أكد الباحث الجامعي المغربي ، محمد مصطفى القباج ، على ضرورة الإقدام على صياغة إستراتيجية ثقافية للمرأة العربية من أجل وضع حد ل"التمييز الثقافي الذي يمارس على المرأة ويحول دون إعمال للشرعية الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان كقيم كونية". وقال القباج ، الذي يشغل منصب مدير تنفيذي لمنظمة " شمال جنوب 21 لحقوق الإنسان وحوار الثقافات" ، التي يوجد مقرها بجنيف، في مداخلة له خلال ندوة حول المرأة العربية اختتمت أشغالها أمس الجمعة بالعاصمة التونسية ، إن صياغة هذه الإستراتيجية " يجب أن تتبلور في مشروع حضاري نهضوي يراد منه استكمال تحرير المرأة في الوطن العربي لإقامة مساواة حقيقية بين الجنسين في جميع الحقوق والواجبات وترسيخ قيم الحرية والعدالة والأمن الاجتماعي، والاجهاز على تراكم التاريخ البعيد والقريب من ممارسات قمع واضطهاد في حق المرأة ". وأضاف أن تفعيل مثل هذه الإستراتيجية يتوقف على جملة من الاشتراطات التي توسع من دائرة الفعالية وتؤمن ظروف النجاح لها ، وتهم بالأساس تحديد الإطار الزمني لتنفيذ الإستراتيجية وخططها العملية وإعداد الموارد البشرية الضرورية للتدبير وتأمين وسائل التنفيذ ووضع خطة إعلامية لمواكبة مراحل تنفيذ هذه الإستراتيجية والفهم الصحيح لمبادئها وأهدافها . ويرى الباحث المغربي أنه على الرغم من المنجزات التي حققتها المرأة العربية في مجال الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية ، فإن منجزاتها في الحقل الثقافي ما زالت "محدودة وباهتة كما وكيفا". وأضاف أن الثقافة في العالم العربي بصيغة المؤنث "مشبعة بممارسات تتميز بثقل الأنوثة، الذي يحدد علاقة الرجال بالنساء"، معتبرا أنه لا يمكن أن تتاح الفرصة للمرأة العربية، كي تسهم في الحياة الثقافية ،بحثا وإبداعا وممارسة ، إلا إذا وقع "الإجهاز الفعلي والجذري على التخلف الثقافي والفكري ، وحيث أن مكانة المرأة متدنية ثقافيا ، فان حظوظها في تطوير مستواها المعرفي تبقى ضعيف جدا". وحسب القباج فإن المرأة العربية لم تفلح ،حتى بعد التعليم، في إكتساب قوة اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية أو ثقافية تعادل ما اكتسبه الرجال ، مشيرا في هذا السياق إلى أن أنماط السلوك الاجتماعي الثقافي تجعل الإمكانات ضعيفة نسبيا أمام الفتيات وتجعلهن يتجهن نحو أنواع التعليم التقني أو العلمي،الأمر الذي يؤدي بالتالي إلى تضاؤل وجودها ودورها في مرافق الحياة المختلفة، وبخاصة منها في دائرة السلطة . ودعا الباحث إلى إدماج ثقافة المرأة ضمن رؤية متكاملة للمجتمع وتنظيمه وطرائق عمله ، مؤكدا ضرورو تكثيف الأنشطة التربوية والإعلامية التي توجه المجتمع بأكمله ليشترك في عملية التغيير المرتقبة وليفيد من كافة الجهود والإمكانات التي يمكن أن تقدمها المرأة للمجتمع ، مذكرا في هذا السياق بأن الإسلام كرم المرأة وسواها بالرجل في الكفاءة والقدرة العقلية والعلمية وفي اكتساب المعرفة والتعامل معها ولم يضع قيودا أمام حقها في أن تتعلم وأن تنتج علما مثلما تنتج عملا وتجدر الاشارة الى أن هذا الاجتماع الذي استمر على مدى يومين وشارك فيه باحثون وخبراء من عدة بلدان عربية، أشرفت على تنظيمه منظمة المرأة العربية بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو).