي وشبكات المعلومات والاتصالات، وتفعيل منطقة التجارة الحرة العربية والإرتقاء بها إلى اتحاد جمركي عربي. ومن جهته، أكد أمير دولة الكويت صاحب السمو الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح، في مستهل الجلسة الافتتاحية بصفته رئيس الدورة السابقة، ضرورة مواصلة الجهود والعمل المشترك من أجل تقويم الخلل وحل المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها الدول العربية، والتركيز في الاجتماعات العربية المقبلة على تجسيد هذه الرؤية باعتبارها "علاجا ناجعا لكثير من المشاكل والاحتقانات التي يعاني منها عالمنا العربي اليوم ودفعا لعملنا الاقتصادي والاجتماعي بما يمكننا من التعامل الأمثل مع المشاكل الأساسية التي تعاني منها الأمة العربية". وتوقف أمير الكويت بالخصوص عند المبادرة التي تقدمت بها بلاده في القمة الاقتصادية الأولى، بهدف توفير موارد مالية لتمويل ودعم مشاريع القطاع الخاص والأعمال الصغيرة والمتوسطة في الوطن العربي عبر صندوق أنشئ لهذا الغرض برأسمال قدره ملياري دولار. (يتبع) ونوه الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح باتخاذ الخطوات العملية والاجرائية لتنفيذ هذا المشروع العربي الطموح من خلال تكليف الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي بوضع اللائحة التنفيذية لإطلاق الحساب الخاص بهذه المبادرة، والتي تم إقرارها خلال الاجتماع الأول لوزراء مالية الدول العربية المساهمة فيها بدولة الكويت. وسجل أن الاقتصاد العالمي بدأ يتعافي من أزمة غير مسبوقة تاريخيا في حجمها وشموليتها ووقعها، مشيرا إلى أن هذا المعطى يدعو إلى التفاؤل بإمكانية استغلال هذه الأجواء الإيجابية للعمل سويا من أجل الاستفادة من هذا التعافي النسبي في تحقيق نمو اقتصادي وايجاد السبل الكفيلة للتخلص من الآثار السلبية للأزمة واتخاذ الاحتياطات اللازمة لتجنب أية اهتزازات مستقبلية والاسهام في الجهود الدولية لصياغة نظام عالمي اقتصادي قائم على أسس راسخة توفر الضمان والاطمئنان لمساعي المجتمع الدولي في تحقيق معدلات النمو المطلوبة في اقتصاديات العالم. ومن جانبه، استعرض عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية مؤشرات عن درجات التقدم الجاري في تنفيذ قرارات قمة الكويت بما فيها تلك المتعلقة بالشق الاجتماعي الذي يشمل التشغيل والحد من البطالة والفقر وتطوير التعليم وتحسين الرعاية الصحية. وأشار موسى استنادا إلى تقرير أعده في هذا الشأن، إلى خطة تطوير التعليم في العالم العربي، داعيا إلى اعتماد الآليات الخاصة بتنفيذ هذه الخطة من خلال المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. كما سجل وجود تقدم في معظم الدول العربية في القرى والمدن، فيما يجري حاليا وضع الخطة التنفيذية للاستراتيجية العربية لتطوير الرعاية الصحية الأولية. وبالرغم من أن الأمين العام لجامعة الدول العربية أكد وجود جهود عربية جماعية وجادة تمضي نحو تحقيق التنمية الشاملة، إلا أنه أكد أن الفكر السائد في المنطقة لا يزال يتمركز حول التنمية الوطنية دون ربطها "ربطا كافيا" بالمستوى العربي والإقليمي. وخلص إلى أن تجارب التكتلات الاقتصادية القائمة تحتم على البلدان العربية تطوير عملها المشترك لبناء شراكات عربية جديدة مع مختلف الدول والتكتلات الإقليمية والدولية، مشيرا إلى أن الهزات المجتمعية الكبرى التي تتعرض لها بعض المجتمعات العربية ليست ببعيدة عن موضوع القمة، أي "التنمية الاقتصادية والاجتماعية ودرجة توازنها وتصاعدها وشموليتها وحسن توزيعها". وقد شهدت الجلسة الافتتاحية للقمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية الثانية، إلى جانب تدخلات رؤساء الوفود المشاركة، إلقاء رسالة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للقمة، ومدير البنك الدولي محمود محيي الدين، وممثلو المنتديات التي عقدت على هامش القمة، والتي همت الشباب والمنظمات غير الحكومية ورجال الأعمال.