أكد وزير العدل السيد محمد الطيب الناصري، اليوم الجمعة بافران، أن المغرب منخرط في بناء نظام قضائي قوي وفعال يلعب دوره في ارساء دولة المؤسسات ومواكبة تحديات التنمية. وقال وزير العدل، في كلمة خلال المؤتمر الدولي حول سيادة القانون في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا الذي تحتضنه جامعة الأخوين بمبادرة من مشروع العدالة الدولية، إن المملكة تراهن على التلازم بين بناء دولة الحق والقانون وتوطيد أركان قضاء كفء فعال ونزيه، مسجلا أن التجربة المغربية قطعت أشواطا كبيرة في اصلاح هذا القطاع الحيوي. وأوضح في كلمة تلاها السيد محمد برادة غزيول الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بفاس، أن هذا الإصلاح الذي يروم المساهمة في تفعيل المشروع الحداثي الديموقراطي راعى مجموعة من الثوابت التي تحافظ على هوية القضاء المغربي مع الانخراط، في ذات الوقت، في منظومة المعايير والقوانين الدولية الحديثة. وانبنى اصلاح القطاع -يضيف الوزير- على أساس التوجيهات الملكية الرامية الى تطوير مناهج العمل القضائي وتحديث أدائه كما عكسها الخطاب الملكي السامي لثورة الملك والشعب (20 غشت 2009)، كما حظي بدعم مختلف الفاعلين على الصعيد الوطني وبتشجيع من المؤسسات والبرامج الدولية. واستعرض وزير العدل جملة من التدابير التي اتخذت لجعل القضاء آلية في خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحماية حقوق الانسان. وتوقف في المحور الأول عند الاصلاحات التي همت الإطار القانوني للاستثمار (مدونة التجارة، المحاكم الإدارية والتجارية، قانون حماية الملكية الفكرية والصناعية، قانون المحاكم المالية...)، وفي المحور الثاني عند انخراط الاجتهاد القضائي في تفعيل حماية حقوق الإنسان، ومراجعة نصوص متعلقة بالقانون الجنائي، وايلاء عناية خاصة بالمرأة والطفل، فضلا عن دور القضاء في تخليق الحياة العامة ومحاربة الرشوة. وأبرز السيد محمد الطيب الناصري بالمناسبة التزام المغرب بمواصلة ملائمة التشريعات الوطنية مع المواثيق الدولية وتكريس مبدأ سمو القانون الدولي على القوانين الوطنية. وشكلت كلمة وزير العدل مدخلا لتقديم ملامح التجربة المغربية في مجال تكريس "سيادة القانون" انسجاما مع موضوع المؤتمر الدولي، وهو الاتجاه الذي صبت فيه مداخلة والي ديوان المظالم السيد أحمد العراقي الذي عرض لأهم مهام وصلاحيات الجهاز. وأدرج السيد العراقي إحداث مؤسسة ديوان المظالم في المغرب ضمن أوراش الإصلاح التي تخوضها المملكة، مستلهمة تقاليدها التاريخية في مجال الوساطة والتزامها المتجدد بمبادئ حقوق الانسان. وأبرز والي ديوان المظالم أن هذا الأخير يعمل في استقلال تام عن السلط التشريعية والتنفيذية والتنظيمية،ويفتح باب التظلم أمام جميع المغاربة والمقيمين بدون شرط، كما أنه يسعى الى تشكيل قوة اقتراحية لتعديل النصوص التي قد تضر بمصالح المواطنين أو حقوقهم. وكشف السيد العراقي الذي يتولى رئاسة جمعية الأمبودسمان (الوسطاء) المتوسطيين، أن المغرب قدم مشروع توصية أممية للجمعية العامة حول تفعيل دور الوسيط في حماية حقوق الانسان. ويذكر أن المؤتمر الدولي حول سيادة القانون بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يتواصل على مدى يومين بمشاركة مختصين من ممثلي الحكومات والمحامين والقضاة والفنانين والأكاديميين ورجال الدين وخبراء الصحة والإعلاميين، وذلك في أفق إبداع آليات لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات بخصوص تحديات ولوج العدالة وإطلاق مبادرات مستدامة في مجال تكريس سيادة القانون في المنطقة.