اعتبر مكتب الأبحاث الاقتصادية البريطاني (أكسفورد بيزنس غروب) أن وقع ارتفاع التضخم على النمو الاقتصادي شكل مصدر قلق أكبر من انعكاسات الأزمة المالية االدولية الحالية، وأشاد في هذا السياق، في تقرير نشر يوم الثلاثاء بالإجراءات التي اتخذتها السلطات النقدية المغربية بهدف تشديد السياسة المالية بالبلاد, وقال إن هذه الإجراءات «خطوة في الاتجاه الصحيح»، مذكرا بالقرار الذي اتخذه بنك المغرب القاضي برفع نسبة الفائدة الرئيسية لتصل إلى3.5في المائة. وكان معدل التضخم قد تراجع خلال غشت الماضي مقارنة مع شهر يوليوز من 5.1 في المائة إلى 4.8 في المائة، لكن لم يصل إلى المعدل الذي تم تسجيله خلال شهر يونيو والذي بلغ يونيو 4.7في المائة. وأضاف التقرير الذي أعده المكتب أن نسبة التضخم الأساسي التي تابعها بنك المغرب عن قرب قد تسارعت بدورها خلال شهر غشت لتصل إلى4.4 في المائة مقابل4 في المائة في شهر مارس. وعزت المؤسسة البريطانية قرار بنك المغرب برفع معدلاته إلى مخاطر ارتفاع معدل التضخم الذي كان يتجاوز الهدف السنوي المحدد 2.3 في المائة الذي حددته الحكومة مشيرة إلى أن التحكم في ارتفاع الأسعار يشكل هدفا أساسيا للسياسة الحكومية التي تتوقع معدلا سنويا بنسبة 2.5 في المائة في السنة االقادمة و2.3 في المائة في2010 و2.1 في المائة في2011 . وذكرت المؤسسة بقرار الحكومة القاضي بمضاعفة مبلغ الدعم إلى3.9 مليار دولار خلال السنة المنقضية لمحاولة تطويق ارتفاع أسعار المواد الغذائية والنفط. وبخصوص الأزمة المالية التي تهز أوروبا أشارت المؤسسة البريطانية إلى أن نمو السوق الأوروبية التي تشكل السوق الرئيسي للتصدير بالنسبة للمغرب سيعرف تباطؤا خلال السنتين القادمتين. وأكد المكتب أن المغرب شهد نموا بنسبة 2.2 في المائة خلال السنة الماضية رغم الظرفية غير المواتية، مما يبرر من حيث المبدأ جمود معدلات الفائدة. وبالرغم من ذلك، فإن بنك المغرب، حسب مؤسسة «أكسفورد بيزنس غروب» لم يقلل من الإجراءات الاحترازية لمواجهة التضخم، ملاحظة أنه في غياب ارتفاع المعدلات فإن مجلس البنك المركزي يخشى بروز دورة من التضخم قد تؤثر على آفاق النمو على المدى الطويل. ونقلت (أكسفورد بيزنس غروب) عن البنك المركزي أن مجلس البنك يعتبر أنه من الضروري تجنب تأثير الدورة الثانية من التضخم وذلك بالحد من المخاطر على استقرار الأسعار على المدى المتوسط وذلك من أجل المحافظة على القدرة الشرائية والشروط اللازمة لنمو دائم. وأضافت أن عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، كان قد قدم تشخيصا أوليا للمؤسسة معتبرا أن التضخم يشكل خطرا أكبر على الاقتصاد من الأزمة المالية العالمية ونقل عن المسؤول المغربي قوله خلال آخر مؤتمر صحفي أنه «في الوقت الراهن, فإن التضخم يشكل مصدر قلق بالرغم من تشديد المراقبة». وتابع والي بنك المغرب «لم نتضرر من الأزمة المالية العالمية (...) ولسنا معنيين بالأزمة العقارية وإن أبناكنا ليس لديها هذا النوع من الأصول» واعتبرت المؤسسة البريطانية أنه إذا كانت آثار الأزمة العقارية قد أصابت الاقتصاد العالمي، فإن والي بنك المغرب كان محقا عندما أثار ارتفاع الأسعار كهاجس رئيسي، مبرزة أنه، وكما تشير الى ذلك الأرقام التي نشرها البنك المركزي والحكومة المغربية فإنه من المنتظر أن يصل معدل النمو هذه السنة إلى6.8 في المائة, وهو ما يستبعد وجود وضعية أزمة. وقال المصدر ذاته أنه «إذا تمت معاينة علامات لانحسار ضغوط التضخم تحت تأثير انخفاض أسعار النفط وموسم فلاحي أفضل يمكن أن يضمن أسعارا معتدلة فقد أشار بنك المغرب إلى أنه سيظل «يقظا إزاء تطور مخاطر التضخم خلال الشهور المقبلة» قبل أن يخلص الى أن «توخي الحذر وتشديد السياسة النقدية للمغرب يشكلان خطوة في الاتجاه الصحيح».