دعا الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة السيد محمد بن عيسى، مساء أمس الأربعاء بأصيلة، إلى إقرار "مبادئ التعايش المتبادل بين اللغات والثقافات القطرية"، حتى يتحقق الإثراء المتبادل، معتبرا أن اللغة العربية " ليست خصما للغات التي تساكنت معها في وئام". وأوضح السيد بن عيسى في كلمة خلال افتتاح ندوة حول "حوار الثقافات العربية: الواقع والتطلعات"، التي تنظمها جامعة المعتمد بن عباد في إطار موسم أصيلة الثقافي الدولي، أن ما يمنح ثقافة ما وجودها وهيمنتها هو قوة السياسة والاقتصاد والمعرفة، مشددا على ضرورة الانفتاح المبني على أساس المواءمة مع المقومات الأصيلة. " وهو ما سيسعفنا"، يضيف السيد بن عيسى، " على السير بسرعتين متلازمتين: المضي في الحفاظ وتطوير المقومات والخصوصيات الذاتية، والانفتاح الواعي على الآخر بالاستفادة من جوهر فكر العولمة". وأشار في هذا السياق إلى أن العولمة، التي لا تعترف بالحدود "لكونها آتية على صهوة ثقافة كونية متعالية على الأوطان عابرة للقارات"، من شأنها تعريض الثقافات الوطنية والمحلية للانقراض. ودعت باقي مداخلات الندوة، التي عرفت حضور عدد من المثقفين والمفكرين من العالم العربي، إلى صناعة المشترك الثقافي المتنوع، الذي يضمن من خلال التعدد تجسيد كافة أوجه الثقافة في العالم العربي، معتبرين أن التنميط لا يمكن اختراقه إلا من خلال الإبداع. وأكدت أن الصراع بين الثقافات داخل المجتمع، يعد بالأساس صراعا سياسيا، داعية إلى محو الخلافات من أجل النهوض بالقيم المشتركة وتحقيق النهضة الثقافية، وكذا تسخير الثقافة من أجل توطين التنمية الجهوية. كما تطرق المتدخلون إلى الواقع الذي تعيشه الثقافات العربية، في ظل تحديات كبرى، مستعرضين الدور الحيوي الذي تضطلع به الثقافات الوطنية في خلق التقارب والتواصل بين الشعوب ودحض سياسات التفريق والتباعد التي تتبناها الإيديولوجيات والسياسات المضادة لفعل التواصل، في تهديدها المتزايد للثقافات العربية وخصوصياتها. وتناقش الندوة، التي تختتم أشغالها اليوم، محاور تتناول واقع الثقافات العربية بين المنظور القومي والمنظور القطري والإقليمي، وحوار الثقافات بين المراكز والأطراف، والثقافات العربية في مواجهة العولمة. ويتضمن برنامج الدورة ال25 لجامعة المعتمد بن عباد الصيفية، عددا من الندوات الفكرية، من بينها " محمد عابد الجابري: العقل المفقود" و"الفن المعاصر ضوء الأزمة المالية الحالية"، و"الديبلوماسية والثقافية"، و"الهجرة وحكم القانون في إفريقيا".