من المؤكد أن الارتفاع الملحوظ في حجم المبادلات التجارية بين المغرب والولاياتالمتحدة، الذي تضاعف تقريبا منذ دخول اتفاقية التبادل الحر بين البلدين حيز التطبيق في سنة 2006، باتت تمثل مؤشرا آخر على جودة العلاقات الممتازة القائمة بين بلدين يرتبطان باتفاقية سلم وصداقة تعود إلى سنة 1787. والحال أن اتفاقية التبادل الحر الموقعة مع المغرب، وهي الاتفاقية الوحيدة التي تجمع بين الولاياتالمتحدة وبلد إفريقي، قد أبانت عما تختزنه من نفع متبادل للطرفين، وساهمت بشكل ملموس في تقوية العلاقات بين الرباطوواشنطن، من أجل استكشاف مجالات جديدة للتعاون وتنويع المبادلات، ودعم الاستثمار من كلي الطرفين. وبهذا الخصوص، صرح السيد رون كيرك ممثل التجارة الأمريكي أن "الولاياتالمتحدة تولي أهمية كبيرة لعلاقاتها التجارية المتميزة مع المغرب، مثلما يؤشر إلى ذلك اتفاق التبادل الحر الموقع بين البلدين". وأضاف ذات المسؤول أن اتفاقية التبادل الحر تلعب "دورا مركزيا" في مجهودات الحكومتين الأمريكية والمغربية، في أفق إنعاش المبادلات والاستثمارات البينية. + مبادلات تسجل ارتفاعا بنسبة تفوق 147 في المائة + منذ سنة 2006، شهدت المبادلات التجارية بين المغرب والولاياتالمتحدة ارتفاعا تفوق نسبته 147 في المائة، بحيث انتقل حجم المبادلات من 970 مليون دولار في سنة 2005 إلى 4ر2 مليار دولار في سنة 2008. كما سجلت الصادرات المغربية نحو الولاياتالمتحدة ارتفاعا بنسبة 99 في المائة خلال نفس الفترة، بحيث انتقلت من 442 مليون إلى 879 مليون دولار، وفقا لمعطيات وزارة الخارجية الأمريكية. أما الصادرات الأمريكية نحو الأسواق المغربية، فقد انتقلت من 521 مليون دولار في سنة 2005 إلى 5ر1 مليار دولار، وهو ما يمثل ارتفاعا بنسبة 188 في المائة. وفي هذا السياق، أكدت مؤخرا السيدة هولي فاينيارد كاتبة الدولة في الخارجية بالنيابة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن اتفاقية التبادل الحر تكتسي "أهمية كبرى" على اعتبار أن المغرب يمثل، بحكم موقعه الجغرافي الاستراتيجي، بوابة لولوج الصادرات الأمريكية إلى الأسواق الإفريقية والأوروبية وبلدان الشرق الأوسط. + 120 مقاولة أمريكية بالمغرب وإحداث حوالي 90 ألف منصب شغل + بلغت الاستثمارات الأمريكية بالمغرب خلال سنة 2008 ما مجموعه 252 مليون دولار، وهو ما يرفع حجم الاستثمارات الأمريكية بالمملكة إلى حوالي 600 مليون دولار منذ دخول اتفاقية التبادل الحر بين البلدين حيز التنفيذ مابين 2006 و2008. كما مكنت ذات الاتفاقية من استقرار 120 مقاولة أمريكية بالمغرب، وهو ما ساهم في إحداث ما مجموعه 90 ألف منصب شغل قار مباشر وغير مباشر. وتشير معطيات الغرفة التجارية الأمريكية إلى أن الاستثمارات الخارجية المباشرة قد تضاعفت، منذ دخول اتفاقية التبادل الحر حيز التطبيق، لتصل إلى 40 مليار دولار في سنة 2008. ولعل هذا ما جعل السيد دينيس هايتاور نائب كاتب الدولة في التجارة، يصف مؤخرا، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، المناخ العام للاستثمار في المغرب ب"المرضي"، مشددا على "وجود إمكانيات لتحسين هذا المناخ أكثر، ويتعين على البلدين الاستمرار في تسهيل استقرار المقاولات في البلدين، والاسهام في تنمية التجارة البينية". ومن المنتظر في هذا الصدد أن ينتقل وفد تجاري أمريكي إلى المغرب، خلال الربع الأول من السنة المقبلة، في مهمة استطلاع وتأقلم لفائدة المقاولات الأمريكية مع السوق المغربية، والمساعدة على تذليل ما يعترض مناخ المبادلات من صعوبات. + المغرب كأرضية لولوج المستثمرين الأمريكيين للمنطقة + ومن جهته، ما انفك المغرب يولي أهمية بالغة لعلاقاته مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، في إطار اتفاقية التبادل الحر، مثلما أعرب عن ذلك مؤخرا السيد عبد اللطيف معزوز وزير التجارة الخارجية، بمناسبة انعقاد الدورة الثانية للجنة المشتركة من أجل متابعة تطبيق مقتضيات اتفاق التبادل الحر، التي انعقدت خلال شهر نونبر الماضي بالعاصمة الفيدرالية واشنطن. وخلال هذا الملتقى، شدد السيد معزوز على أن المغرب يمثل أرضية لولوج المستثمرين الأمريكيين لأسواق أخرى في المنطقة، على اعتبار أن المملكة وقعت عددا من اتفاقيات التبادل الحر مع بلدان من الاتحاد الأوروبي وتركيا وعدد من البلدان العربية، مما يضمن لها الولوج إلى سوق يبلغ تعداده حوالي مليار مستهلك. يشار إلى أن اتفاقية التبادل الحر، التي تم التوقيع عليها في 15 يونيو 2005 بين المغرب والولاياتالمتحدة، مكنت فور دخولها حيز التطبيق في فاتح يناير 2006 من خلق إعفاء جمركي قيمته 95 في المائة عن المنتوجات الصناعية والاستهلاكية الواردة من كلي الطرفين، علما بأن مقتضيات نفس اتفاقية التبادل الحر تتطلع، خلال العشرية القادمة، إلى الإلغاء الفعلي لمجموع الواجبات الجمركية المستحقة على تكاليف التصدير في كلا البلدين.