قال السيد نور الدين الصايل، المدير العام للمركز السينمائي المغربي، إن مهرجان الفيلم القصير المتوسطي "نجح في توطيد مدينة طنجة كمنبر للمنتوج المتوسطي المبهر". وبهذا المنتوج، الذي "لا يتوفر على كثير من المنابر للتعبير عن نفسه"، يؤكد السيد الصايل، ينافس مهرجان طنجة التظاهرات السينمائية العالمية، فمهرجان الفيلم القصير "ضبط نفسه على المستوى المتوسطي"، إلا أن هذا لا يمنع من أن الدورات المقبلة قد "تبحث عن آفاق أرحب كإدراج ركن خاص بالسينما العالمية، ولكن بتؤدة، فالمهم أن المهرجان يتقدم خطوة خطوة". ولتسليط مزيد من الضوء على هذا الموضوع، قال المدير العام للمركز السينمائي، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء على هامش الدورة الثامنة لهذه التظاهرة السينمائية، إن الأفلام القصيرة الممثلة لضفتي المتوسط "مبهرة" فعلا. فمن بين 53 فيلما التي دخلت غمار المنافسة في الدورة الثامنة (4-9 أكتوبر)، حوالي 40 منها على الأقل تتفرد بمستوى عالي، الأمر الذي سيصعب من مهمة لجنة التحكيم التي يترأسها الكاتب والشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي الذي تربطه بالسينما "علاقة تذوق ونقد حقيقي" والمشغول بالهموم السينمائية. وأثبت المهرجان تألقه كذلك على أصعدة كثيرة، كنجاحه في تحقيق أهدافه بتحفيز إنتاج الأفلام القصيرة في المغرب الذي يصل في الوقت الراهن إلى 80 فيلما. وقد أرجع السيد الصايل هذه "الطفرة" التي مرت بها هذه العملية الإنتاجية إلى كون "المغرب من البلدان العالمية القلائل التي تسهر على أن يمر المخرجون الشباب بمرحلة انتقالية من خلال إنتاج فيلم قصير"، وهو ما يفتح آفاقا رحبة أمام كل الطاقات المغربية الشابة. ومن خصوصيات مهرجان طنجة للفيلم القصير أن فلسفته ترتكز على أن مرحلة الفيلم القصير ما هي إلا مرحلة شباب بالنسبة للسينمائي "يترعرع وينمو فيها"، ويمكن أن نصف هذه المرحلة أيضا، يستطرد السيد الصايل، ب`"لحظة مغامرة" في المسار السينمائي للمخرجين، وهي أيضا مرحلة إدراك "السيطرة على هذه المغامرة". و"أقوى وأوضح نموذج" بالنسبة للمدير العام للمركز السينمائي هو المخرج المغربي محمد مفتكر، الذي واكبه المهرجان منذ البداية والذي فاز شريطه الطويل الأول "البراق" بالجائزة الكبرى للدورة ال`11 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، فمحمد مفتكر "ضبط ميكانيزمات الإنتاج والإخراج" من خلال مروره بهذه المرحلة الانتقالية، مشيرا إلى أن هذه الانتقالية من "مميزات الهيكلة المغربية للسينما". يشار إلى أن لمحمد مفتكر رصيد من ثلاثة أفلام قصيرة، وهي "ظل الموت" و"نشيد الجنازة" و"رقصة الجنين". وإضافة إلى الجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للفيلم حصد شريطه الطويل "البراق" خمس جوائز أخرى هي جائزة النقد وجائزة أفضل صوت وأفضل صورة وأفضل موسيقى أصلية وأفضل تمثيل مناصفة بين الممثلتين ماجدولين الإدريسي والسعدية لديب. وأهمية مهرجان الفيلم القصير المتوسطي بطنجة في هذا الاتجاه بالذات ترجع، حسب السيد الصايل، إلى كونه يطرح أسئلة سينمائية من خلال النقاشات واللقاءات والحوارات، وهي الأسئلة التي يسعى المخرجون الشباب إلى معالجتها فنيا وإبداعيا. وعموما فإن "حوالي 80 في المائة من حالات الأفلام القصيرة ما هي إلا مرحلة انتقالية الى الفيلم الطويل، وهذا لا يمنع، يقول السيد الصايل، من أن هناك مختصين في الفيلم القصير"، إلا أنها "حالات نادرة وتحترم" فالفيلم القصير في حد ذاته "فن مكتمل" وبين الطويل والقصير "صيرورة". وإذا استطاع المغرب من خلال هذه الكمية التي تنتج سنويا من الأشرطة القصيرة (80) أن يربح، على سبيل التقدير، 10 مخرجين فهذا في حد ذاته "مكتسب كبير" للسينما المغربية. ويفسر السيد الصايل هذه الفرضية بجودة الأفلام الخمسة التي اختارتها اللجنة المختصة لتمثيل المغرب في المسابقة الرسمية، فالمبدعين الخمسة يملكون "هوسا إبداعيا ولو بتفاوت إلا أنهم وبهدوء أحيانا وبغليان أحيانا أخرى يتوفرون على إرادة إبداعية ملحة". كما أن الأفلام المغربية القصيرة تتمتع بحضور على الصعيد العالمي وتمثل المغرب تمثيلا مشرفا، وهي فضلا عن ذلك "تحمل صوت الشباب المغربي المبدع بعيدا". يذكر أن الأفلام المغربية المشاركة في المسابقة الرسمية للدورة الثامنة لمهرجان الفيلم القصير المتوسطي هي "ندوب" للمخرج مهدي السالمي، و"الروح التائهة" لجيهان البحار، و"حياة قصيرة" لعادل الفاضلي، و"أبيض وأسود" لمنير عبار ثم "المنحوتة" ليونس الركاب. وسبق للناقد السينمائي المغربي أحمد بوغابة، الذي ترأس لجنة انتقاء هذه الأفلام أن أكد، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنها "ذات مستوى عالي، بالإضافة إلى أنها أعمال فنية لمخرجين شباب تتوفر فيها المهارة السينمائية والفنية والشحنة التعبيرية العالية، كما أنها تناولت مواضيع جيدة منها من يناقش الفن السينمائي في حد ذاته، ومنها من تطرق لمواضيع وأفكار جيدة رغم كون المساحة الزمنية للفيلم القصير محدودة جدا ولا تتجاوز 30 دقيقة كحد أقصى". يشار إلى أن فقرات هذه التظاهرة ستختتم مساء غد السبت بالإعلان عن الأعمال التي ستتوج بأحد جوائز المهرجان الثلاث وهي الجائزة الكبرى للمهرجان، وجائزة لجنة التحكيم، ثم جائزة السيناريو.