عاش لبنان وما يزال على إيقاع احتفاليته (بيروت عاصمة عالمية للكتاب لعام 2009) التي قررتها منظمة (اليونسكو) عرفانا بمكانة هذه المدينة عبر التاريخ في إشعاع الثقافة والفكر في المنطقة العربية وخارجها. - إعداد الحسين البوكيلي- وبيروت، وكما هو معروف عنها ، تنشر ليقرأ العرب بالنظر للدور الريادي لدور نشرها ومجلاتها الرصينة في نشر المعرفة على نطاق واسع حيث يدين العديد من المبدعين العرب على اختلاف مجالات اهتمامهم في المشرق والمغرب على السواء لهذه الدور والمجلات في التعريف بهم والترويج لهم في الساحة الثقافية العربية خاصة في الخمسينات والستينات عندما كانت حركة النشر في أغلب الدول العربية محدودة وتحد منها مشاكل عدة.
وجاء قرار منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) كعرفان للبنان وعاصمته بيروت بالدور الذي لعبه على مر التاريخ في نشر المعرفة خاصة وأن الأبجدية انطلقت من جبيل .
وتجندت أكثر من جهة رسمية وخاصة من منظمات المجتمع المدني للاحتفاء بهذا التقدير الذي يقل نظيره فعاشت بيروت وما زالت تعيش على إيقاع الثقافة بكل صنوفها ومكوناتها بهدف إيصال المعرفة والرقي بالذوق الفني لاوسع شريحة من المجتمع .
وفضلا عن عشرات الأنشطة التي تشرف عليها وزارة الثقافة من خلال لجنة الاحتفالية والتي تهم مناطق وبلدات ومدنا خارج العاصمة من خلال القيام بعدة أنشطة وتشجيع المطالعة وفتح المزيد من المكتبات العامة وتشجيع التلاميذ وتحبيب الكتاب لهم فإن بيروت عرفت في الاشهر الاخيرة عدة تظاهرات ذات طابع وطني وإقليمي وعربي ودولي .
فخلال هذه السنة احتضنت بيروت الدورة ال16 لمعرض الكتاب الفرنكفوني الذي أصبح موعدا سنويا ينتظره جمهور المثقفين والفرنكفونيين منهم على الخصوص .
وعرف معرض هذه السنة، فضلا عن عرض الكتب وإقامة ندوات ولقاءات مع الكتاب، مشاركة عدة أسماء بارزة عالمية في مجال الابداع كان في مقدمتها صاحب جائزة نوبل للاداب الكاتب الفرنسي لوكليزيو الذي قدم مع ثلة من الكتاب الفرنكفونيين على متن سفينة ثقافية (عوليس) الرحلة التي أشرف عليها الكاتب الفرنسي دانييل روندو ( سفير فرنسا في قبرص حاليا) وضمت عدة أسماء من قبيل أدونيس وصلاح ستيتية وروبير صولي.
وكانت الرحلة الفريدة رحلة رمزية (توقفت في موانىء تونس وليبيا والاسكندرية ثم حطت في بيروت) أدبيا وسياسيا لكي تعيد، على ضفتي المتوسط ، إحياء الافكار والكلمات التي تجمع الناس في هذه المنطقة الحيوية من العالم.
وبعد أسابيع قليلة فقط نظم معرض آخر أكثر شمولبة هو (معرض بيروت العربي الدولي للكتاب) (11-24 دجنبر) في دورته ال53 والذي يعد أقدم معارض الكتب في المنطقة العربية.
ولتزامن هذه الدورة مع احتفالية (بيروت عاصمة عالمية للكتاب لعام2009) حرص منظمو المعرض على أن تأتي هذه الدورة مختلفة نوعيا عن سابقاتها.
لذلك شهد المعرض العديد من الانشطة واستقدم أسماء فكرية وسياسية بارزة للارتقاء بجمهور القراء والمهتمين ورواد المعرض عموما.
ولعل ما شد اهتمام الوسط الثقافي في هذا المجال تنظيم أول لقاء جمع نخبة من الروائيين العرب شاركوا في أول ملتقى من نوعه هو (ملتقى الروائيين العرب) وشارك فيه عدة روائيين ونقاد وباحثين عرب منهم الأديب المغربي محمد برادة .
روشهدت بيروت ندوات ومؤتمرات أدرجت في إطار الاحتفالية منها (منتدى تحفيز الإبداع) الذي أقيم في إطار الاجتماع التنسيقي الاقليمي العربي الخامس الذي نظمته المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) بتعاون مع الجامعة العربية، وهو الاجتماع الذي عرف مشاركة مكثفة من المعنيين بالموضوع من دول عربية وأجنبية عدة منها المغرب وممثلي منظمات إقليمية ودولية مهتمة.
وبدورها، قامت العديد من دور المسرح والقاعات السينمائية بالمشاركة في هذه الاحتفالية من خلال إقامة مهرجانات فنية متنوعة.
وفي هذا الصدد، قام المسرحي العراقي المقيم بلبنان جواد الأسدي بالمسرح الذي أقامه في الحمراء ببيروت (مسرح بابل) بتقديم الكاتب الفرنسي الكبير جان جيني من خلال اقتباس أحد أعماله (الخادمات) وتقديمها للجمهور اللبناني بعنوان (الكاتب جان جيني بعيون عربية) .
ومن جهتها، لم تغفل المقاهي الثقافية التي بدأت تعود للظهور في بيروت هذه المناسبة لتحتفي بالخصوص بالمبدعين خاصة الشعراء فأقامت العديد من الامسيات خاصة بالشعراء اللبنانيين البارزين تكريما لهم وبهدف إفساح المجال لهم لقراءة بعض أشعارهم وتقريبها من الجمهور عوض تقديم ذلك في القاعات المغلقة.
وبدورهم، قام مسرحيون شباب بتنظيم عروض مسرحية لعموم الناس وهو ما يعرف ب(عروض الشارع) في إطار (مهرجان بيروت لعروض الشارع) حيث يتم اختيار شارع أو ساحة في حي ما لتقديم عرض أو أكثر فضلا عن تنظيم لقاء للرقص العربي المعاصر شاركت فيه بعض الفرق من لبنان ودول عربية أخرى.
ومن اللقاءات العربية نظمت الجامعة اللبنانية (كلية الاداب) ببيروت (المؤتمر الاول للشعر العربي في المشرق والمغرب) بمشاركة كتاب وباحثين وجامعيين من عدد من الجامعات العربية وخارجها من دول عربية منها المغرب وهو المؤتمر الذي ناقش مواضيع عدة منها (مقاربات مشرقية للشعراء في تونس) و(رؤى مشرقية للشعر المغاربي) و(مقاربات مشرقية للشعر الجزائري) و(رؤى مشرقية لتنوعات مغربية) و(مقاربات مشرقية للشعر المغاربي) و(الشعر المشرقي والتلقي المغربي) فضلا عن شهادات عدد من الشعراء.