يعد مشروع خط القطار الفائق السرعة طنجة /الدارالبيضاء، الذي رصدت له اعتمادات مالية هامة تقدر ب 20 مليار درهم، تجسيدا آخر لنجاعة سياسة الاوراش الكبرى التي انخرطت فيها المملكة، باعتبارها النهج الأقوم لتحقيق تنمية مستدامة ينتفع بثمارها ربوع الوطن. ويعد هذا المشروع، الأحدث في سلسلة مشاريع عملاقة باشرهاالمغرب، منذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، عرش أسلافه الميامين، من قبيل المركب المينائي طنجة-المتوسط والمشروعين المغربيين للطاقة الشمسية والريحية، وتوسيع شبكة الطرق السيارة والمخططات القطاعية الرائدة في مجالات الفلاحة "مخطط المغرب الأخضر" والصناعة "إقلاع" والصيد البحري "أليوتيس" والسياحة "رؤية"2020"....الخ. وحسب المراقبين، فقد بدأت هذه السياسة الإرادية الطموحة التي تضع المواطن في قلب استراتيجية التنمية المستدامة، تؤتي ثمارها بشكل واضح وملموس، ولا أدل على ذلك من الثقة الكبيرة التي أضحى يتمتع بها المغرب لدى أوساط المال والأعمال عبر العالم، وتدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة على المملكة، ومسارعة الهيئات والمؤسسات المالية العالمية للمساهمة في مختلف الأوراش الكبرى التي انخرط فيها البلد. كما تبرز نجاعة هذه السياسة التنموية الحكيمة في اكتساب الاقتصاد الوطني مناعة وقدرة مكنته من التكيف مع الآثار السلبية والتداعيات الخطيرة للأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، التي هزت اقتصاديات كبرى ظلت إلى وقت قريب مثالا للنماء والاستقرار. وفي هذا الإطار، يمثل مشروع القطار الفائق السرعة الذي سيربط بين مدينتي طنجة والدارالبيضاء، نقلة تنموية أخرى عبر تطوير هيكلي لمنظومة النقل الذي يراعي تعدد الأنماط ومتطلبات التنمية المستدامة من خلال اعتماد تقنية القطار الفائق السرعة التي فرضت نفسها تدريجيا في العالم كأنجع وسيلة للنقل الجماعي للأشخاص على المسافات المتوسطة والطويلة. ويروم المشروع الرفع من القدرة الاستيعابية للشبكة السككية والاستجابة للطلب المتزايد وتسويق منتوج أكثر جودة وتنافسية، فضلا عن مواكبة التطور الهام الذي يعرفه المغرب في المجال الاقتصادي والانخراط في مسلسل إعداد وتهيئة التراب الوطني ومصاحبة الاستراتيجية المسطرة في القطاع السياحي وكذا المساهمة في التنمية المستدامة وتعزيز الخبرة الوطنية وتطوير استعمال التكنولوجيات الحديثة ومصاحبة الاندماج الجهوي والقاري وتشجيع التبادل بين أوربا وافريقيا. وسيساهم هذا المشروع، الذي سيفتح آفاقا جديدة لتطوير منظومة النقل وقطاع النقل السككي بالمغرب، في مواكبة الارتفاع المتزايد الذي يعرفه نشاط نقل المسافرين خاصة على محور طنجة الدارالبيضاء (زائد 70 بالمائة بين 2002 و 2009) ودعم النمو الذي يعرفه القطب الاقتصادي الجديد لطنجة/تطوان بتقليص المسافات بين شمال المملكة وجنوبها، وكذا تحرير طاقة استيعابية إضافية لتسهيل حركة نقل البضائع على هذا المحور (التأثيرات الايجابية لميناء طنجة المتوسط). ومن المرتقب أن يسجل هذا الخط فور تشغيله أواخر سنة 2015 نقل أزيد من 6 ملايين مسافر وتقليص مدة السفر بين مدينتي طنجة والدارالبيضاء إلى ساعتين و10 دقائق عوض 4 ساعات و45 دقيقة وكذا بين مدينتي طنجة والرباط الى ساعة 20 دقيقة بدل 3 ساعات و45 دقيقة. ومن المرتقب أن يسجل هذا الخط فور تشغيله أواخر سنة 2015 نقل أزيد من 6 ملايين مسافر وتقليص مدة السفر بين مدينتي طنجة والدارالبيضاء إلى ساعتين و10 دقائق عوض 4 ساعات و45 دقيقة وكذا بين مدينتي طنجة والرباط الى ساعة 20 دقيقة بدل 3 ساعات و45 دقيقة. ومن المنتظر أن تنتهي الأشغال بمشروع القطار فائق السرعة، الذي سيتم تسويق العرض التجاري لخدمته بتعرفة تنافسية تتماشى والقدرة الشرائية لمستعملي القطار، أواخر سنة 2014 ، لتليها مرحلة التجارب والإختبارات لمدة سنة قبل المصادقة وفقا للمعايير الدولية من أجل تشغيل الخط في دحنبر 2015. وبإحداثه خطا للقطار الفائق السرعة، سيكون المغرب أول بلد عربي-إفريقي يستفيد من نظام متطور وعلى أعلى مستوى من التقدم التكنولوجي في مجال النقل السككي، بما يفتح الباب على مصراعيه لتحقيق منجزات ضخمة في المستقبل. كما سيمكن هذا المشروع الضخم المكتب الوطني للسكك الحديدية من الإنخراط في صف الفاعلين الذين يوفرون خدمة سككية ذات سرعة فائقة. وقد أبرم المكتب في هذا السياق عقدا مع مجموعة "ألستوم" الفرنسية يهم اقتناء 14 قطارا ذو سرعة فائقة من فئة طابقين وذلك بالإستفادة من أحسن شروط المنافسة الدولية، حيث تماثل الأسعار المتضمنة في هذا العقد تلك المطبقة مؤخرا في فرنسا وأوربا وذلك وفقا للمقتضيات الاتفاقية المتعلقة بالمشروع والمبرمة بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية المتعلقة في 22 أكتوبر 2007. ويتكون كل قطار من قاطرتين تحتويان على ثمان عربات إثنتان منها مخصصة للدرجة الأولى وخمسة للدرجة الثانية ومقصف بطاقة استيعابية تصل إلى 533 مقعدا يخصص منها 10 بالمائة للأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة، إضافة لفضائين لمستعملي الكراسي المتحركة أما التصميم الداخلي ينسجم فيه الطابع العصري بلمسة تقليدية ويوفر كل الشروط التي تضمن أعلى مستوى من الراحة والأمان في السفر. وانسجاما مع هذا التوجه، تم وضع مخطط مديري وطني للسرعة الفائقة يشمل شبكة سككية بطول 1500 كلمتر في أفق 2035 تتكون من محورين يضمان خطا أطلسيا ينطلق من طنجة مرورا بالرباط والدارالبيضاء ومراكش والصويرة ليصل إلى أكادير وخط مغاربي. وسيتم إنجاز المخطط في الفترة ما بين 2010 /2035، إذ من المتوقع أن يستفيد منه أزيد من 130 مليون مسافر في أفق سنة 2035.