بقلم عبد الغني عويفية- أشادت مجموعة التفكير الدولية المرموقة "أكسفورد بيزنس غروب" بالسياسة الاقتصادية السليمة التي ينهجها المغرب، معتبرة أنها توفر رؤية واضحة للمستثمرين والشركاء الأجانب للمملكة. وأشار روبرت طاشيما، مدير التحرير المكلف بافريقيا لدى "أكسفورد بيزنس غروب" في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء أن "المغرب استطاع تحقيق نمو اقتصادي مطرد في ظل الأوراش الطموحة التي أطلقها خلال العشر سنوات الأخيرة". +صمود ملفت أمام الأزمة الاقتصادية العالمية+ وقال السيد طاشيما بأن "الاقتصاد المغربي الذي يتوقع نموا بنسبة 4 بالمائة هذا العام، أبان عن صمود ملفت أمام الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، وذلك راجع في المقام الأول إلى الأسس الاقتصادية والمالية المتينة التي يتوفر عليها المغرب". وأوضح هذا الخبير أنه على الرغم من الانخفاض الطفيف الذي سجلته الصادرات لاسيما نحو الأسواق التقليدية بأوروبا، التي تزرح تحت وطأة الأزمة، فإن المغرب نجح في تدارك هذا الانخفاض بفضل النتائج الجيدة التي حققها القطاع الفلاحي، مضيفا أن القدرة التنافسية الواضحة للمغرب في مجالي "الأوفشورينغ" (ترحيل الخدمات) و"الأونشورينغ" ساعدا أيضا في امتصاص التأثيرات الخارجية والتخفيف من حدة تقلب الأسواق العالمية. وفي ذات السياق، سجل المسؤول في "أكسفورد بيزنس غروب" أن المغرب "ما فتئ يعزز أنشطته من أجل جذب المستثمرين"، كما يدل على ذلك قدوم شركات ضخمة إلى هذا البلد من قبيل شركة رونو. فضلا عن شركات نقلت أنشطتها إلى المغرب بغية الاستفادة من المحيط الملائم بالمملكة، الذي تخطى مراحل هامة مقارنة ببلدان المنطقة، ولا سيما في ما يتعلق بتعزيز البنيات التحتية. وذكر أن من بين الميزات الأخرى التي يحظى بها المغرب، منظومة نقل حديثة ويد عاملة مؤهلة ونظام مالي متقدم. +استقرار سياسي وصرامة الإطار التنظيمي+ ومن جهة أخرى، سلط هذا المسؤول الضوء على الاستقرار السياسي للمغرب وصرامة نظاميه التنظيمي والقانوني، باعتبارهما عاملا إضافيا في تعزيز مكانة المملكة لدى المستثمرين. وقال إن "الحكومة المغربية أبلت البلاء الحسن بتقويتها للإطار التشريعي والمؤسساتي"، مشددا على وجاهة مخططات التنمية المعتمدة بالمغرب. كما أن الملاءمة التي أجريت على هذه المخططات -يضيف- كان لها الأثر الكبير في إعطاء المستثمرين العالميين رؤية أكثر وضوحا بخصوص التوجه المستقبلي للبلد. +قطاع مالي متطور+ ويرى هذا المسؤول أن المالية تعتبر أحد القطاعات التي يتوفر فيها المغرب على امتياز تنافسي جلي، إذ يعتبر أن "قطاع المالية المغربي يعد واحدا من القطاعات الأكثر تطورا بإفريقيا"، مشيرا إلى أن "عددا قليلا فقط من البلدان الإفريقية تستطيع منافسة القطاع المالي المغربي، الذي بمقدوره تحقيق اندماج جيد في المنظومة المالية العالمية". وأشار إلى أن القطاع البنكي المغربي حقق نتائج هامة مقارنة مع بلدان المنطقة، وقد تعزز هذا الوضع بحيوية المستثمرين المؤسساتيين المغاربة، مسجلا الحضور اللافت للفاعلين الماليين المغاربة بغرب إفريقيا. وأبرز هذا الخبير في الشؤون الاقتصادية لأفريقيا أن بلدانا من قبيل تونس ومصر يتوافران بلا شك على قطاعات مالية مهمة، بيد أن المغرب يبدو البلد االمؤهل أكثر للربط ماليا بين أوروبا وافريقيا. كما أن المغرب يتوفر على عامل جذب أكبر لتوفره على مركز مالي متطور وإطار تنظيمي متين وصارم ونظام بنكي جيد يتيح الولوج إلى التمويلات. كما أكد الخبير أن التنوع يشكل إحدى النقاط القوية للاقتصاد المغربي، مشيرا إلى أنه إذا كانت الفلاحة تواصل الاضطلاع بدور هام، فإن الخيار الصائب للسلطات المغربية بشأن تنويع الاقتصاد كان له الفضل في جعل البلاد في مأمن من التقلبات التي تعاني منها البلدان التي تعتمد على قطاع محدد كالنفط. وقال السيد طاشيما إن "هذا التنوع يكتسي أهمية أكبر، إذ أنه يخول تعزيز فرص الاستثمار في المغرب"، مستعرضا المشاريع الكبرى التي انطلقت في مجالات الموانئ، والمطارات، والطاقات المتجددة أو التكنولوجيات الحديثة. وأضاف أن "المغرب لديه قدرات هائلة عبر القطاعات"، مبرزا أهمية مخططات التنمية التي فعلها المغرب، بما فيها مخطط المغرب الأخضر، ورؤية 2020 لتطوير السياحة، ومخطط إقلاع. وتابع الخبير قائلا "إن الأمر يتعلق بأطر ملائمة تحدد الأهداف التنموية ضمن رؤية واضحة لا يمكن أن تؤدي إلا إلى تعزيز مكانة البلاد في الساحة الاقتصادية الإقليمية والدولية"، مشيدا بالحكومة المغربية بخصوص التنسيق الذي تنهجه على مستوى تفعيل هذه المخططات الطموحة. +وعي بالتحديات المستقبلية+ بالمقابل، لا ينبغي أن تحجب هذه الإنجازات التحديات التي يواجهها المغرب، حسب السيد طاشيما الذي أكد على إرادة المسؤولين المغاربة في رفعها. وأشار في هذا الصدد إلى الجهود الطموحة التي بذلها المغرب لتطوير الطاقات المتجددة للتخفيف من التبعية إزاء الواردات من المنتجات النفطية. كما حقق المغرب نتائج واعدة لامتصاص البطالة التي تراجعت بفضل تعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة والمشاريع التنموية الواسعة التي انطلقت في العديد من جهات المملكة. وعلى المستوى الاجتماعي، أبرز الخبير وجاهة سياسة التنمية البشرية التي اعتمدتها الحكومة، مشيرا في هذا الصدد إلى برنامج مدن بدون صفيح والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية الطموحة التي خولت محاربة جميع أشكال الإقصاء الاجتماعي وتحسين ظروف عيش السكان. وقال إن المغرب "لديه رؤية واضحة بخصوص الأهداف التي يسعى لتحقيقها ليس فقط في المجال الاقتصادي وإنما أيضا في الشق الاجتماعي والإنساني"، مبرزا كذلك سياسة اللامركزية والجهوية المتدرجة في هذا الإطار من أجل تنمية أكثر توازنا تستفيد منها جميع جهات البلاد. +الانفتاح على الخارج+ وواكب تعزيز القاعدة الاقتصادية للبلاد، حسب السيد طاشيما، استراتيجية انفتاح على باقي العالم عبر تقوية علاقات الشراكة مع العديد من الفاعلين الدوليين، من بينهم الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، وتركيا، والبلدان العربية. واعتبر الخبير أن المغرب، مع مواصلته لجهود تعزيز الشراكات مع هذه المناطق، سيجني أرباحا هامة أيضا عبر تمتين علاقات تعاونه مع بلدان إفريقيا الغربية التي تتوفر على قدرات هائلة للنمو. وقال "إن المغرب يحتل موقعا جيدا للاستفادة من قدرات هذه المنطقة"، مشيرا إلى وجود شركات مغربية في هذا الجزء من القارة الإفريقية. وبخصوص المستقبل، أبرز المسؤول أن جميع المؤشرات تدل على أن المغرب سيواصل جني ثمار سياساته التنموية في السنوات القادمة. ويرتقب أن يكون لتقدم المغرب في الأسواق الأوروبية وقع أكيد بشكل إيجابي على الصادرات المغربية، مما سيؤدي للمزيد من تعزيز موقع المغرب. +(أوكسفورد بيرزنس غروب) مرجع لدى صانعي القرار السياسي والاقتصادي+ وتصدر مجموعة التفكير الدولية (أوكسفورد بيرزنس غروب) تحاليل دورية وتقارير سنوية حول الأسواق الرئيسية الصاعدة. وتوظف تحاليلها للتطورات الماكرواقتصادية كأداة يستنير بها صانعو القرار السياسي والاقتصادي. وطبعت المجموعة، حسب مسؤوليها، تقريرها حول المغرب الذي سيصدر في الأيام القادمة، في أزيد من 60 ألف نسخة، مما يبرز الاهتمام الذي يثيره المغرب في أوساط المستثمرين.