تم يوم أمس الخميس تنظيم اللقاء الأول حول الثقافة المغربية، الذي دعت إليه مجموعة من المثقفين، لتدارس الوضع الراهن للثقافة في المغرب، وذلك بالمركز الثقافي أكدال بالرباط. وبعد كلمة التقديم التي ألقاها الكاتب محمد برادة تمهيدا للقاء، تدخل الحاضرون مثمنين هذه المبادرة، ومبدين آراءهم في طريقة تنظيم الحوار على امتداد السنة. وأكدوا على دور الثقافة والمثقفين في بلورة قضايا الوطن وطموح المجتمع إلى تثبيت أسس الديموقراطية وحماية الإبداع. وفي موضوع الأزمة الثقافية الراهنة، طرحت مقترحات متنوعة لتعميق التحليل، مع التطلع إلى أن تؤول سلسلة اللقاءات والحوارات المقبلة إلى تأسيس إطار وطني يمثل قيمة مضافة، ويسهم في بلورة القيم والمقترحات. وذكر المتدخلون بكون المسألة الثقافية تهم المجتمع كما تهم الدولة، ولا تنحصر مسؤوليتها في الوزارة الوصية، ومن تم ضرورة العمل على حماية مكتسبات الثقافة والمثقفين. واتفق الحاضرون على أن يكون موعد اللقاء المقبل في نهاية شهر يناير القادم في موضوع "الاستراتيجية الثقافية الوطنية"، وعبر الجميع عن ضرورة توسيع عدد المشاركين في الحوار، ابتداء من اللقاء المقبل. وقال الكاتب محمد برادة الذي يمثل الجيل الأول من الكتاب المغاربة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن اللقاء جاء نتيجة لوجود شعور مشترك بضرورة فتح حوار حول الوضع الثقافي في المغرب، بعد تحولات كثيرة آلت إلى ما وصفه بنوع من التعثر والتراجع في هذا المجال الحيوي، "ومن الطبيعي أن يكون الحوار وسيلة لاستيعاب التحولات والتفكير في مجاوزة الأزمة". وأضاف أن "ما نتوخاه من هذه اللقاءات هو إسماع صوت المثقفين وتلافي سوء التفاهمات الناتجة عن غياب النقاش والحوار". وأشار إلى أن الجميع أدرك في ذات الآن، أن تحليل المسألة الثقافية، على الرغم مما كتب عنها، ما يزال يحتاج إلى مزيد من التفكير والتدقيق، ومن تم ضرورة تحديد محاور للقاءات المقبلة تلامس الأسئلة الجوهرية المتصلة بالحقل الثقافي، مضيفا أن المتحاورين اتفقوا على تحليل الوضع الراهن وشروط الإنتاج الثقافي واتصال ذلك بجيل المثقفين والمبدعين الجدد، كما شددوا على ضرورة التفكير في أسس استراتيجية للثقافة المغربية تجعل من هذا المجال حقلا للتغيير ولمتابعة كل التحولات من أجل مواجهة أسئلة الثقافة على المستويين المحلي والكوني. وقال إن الموضوع الثالث الذي يحتاج إلى تعميق التفكير فيه، هو علاقة الثقافي بالسياسي والجدلية بينهما، مشيرا إلى أن المتدخلين أضافوا جملة من المحاور ستوزع على المشاركين لإعداد أوراق تطرح الإشكاليات من منظور الحاضر والمستقبل. من جهته يرى الشاعر المغربي الشاب، البالغ من العمر 39 سنة والذي عاد من كندا مؤخرا، ليشرف على رئاسة تحرير قناة إلكترونية تلفزية، أن هذا الحوار عاد إلى "سجالات قديمة بدأت ربما في السبعينات، لكنها الآن تعود بشكل رديء ومكرر". ورغم موقفه ذاك، لم ينف أهمية الإنصات والتواصل والالتقاء حول نقاط حاسمة في تاريخ الثقافة المغربية، "بمعنى يجب إعادة التفكير في صياغة أفكار جديدة ومبتكرة تخرجنا من هذا الانحطاط الثقافي الشامل". وعن سؤال حول طبيعة هذه الأفكار الجديدة التي يريد اقتراحها، قال "أنا أفكر في مؤسسة على شاكلة ما هو موجود في الغرب، كمجلس الآداب والفنون الموجود في مونريال مثلا، إذ ليس له دور سياسي أصلا، بل يتوفر على لجان علمية تضطلع بصناعة الكتاب والترويج له، كما تمنح إقامات للفنانين وورشات ، بمعنى أن هذه المؤسسات تساهم في وثيرة الإنتاج الثقافي دون أي هاجس سياسي أو إيديولوجي". وأضاف أن كيفية اختيار هذه المؤسسة للكتاب أو العمل الفني الذي يمكن أن يقع عليه اختيارها، يعتمد على نبذة مقتضبة لصاحب العمل، فضلا عن شروط علمية مسبقة يُبنى عليها الاختيار. تجدر الإشارة إلى أن هذه المبادرة، لا تتعارض مع مبادرات أخرى موجودة في الساحة الثقافية المغربية.