أجمع المشاركون في سمر فكري ضمن سلسلة "لقاءات الجمعة" التي تحتضنها المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، والذي خصص لآخر إصدارات الراحل إدموند عمران المليح "رسائل إلى نفسي" على أن هذا العمل "تلخيص لكل كتابات المليح". وأوضح المشاركون في هذا اللقاء، الذي نشطته مساء اليوم الجمعة، أمينة عاشور وآسيا بلحبيب، أن إدموند عمران المليح ليس استثناء في تفضيله أن لا يكتب هذه الرسائل بضمير المفرد ، إذ سبقه إلى ذلك العديد من المفكرين كرولان بارت وعبد الله العروي، إلا أن ما يميز مؤلف "رسائل إلى نفسي" (78 صفحة)، الصادر عن دار الفنيك قبل شهور، هو كونه "يلخص كل المسار المتحرك للمليح". واستحضر المشاركون في هذا اللقاء، ومن بينهم عبد الفتاح كليطو ومصطفى الشرقاوي وعيسى إيكن بعضا من محطات حياة المليح الحبلى بالأحداث والوقائع كنشاطه الحزبي (1945)، ثم قطعه مع السياسة (1959)، وتعرضه للاعتقال في سنة 1965 قبل أن يرحل للإقامة في باريس، ثم العودة إلى وطنه سنة 2000. وقد حاول المشاركون في هذا السمر الفكري مقاربة كل هذه المحطات التي أشارت إليها رسائل المليح إلى نفسه، والتي إن لم تصدر إلا هذه السنة، فإن كتابتها بدأت قبل نحو ثلاث عقود في باريس، وحرص فيها المليح على عدم فصل كتابته عن حياته بكافة أبعادها.و"رسائل إلى نفسي" ، كما أبرز المشاركون في هذا اللقاء ، هي نوع من التأملات الفلسفية والفكرية والفنية ، ورؤية المليح لفن الكتابة عن الذات وهي الرسائل التي ارتأى الراحل أن يوجهها "إلى نفسه بصيغة المفرد"، ولكنه عدل عن ذلك "لأن الاحترام اللازم توفره إزاء النفس أضحى عملة نادرة في زماننا". ولاحظ المشاركون أن عمران المليح عندما كتب هذه الرسائل ربما كان يعي أن العمر لن يمهله كثيرا ، لهذا فضل هذه الصيغة في الكتابة والتي عبر من خلالها حيوات كثيرة، نابشا في الذاكرة المغربية والفرنسية التي هو جزء منهما. يشار إلى أن المثقف والروائي والصحافي إدمون عمران المليح المنية قد غادرنا جسديا شهر نونبر الماضي عن سن تناهز 93 سنة ، إلا أن مؤلفاته ستظل علامة منيرة في الذاكرة اليهودية والعربية التي تحتفي بالانسجام الثقافي الذي يتميز به المغرب.